تيلرسون: خطر الحرب في شبه الجزيرة الكورية يلوح بالأفق

نيويورك
ابتسام عازم (العربي الجديد)
ابتسام عازم
كاتبة وروائية وصحافية فلسطينية تقيم في نيويورك. مراسلة "العربي الجديد" المعتمدة في مقرّ منظمة الأمم المتحدة.
28 ابريل 2017
037DE00F-4676-4856-8EA4-0337525EA529
+ الخط -
حذّر وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، من أن خطر الحرب في شبه الجزيرة الكورية يلوح بالأفق، معتبرًا أن تهديد بيونغ يانغ بتوجيه ضربة لجارتيها اليابان وكوريا الجنوبية "حقيقي"، مشيراً إلى أنّ "كل الخيارات يجب أن تبقى مفتوحة إزاءها".

وجاءت أقوال الوزير الأميركي خلال جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي في نيويورك، على مستوى وزراء الخارجية، وترأّسها وزير الخارجية الأميركي، والذي تترأس بلاده مجلس الأمن لهذا الشهر.

وتحدث تيلرسون، خلال الاجتماع، عمّا اعتبره "عجز الجهود الدبلوماسية عن تحقيق أهدافها بوقف البرامج النووية لكوريا الشمالية". وقال إنه "من خلال تفكيك تلك البرامج يمكن تحقيق السلام والاستقرار والازدهار الاقتصادي في شمال شرق آسيا. ولكن مع كل عملية تفجير وإطلاق للصواريخ تدفع كوريا الشمالية العالم نحو النزاع، ويلوح في الأفق خطر الحرب، وخلال فترة قصيرة قد تتمكن كوريا الشمالية من توجيه ضربة لأراضي الولايات المتحدة".

ونوّه في هذا السياق إلى أن "الولايات المتحدة لا يمكنها أن تقف مكتوفة، وذلك ينطبق على البلاد التي يمكن أن تتعرض لضربة من كوريا الشمالية". ورأى أن "النهج الذي تتخذه كوريا الشمالية، في العقود الأخيرة، لا يظهر أنها تنوي تغيير سلوكها".

كما لفت الوزير الأميركي إلى أنّه على مجلس الأمن اتخاذ خطوات استباقية بدلاً من الاكتفاء بردود الأفعال. وحذر من أن بلاده لن تقبل بامتلاك بيونغ يانغ سلاحًا نوويًّا، وأنّ على المجلس التصرف من أجل مقاربة جديدة تشمل زيادة الضغوط الاقتصادية والسياسية. وأضاف أنّ "بلاده لا ترغب في تغيير النظام في كوريا الشمالية ونشر الاضطراب".

وبحسب تيلرسون، هناك ثلاث خطوات يجب اتخاذها لحل المشكلة؛ أولها تنفيذ الدول الأعضاء في الأمم المتحدة قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، مطالبًا، في هذا الإطار، الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالحد من علاقاتها مع كوريا الشمالية، معتبراً أنها تستغل تلك العلاقات لتمويل برامجها بشكل غير مشروع. كما ناشد بزيادة العزلة الماليّة، وفرض عقوبات إضافية.

ثم تحدث عن الصين بشكل مباشر، قائلاً "الصين مسؤولة عن تسعة في المائة من التبادل التجاري مع كوريا الشمالية؛ لذلك فإن دورها مهم، ونطالبها باتخاذ خطوات إضافية". وبيّن أن كل الخيارات متاحة أمام بلاده، وأضاف "علينا أن ندعم كل التدابير بإمكانية التصدي لأفعال كوريا الشمالية من خلال العمل العسكري. نفضل الحل القائم على التفاوض ولكننا ملتزمون في الوقت ذاته بالدفاع عن أنفسنا وحلفائنا ضد أي تهديد من كوريا الشمالية".


في المقابل، حذرت كل من الصين وروسيا من استخدام تدابير عسكرية تصعّد من التوتر في شبه الجزيرة الكورية. ووصف وزير الخارجية الصيني، يانغ يي، اجتماع مجلس الأمن في نيويورك بـ"الضروري" بغية إعادة المسار للحل السياسي. ثم توجّه لوزير الخارجية الأميركي، قائلاً إنّ وضوح موقف بلاده، وتقيدها بإزالة الأسلحة النووية، هو شرط أساسي لتحقيق السلام والاستقرار في شبه الجزيرة، وأكد أن اعتراض الصين على تطوير واقتناء الأسلحة النووية في كوريا الشمالية، لم يتغير. 

وأضاف: "علينا أن نبقى ملتزمين بطريق المفاوضات والحوار. العنف لن يحل الخلافات وسيؤدي لكوارث، والحوار هو الحل المعقول لجميع الأطراف". وتابع "تبين تجربتنا أن الاستقرار ساد كلما تمكنا من تحقيق الحوار، وظهر هذا في السنوات الخمس بين 2003- 2007، واعتماد وثيقتين في هذا السياق، إضافة إلى إعلان 19 سبتمبر/أيلول عام 2005، والذي رسم ملامح متعلقة بالتزام كوريا الشمالية وتخليها عن سلاحها النووي، وهو المرجع الرئيسي لكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة".

كما شدد على ضرورة الالتزام بطريق المفاوضات والحوار، محذراً من استخدام العنف، ومؤكّدًا أن الحل الوحيد والمعقول هو "الحوار وليس الحل العسكري". 

وتطرّق إلى مقترح تقدمت به بلاده من أجل التوصل إلى حل، وإنشاء آلية سلام بالتزامن ما يخدم جميع الأطراف. وأكد أن "مقترح الصين يراعي الأهداف قصيرة وطويلة الأمد، ومنها نزع السلاح لطمأنة الأطراف المختلفة. وهذا يمهد الطريق لنزع السلاح النووي، ويتفق مع قرارات مجلس الأمن ويصب بمصلحة كل الأطراف؛ بما فيها الولايات المتحدة وكوريا الشمالية".


وأقرّ الوزير الصيني بأن المهمة العاجلة هي وضع حد لتطوير الأسلحة النووية، غير أنّه وجّه ردًّا ضمنيًّا على الولايات المتحدة، قائلًا إن "تدهور الوضع في الملف تتحمله جميع الأطراف وليس طرفاً واحداً"، مطالبًا كوريا الشمالية والولايات المتحدة بإظهار الصدق والالتزام بالحوار. وناشد بوقف الخطابات والتصريحات الاستفزازية. وقال إنه "في الوقت الذي نطالب به كوريا الشمالية بوقف تطوير الأسلحة النووية؛ فإنه على الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وقف المناورات العسكرية".

أما مساعد وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف ، فأعرب عن استياء بلاده من التطورات الأخيرة في المنطقة. وقال إن موسكو تدعم قرارات مجلس الأمن ذات الصلة والعودة إلى نظام "عدم الانتشار". ورأى أن كوريا الشمالية لن تتخلى عن أسلحتها طالما أنها تشعر بتهديد، وأن إرسال القوات الأميركية إلى المنطقة لا يساعد في تهدئة الأوضاع.

كذلك، أشار إلى أنّ بلاده ليست الوحيدة التي تنظر إلى تلك التدابير بقلق، مناشدًا كلًّا من الولايات المتحدة وكوريا الشمالية بوقف التصعيد. وفي ما يخصّ العقوبات، اعتبر الدبلوماسي الروسي أنها يجب أن تكون أداة للضغط، وألا تستخدم لخنق كوريا الشمالية اقتصاديًّا. وعقّب على ذلك بالقول: "الأمر ذاته ينطبق على التدابير الأحادية التي تؤدي إلى تدهور كبير في سبل عيش السكان في كوريا الشمالية. بسبب الحظر أصبح من المستحيل شراء الأغذية الضرورية، ناهيك عن الإشكالية المتعلقة بالمصارف، إذ من الصعب الحصول على التمويل للهيئة الأممية، التي ما زالت تعمل في البلاد".

من جهته، وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرس، الوضع في شبه الجزيرة الكورية بـ"الخطر"، وأنّه يمثّل أحد "أخطر الأوضاع أمام الأمم المتحدة". وتحدث عن "تبني مجلس الأمن، عام 1993، قرارًا متعلقاً بالأسلحة النووية، ومطالبته كوريا الشمالية بعدم الانسحاب من المعاهدة الدولية المتعلقة بمنع انتشار الأسلحة النووية"، غير أن بيونغ يانغ، بحسب قوله، ردّت "بالمزيد من التجارب وتسارع أنشطتها. واعتمد مجلس الأمن قرارين بذلك الشأن، واجتمع منذ بداية العام الماضي 11 مرة لنقاش الوضع هناك؛ وفي هذا الوقت بالذات، قامت كوريا الشمالية بتجربتين نوويتين وأخرى لإطلاق صواريخ بالستية وجميعها تشكل انتهاكًا فادحًا لقرارات مجلس الأمن".

وتابع غوتيرس أن الوكالة الدولية للطاقة الذريّة ما زالت عاجزة عن الوصول إلى كوريا الشمالية للتحقق من برنامجها النووي. وقال إن الوكالة مضطرة، بسبب ذلك، إلى اللجوء إلى صور الأقمار الصناعية، وقد لاحظت تحركات وأنشطة في مراكز تخصيب البلوتونيوم، مؤكّدًا، بناء على ذلك، أن الأنشطة النووية مستمرّة. ونوّه إلى أن المسؤولية تقع على عاتق كوريا الشمالية من أجل الامتثال لالتزاماتها الدولية، وفي الوقت ذاته على المجتمع الدولي مضاعفة جهوده لإدارة حالة التوتر، معتبرًا أن غياب التواصل مع بيونغ يانغ ينذر بالسوء.

ذات صلة

الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.
الصورة
سفينة تنتظر شحن البضائع في مقاطعة شاندونغ الصينية، 29 سبتمبر 2023 (Getty)

اقتصاد

يتصاعد جنون الارتياب عالمياً حيال سلاسل التوريد، بعد تفجير الاحتلال الإسرائيلي أجهزة النداء الآلي المحمولة "البيجر" في لبنان، ما يؤرخ لمرحلة تجارية جديدة.
الصورة
بايدن وهاريس  يستقبلان السجناء بقاعدة أندرو العسكرية، 2 أغسطس 2024 (العربي الجديد)

سياسة

استقبل الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس في قاعدة أندروز الجوية، قرب واشنطن، 3 سجناء أفرجت عنهم روسيا بموجب صفقة تبادل سجناء مع الغرب.
الصورة
عمال إنقاذ وجنود أمام مستشفى كييف بعد تعرضه للقصف، 8 يوليو 2024 (Getty)

سياسة

يعقد مجلس الأمن اجتماعاً طارئاً بشأن أوكرانيا على خلفية حادثة تعرض مستشفى للأطفال في كييف لقصف صاروخي، وسط تضارب الروايتين الروسية والأوكرانية