توني بلير وارث السقوط المدوي

22 يوليو 2014
استخدم بلير دوره للتغطية على ممارسات أنظمة استبدادية(Getty)
+ الخط -

أحيا رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، الاثنين، ذكرى مرور عشرين سنة حين تزعم حزب العمال البريطاني. والقى بلير بهذه المناسبة، كلمة مطولة، أكد فيها دعمه لزعيم الحزب الحالي، إد مليباند، لخوضه الانتخابات البرلمانية المقررة في مايو/أيار المقبل.

وتكلم بلير باسهاب عن مستقبل أوروبا، في ظل نتائج الانتخابات الأخيرة لبرلمان الاتحاد الأوروبي، وتطرق الى الشرق الأوسط.
وكما كان متوقعاً، عزا بلير مسؤولية الازمات هناك الى ما وصفه بـ"التطرف" و"الإسلام الراديكالي".

ويرى مراقبون أن بلير كان يريد من وراء هذا الخطاب، الذي ألقاه في مركز "بروجرس" التابع للوبي حزب العمال، الحفاظ على الإرث الذي تركه كرئيس للوزراء لثلاث دورات متعاقبة.

ويؤكد بلير أنه عندما انتخب لأول مرة كرئيس للوزراء في عام 1997، كان تحمل جزءاً من الارث الثقيل الذي تركته له رئيسة الوزراء السابقة، مارغريت تاتشر، وأنه كان يتحتم عليه الاستمرار بالتغييرات الجذرية التي احدثتها سياساتها في بريطانيا. ويقول إنه مع ذلك أجرى الكثير من الاصلاحات في قطاع السكن والتعليم وغيرها من القطاعات.

ويحاول أنصار بلير دحض الانتقادات الموجهة له بقولهم إنها انتقادات وقتية، ويشبهونها بالانتقادات التي وجهت الى  رئيسة الوزراء السابقة، المرأة الحديدية، مارغريت تاتشر، خلال حقبة حكمها. لكنها في وقت لاحق صنّفت انها أعظم من حكم بريطانيا بعد رئيس الوزراء الأسبق، ونستون تشيرتشل. ويدافع هؤلاء عن بلير بالقول إن سياساته احدثت تغييراً جذرياً في بريطانيا، على الرغم من أن جروح الحرب على العراق في 2003، لا تزال مفتوحة.

أما منافسو حزب العمال، من المحافظين وأنصارهم، يصفون شخصية بلير بـ"الزائفة" و"الانانية" و"المخادعة". فهو من دفع البلاد الى غزو العراق، الأمر الذي أدى الى نتائج كارثية، لا تزال عواقبها مستمرة الى يومنا هذا.

وأصبح بلير شخصية مكروهة من قبل تيارات مختلفة، يسارية ويسارية وسطية على حد سواء. ويتهم هؤلاء بلير بأنه أوجد نسخة جديدة من حزب العمال، يطلقون عليه "حزب العمال الجديد"، الذي يصفونه بالعجرفة والتكبر.

وارتبطت باسم بلير صفات ترافقه كظله، منها "مثير النزاعات" و"تاجر حروب". واتهم أخيراً بأنه "لصيق الأغنياء والسياسيين طمعاً باموالهم".

وعلى الصعيد المحلي، ارتبط  بلير باسم المديرة السابقة لـ"نيوز أنترناشونال"، ريبيكا بروكس، التي كانت أحد المشتبه بهم في فضيحة التنصت على اتصالات الهاتفية، بالاضافة الى قضايا فساد.

ولا تزال هناك ملفات قضائية عالقة تطارد بلير باعتباره أحد أركانها، كالاشتباه بتورطه في عقد صفقة سرية مع حزب "شين فين"، الجناح العسكري للجيش الجمهوري الايرلندي، والتي تعرف بقضية "رسائل الافراج". يضاف إلى ذلك القضية المعروفة بـ"لجنة تشيلكوت"، التي يحقق فيها لمعرفة الى أي مدى كان بلير يقدم دعماً للرئيس الأميركي السابق، جورج بوش الابن، في حربه على العراق، والتي من المقرر نشر تفاصيل مراسلات بلير مع بوش حولها  قريباً.

أما دولياً، فيثير بلير، سجالاً لم ينته بعد على خلفية ورود معلومات بأنه عقد صفقات تجارية واستشارية مع دول أجنبية وعربية. يأتي هذا بالتزامن مع تصاعد الانتقادات ضده من قبل العديد من المسؤولين حول سوء أدائه كمبعوث للجنة الرباعية للشرق الأوسط. وهو الدور الذي يفترض أن ينهي واحداً من أكثر الصراعات خطورة في العالم. ويواجه بلير مطالبات بإقالته، وخصوصاً أن هذا المنصب أصبح يتقاطع مع توسّع بلير التجاري في الشرق الأوسط.

ويرى العديد من المسؤولين في بريطانيا أن بلير، استخدم دوره كداعم لقضايا انسانية، للتغطية على ممارسات قادة أنظمة استبدادية وتلميع صورهم أمام العالم. كما باتت الشكوك تحوم حول مصدر أموال بلير وتزايد عدد شركاته، وخصوصاً أنه يتفادى شرح مصدر تمويلها.

في العلن والخفاء، يحمّل بعض أعضاء حزب العمال المعارض بزعامة إد مليباند، زعيمهم السابق، وإرثه المثير للجدل، مسؤولية تناقص شعبية الحزب. بل يذهبون الى القول إن الحزب سيخسر في الانتخابات البرلمانية المقبلة في مايو المقبل بسبب الإرث الثقيل الذي تركه بلير لهم.

دلالات
المساهمون