تتزايد حالات استدعاء مدونين وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي في تونس إلى التحقيق، وتُوجّه إليهم اتهامات، ويُحتجزون، على خلفية كتابات تنتقد مسؤولين رسميين، ما يثير قلق المنظمات الحقوقية، ويطرح علامات استفهام عدّة حول دور القوانين، أو كيفية توظيفها، في قمع حرية التعبير، فضلاً عن تأثيرها على الأشخاص الذين يفرضون رقابة على أنفسهم، خوفاً من الملاحقة.
منظمة "هيومن رايتس ووتش" أفادت في تقرير، نُشر في 25 يناير/ كانون الثاني، بأن 9 مدوّنين على الأقل واجهوا تهماً جنائية، منذ 2017، بسبب تعليقات على منصات التواصل الاجتماعي انتقدوا فيها مسؤولين كباراً واتهموهم بالفساد، أو زُعم أنهم أساؤوا إليهم.
وشملت الاتهامات غالباً "اتهام مسؤولين عموميين بجرائم مرتبطة بوظائفهم من دون تقديم أدلّة تدينهم"، بموجب "الفصل 128" من "المجلة الجزائية" الذي ينص على سجن المخالفين حتى سنتين. كما واجه المدونون اتهامات بموجب "الفصل 86" من "مجلة الاتصالات" الذي يعود إلى حقبة الرئيس التونسي المخلوع، زين العابدين بن علي، ويفرض السجن سنة أو سنتين على كل من "يتعمّد الإساءة إلى الغير أو إزعاج راحتهم عبر الشبكات العمومية للاتصالات"، في صياغة فضفاضة.
وحول توظيف القوانين التي تعود إلى عهد بن علي في استهداف حرية الرأي والتعبير، قال الدكتور في "معهد الصحافة وعلوم الإخبار" والباحث المتخصص في قوانين الإعلام، عبد الكريم الجيزاوي، لـ "العربي الجديد"، إن "الدستور التونسي الذي سُنّ عام 2014، وهو أعلى مرجع قانوني في البلاد، ينصّ في فصله الـ 31 على ضمان حرية الإعلام".
ونص "الفصل 31" في الدستور التونسي على أن "حرية الفكر والتعبير والإعلام والنشر مضمونة، ولا يجوز ممارسة رقابة مسبقة على هذه الحريات".
واعتبر الجيزاوي أن "توظيف نصوص قانونية من خارج سياق النصوص التي تنظم النشر والإعلام في تونس (المرسوم 115) مرفوض وغير مقبول، ويعتبر اعتداء على حرية التعبير وتضييقاً عليها".
اقــرأ أيضاً
وأشار إلى أن استعمال "مجلة الاتصالات" أو "المجلة الجزائية" في محاكمة مدونين "غير مقبول، ولا يستقيم إلا في حالة استعمال الأولى للمساءلة القانونية في معطيات تتعلق بالجوانب التقنية. أما المحتوى الذي يُنشر على المنصات الإلكترونية، فالقانون الذي يطبق فيها هو (المرسوم 115) المنظم لقطاع الإعلام والنشر".
وأعاد تسليط الضوء على مطالبات منظمات المجتمع المدني في تونس بالتنصيص في القانون الأساسي المنظم للقطاع الإعلامي الذي يتمّ الإعداد لصدوره على أنه النص الوحيد الذي يمكن استعماله في قضايا النشر والإعلام كي لا تُستغل نصوص أخرى في فرض عقوبات سالبة للحرية على الصحافيين أو المدونين.
وللمفارقة، فإن هذا الجدل القانوني يُطرح في فترة عرف فيها حضور المدونين تراجعاً كبيراً في المشهد الإعلامي والسياسي التونسي. وربط الإعلامي، محمد رمزي المنصوري، لـ "العربي الجديد"، هذا الواقع الجديد بنجاح الثورة التونسية في تحقيق انفتاح إعلامي، فضلاً عن الارتفاع الملحوظ في مستوى الحريات في البلاد، مقارنة بفترة حكم الرئيس المخلوع.
وأكد المنصوري على دور المدونين البارز في نجاح الثورة التونسية عام 2011، إذ "كانوا صوت الثوّار في زمن التعتيم الإعلامي". لكن بعد الانفتاح الإعلامي وتعدد الإذاعات والتلفزيونات الخاصة التونسية تراجع حضورهم.
تجدر الإشارة إلى أن المدوّن التونسي البارز، عزيز عمامي، كُرم بعد "ثورة الياسمين"، وتولى منصب كاتب الدولة للشباب.
وفي السياق نفسه، أنشأت مجموعة من المحامين التونسيين جمعية "مدونون بلا قيود"، ردّاً على موجة الملاحقات. وقال الكاتب العام في الجمعية، محمد علي بوشيبة، لـ "هيومن رايتس ووتش"، إن وكلاء الجمهورية (المدعون العامون) يستهدفون المدونين الذين لهم عدد كبير من المتابعين على ما يبدو.
ومن المدونين الذين طاولتهم الملاحقات: أمينة منصور التي انتقدت رئيس الحكومة يوسف الشاهد واتهمت موظفاً في الجمارك بالفساد، وأمضت ليلة في السجن، وقد قضت المحكمة الابتدائية في بن عروس بسجنها شهرين مع وقف التنفيذ، وحُددت جلسة الاستئناف ليوم 19 فبراير/ شباط.
وأيمن بن سالمة الذي اتُهم بالإساءة إلى رئيس الجمهورية، ففي 6 فبراير/ شباط الماضي، قضت محكمة ابتدائية في سوسة بسجنه سنة كاملة. وقد استأنف الحكم، لكن محكمة الاستئناف أيّدت الحكم والعقوبة يوم 21 مايو/ أيار. أعاد بن سالمة بعد ذلك استئناف الحكم لأسباب إجرائية، فخففت المحكمة الحكم يوم 6 ديسمبر/ كانون الأول الماضي إلى شهرين سجناً مع وقف التنفيذ.
والصحبي العامري الذي احتُجز مرات عدة، إذ في 3 يناير/ كانون الثاني الماضي، قضت محكمة ابتدائية في تونس العاصمة في قضيتَي تشهير ضدّ وكيلَي الجمهورية عربية بوسلامة ولطفي بن سليمان، وحكمت عليه بالسجن 18 شهراً عن كل قضية، أي ما مجموعه 3 سنوات. وكان العمري قد نشر تعليقاً انتقدهما فيه لعدم فتح تحقيق ضدّ فساد الحكومة.
كذلك وُجّهت اتهامات إلى هشام الماجري وعلاء عبد الظاهر ودالي ماك وسيف المداني، وياسين العياري، وفادي بن صالح، ومحمد ياسين العمري، وجمال الدين الهمامي، ومحمد نعيم الحاج منصور.
منظمة "هيومن رايتس ووتش" أفادت في تقرير، نُشر في 25 يناير/ كانون الثاني، بأن 9 مدوّنين على الأقل واجهوا تهماً جنائية، منذ 2017، بسبب تعليقات على منصات التواصل الاجتماعي انتقدوا فيها مسؤولين كباراً واتهموهم بالفساد، أو زُعم أنهم أساؤوا إليهم.
وشملت الاتهامات غالباً "اتهام مسؤولين عموميين بجرائم مرتبطة بوظائفهم من دون تقديم أدلّة تدينهم"، بموجب "الفصل 128" من "المجلة الجزائية" الذي ينص على سجن المخالفين حتى سنتين. كما واجه المدونون اتهامات بموجب "الفصل 86" من "مجلة الاتصالات" الذي يعود إلى حقبة الرئيس التونسي المخلوع، زين العابدين بن علي، ويفرض السجن سنة أو سنتين على كل من "يتعمّد الإساءة إلى الغير أو إزعاج راحتهم عبر الشبكات العمومية للاتصالات"، في صياغة فضفاضة.
وحول توظيف القوانين التي تعود إلى عهد بن علي في استهداف حرية الرأي والتعبير، قال الدكتور في "معهد الصحافة وعلوم الإخبار" والباحث المتخصص في قوانين الإعلام، عبد الكريم الجيزاوي، لـ "العربي الجديد"، إن "الدستور التونسي الذي سُنّ عام 2014، وهو أعلى مرجع قانوني في البلاد، ينصّ في فصله الـ 31 على ضمان حرية الإعلام".
ونص "الفصل 31" في الدستور التونسي على أن "حرية الفكر والتعبير والإعلام والنشر مضمونة، ولا يجوز ممارسة رقابة مسبقة على هذه الحريات".
واعتبر الجيزاوي أن "توظيف نصوص قانونية من خارج سياق النصوص التي تنظم النشر والإعلام في تونس (المرسوم 115) مرفوض وغير مقبول، ويعتبر اعتداء على حرية التعبير وتضييقاً عليها".
وأشار إلى أن استعمال "مجلة الاتصالات" أو "المجلة الجزائية" في محاكمة مدونين "غير مقبول، ولا يستقيم إلا في حالة استعمال الأولى للمساءلة القانونية في معطيات تتعلق بالجوانب التقنية. أما المحتوى الذي يُنشر على المنصات الإلكترونية، فالقانون الذي يطبق فيها هو (المرسوم 115) المنظم لقطاع الإعلام والنشر".
وأعاد تسليط الضوء على مطالبات منظمات المجتمع المدني في تونس بالتنصيص في القانون الأساسي المنظم للقطاع الإعلامي الذي يتمّ الإعداد لصدوره على أنه النص الوحيد الذي يمكن استعماله في قضايا النشر والإعلام كي لا تُستغل نصوص أخرى في فرض عقوبات سالبة للحرية على الصحافيين أو المدونين.
وللمفارقة، فإن هذا الجدل القانوني يُطرح في فترة عرف فيها حضور المدونين تراجعاً كبيراً في المشهد الإعلامي والسياسي التونسي. وربط الإعلامي، محمد رمزي المنصوري، لـ "العربي الجديد"، هذا الواقع الجديد بنجاح الثورة التونسية في تحقيق انفتاح إعلامي، فضلاً عن الارتفاع الملحوظ في مستوى الحريات في البلاد، مقارنة بفترة حكم الرئيس المخلوع.
وأكد المنصوري على دور المدونين البارز في نجاح الثورة التونسية عام 2011، إذ "كانوا صوت الثوّار في زمن التعتيم الإعلامي". لكن بعد الانفتاح الإعلامي وتعدد الإذاعات والتلفزيونات الخاصة التونسية تراجع حضورهم.
تجدر الإشارة إلى أن المدوّن التونسي البارز، عزيز عمامي، كُرم بعد "ثورة الياسمين"، وتولى منصب كاتب الدولة للشباب.
وفي السياق نفسه، أنشأت مجموعة من المحامين التونسيين جمعية "مدونون بلا قيود"، ردّاً على موجة الملاحقات. وقال الكاتب العام في الجمعية، محمد علي بوشيبة، لـ "هيومن رايتس ووتش"، إن وكلاء الجمهورية (المدعون العامون) يستهدفون المدونين الذين لهم عدد كبير من المتابعين على ما يبدو.
ومن المدونين الذين طاولتهم الملاحقات: أمينة منصور التي انتقدت رئيس الحكومة يوسف الشاهد واتهمت موظفاً في الجمارك بالفساد، وأمضت ليلة في السجن، وقد قضت المحكمة الابتدائية في بن عروس بسجنها شهرين مع وقف التنفيذ، وحُددت جلسة الاستئناف ليوم 19 فبراير/ شباط.
وأيمن بن سالمة الذي اتُهم بالإساءة إلى رئيس الجمهورية، ففي 6 فبراير/ شباط الماضي، قضت محكمة ابتدائية في سوسة بسجنه سنة كاملة. وقد استأنف الحكم، لكن محكمة الاستئناف أيّدت الحكم والعقوبة يوم 21 مايو/ أيار. أعاد بن سالمة بعد ذلك استئناف الحكم لأسباب إجرائية، فخففت المحكمة الحكم يوم 6 ديسمبر/ كانون الأول الماضي إلى شهرين سجناً مع وقف التنفيذ.
والصحبي العامري الذي احتُجز مرات عدة، إذ في 3 يناير/ كانون الثاني الماضي، قضت محكمة ابتدائية في تونس العاصمة في قضيتَي تشهير ضدّ وكيلَي الجمهورية عربية بوسلامة ولطفي بن سليمان، وحكمت عليه بالسجن 18 شهراً عن كل قضية، أي ما مجموعه 3 سنوات. وكان العمري قد نشر تعليقاً انتقدهما فيه لعدم فتح تحقيق ضدّ فساد الحكومة.
كذلك وُجّهت اتهامات إلى هشام الماجري وعلاء عبد الظاهر ودالي ماك وسيف المداني، وياسين العياري، وفادي بن صالح، ومحمد ياسين العمري، وجمال الدين الهمامي، ومحمد نعيم الحاج منصور.