تونس .. ضاعت شعارات "التشغيل والكرامة"

01 مايو 2016
عمال تونسيون يتظاهرون ضد قوانين العمل (Getty)
+ الخط -




يبدو أن الثورة لم تحقق شيئاً للعمال في تونس، رغم أنها رفعت شعارات "التشغيل والكرامة"، ولا يبدو الوضع الاجتماعي في تونس على ما يرام، فلا الحكومة راضية ولا النقابات العمالية سعيدة بما تحقق لأعضائها من مكاسب.
كما تلوح غداة عيد العمال الذي يطلق عليه في تونس "عيد الشغالين"، أزمة جديدة بين حكومة الحبيب الصيد والاتحاد العام التونسي للشغل على خلفية إيقاف القضاء لعدد من نقابيي القطاع الصحي المطالبين بإقالة وزير الصحة سعيد العايدي.
ويشبه المراقبون الوضع الاجتماعي والاقتصادي في العاصمة تونس والمحافظات بالقنبلة الموقوتة القابلة للانفجار في أي لحظة في وجه الحكومة التي لم تجد إلى الآن طريقها إلى فك شفرات أزمة التشغيل ومعالجة الوضعيات المهنية الهشة في جل القطاعات، فضلا عن عجزها في إيجاد الحلول لآلاف الوافدين الجدد على سوق الشغل من خريجي الجامعات أو المسرّحين من قطاعي النسيج والسياحة.

وتنتقد الحكومة هذه الأيام المنحى التصعيدي الذي ينتجه الاتحاد العام التونسي للشغل، ودخول قطاعات حساسة، على غرار الصحة، في إضرابات رغم كل المحاولات التي بذلتها هذه الأخيرة من أجل استرضاء النقابات العمالية على امتداد الأشهر الماضية.
وبالرغم من الوضع الاقتصادي الصعب وتقلص تدفق الاستثمارات المحلية والأجنبية سعت الحكومة إلى تحقيق أغلب المطالب العمالية والاستجابة إلى مطالب زيادة الأجور وهو ما انتقده صندوق النقد الدولي الذي اعتبر كتلة أجور موظفي الحكومة الأرفع في العالم.



وقالت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد عقب زيارتها تونس في سبتمبر/أيلول الماضي أن كتلة الأجور في تونس تعتبر الأعلى في العالم، حيث تمثل 13% من الناتج المحلي، مضيفة أن تونس لم تُوظّف انخفاض أسعار المحروقات في الأشهر الأخيرة للاستثمار، إنّما اختارت توجيهها لزيادة رواتب الوظيفة العمومية.
وتحتاج البلاد وفق تصريحات رئيس الحكومة الحبيب الصيد لوقف نزيف الاحتجاجات العمالية "إلى مال قارون وصبر أيوب".

ومقابل الجهود الحكومية للحد من الإضرابات ومطالب الشغالين، يتهم اتحاد الشغل والنقابات الفتية التي تأسست بعد الثورة، الدولة بالتنصل من تعهداتها وعدم تطبيق محاضر زيادات الأجور وتنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليه سابقاً فضلاً عن التضييق على النقابيين ووجود نية للعودة إلى سياسة العصا الغليظة.
ويصر الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل بوعلي المباركي، على أن منظمته لا ترغب في الدخول في أي صدام مع الحكومة، رافضاً تشويه صورة الاتحاد وتحميله مسؤولية تعطيل العمل في مؤسسات الدولة. كما أكد أن مهمة المنظمة الوقوف إلى جانب العمال وحمايتهم لافتاً إلى أن حقوق الشغالين خط أحمر وفق تصريحه لـ"العربي الجديد" .

وبالرغم من حالة الاحتقان الاجتماعي تقول بيانات رسمية لوزارة الشؤون الاجتماعية إن وتيرة الإضرابات في القطاع العمومي انخفضت بشكل كبير مقارنة بالسنوات الأولى لثورة يناير 2011 التي فجرت موجة من الاحتجاجات الاجتماعية لم تشهدها تونس منذ استقلالها سنة 1956 .
وحسب بيانات وزارة الشؤون الاجتماعية، انخفض عدد الإضرابات خلال الربع الأول من العام الماضي في القطاع الخاص بنسبة 345 مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية و21% مقارنة بسنة 2013 مع انخفاض عدد المؤسسات المعنية بهذه الإضرابات بنسبة 36%.
وفي سياق متصل، تراجع عدد الأيام الضائعة بسبب الإضرابات بنسبة 57% مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية، مقابل ارتفاع بنسبة 12 % في 2013 ، وقد شملت هذه الإضرابات 65 مؤسسة خاصة، منها 22 مؤسسة أجنبية.

وتشكو تونس منذ الثورة ارتفاعاً متزايداً في معدلات البطالة، حيث بلغ في نهاية العام الماضي 15.4% مقابل 13% قبل الثورة. ويعتبر آلاف الشباب وخاصة حاملي الشهادات الجامعية أن الثورة لم تحقق أهدافها، وأن الحكومة لم تلب أحد أبرز مطالب الثورة وهو "التشغيل والكرامة" فيما يرابط المئات من الشباب المعطل في اعتصامات مفتوحة أمام وزارة التشغيل وغيرها من المقرات الأخرى، كما تتكرر بين الفترة والأخرى المصادمات بين الشباب المعطل وسلطات الأمن التي تمنعهم من الاحتجاج أو قيادة المسيرات نحو مقر رئاسة الحكومة.