منذ سبعينات القرن الماضي، اختارت تونس السير في ركب السوق الحرّة والاقتصاد المفتوح. وقد أولت الحكومات التونسيّة المتعاقبة اهتماماً كبيراً لدفع الاستثمار الخاص في البلاد بشقيّه المحليّ والأجنبيّ. حيث جعلت منه رهاناً لتحقيق التنمية الاقتصاديّة والنهوض بشتّى القطاعات. حتى أنه وبعد الثورة، لم تتراجع الدولة عن خيارها في ركوب موجة الاقتصاد الحر، بل سعت إلى تدعيمه وتطوير حجم الاستثمارات في البلاد عبر تشجيع رؤوس الأموال الأجنبيّة والمحليّة رغم صعوبة الوضع السياسيّ والاقتصاديّ.
يشير الخبير الاقتصادي شيحة قحّة الى أهمية دور الاستثمارات الخاصّة في تدعيم النسيج الاقتصاديّ التونسيّ، ويقول لـ"العربي الجديد": "يشغّل القطاع الخاصّ ما يفوق مليوني عامل من إجمالي اليد العاملة التونسيّة في مختلف التخصّصات، وهو ما يخفّف عبء التشغيل عن الدولة ويخفّف من حالة الاحتقان الاجتماعيّ".
ويضيف: "تساهم الشركات والمؤسّسات الخاصّة بنحو 23% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل 17704 ملايين دينار حسب ما جاء في بيانات البنك المركزي التونسيّ لسنة 2013". وتتوزّع هذه الاستثمارات على القطاع الصناعيّ الذي يستحوذ على 2290 مليون دينار من إجماليّ الاستثمارات الخاصّة، بالإضافة إلى القطاع الفلاحيّ الذي حقّق نموّاً يقدّر بـ5.6% خلال السنة الماضية بقيمة تبلغ 1307 ملايين دينار والقطاع السياحيّ الذي يتعافى تدريجيّاً من ارتدادات الاضطرابات الأمنيّة والسياسيّة عقب الثورة".
هذا ويحقّق الاستثمار الخاصّ في قطاع الخدمات نموّاً متواصلاً لم يتأثّر كثيراً بالهزّات التي عرفتها البلاد، إذ تطوّر هذا القطاع سنة 2013 بنسبة 13.5%. ووفق قحة فإنّ تونس تحوّلت إلى وجهة استثماريّة مغرية، خصوصاً للاستثمارات الأجنبية، نظراً لتحسّن مناخ الشفافيّة والتنافسيّة عقب سقوط النظام السابق.
وقد مثّلت الثورة التونسية للكثير من الاقتصاديّين ورؤوس الأموال المحليّة والأجنبيّة هاجساً مرعباً نظراً للفوضى وعدم الاستقرار الأمني والسياسيّ الذي ساد البلاد في الأشهر الأولى من 2011. لكنّ ردّ فعل الحكومات المتتالية والإجراءات المضادة لنزيف هروب الاستثمارات خارج البلاد، أعاد الثقة للمستثمرين وأوقف حالة الانحدار التي عرفتها المؤشّرات الاقتصاديّة للعديد من القطاعات.
ويقول عضو الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة وأحد رجال الأعمال الناشطين في القطاع التجاريّ والتصدير محمد صالح العيّاري إنّ "الدولة عملت عقب الثورة على تحسين مناخ الاستثمار ومنح العديد من الحوافز والتشجيعات للمستثمرين المحليّين والأجانب. إذ وسّعت من مساحة حرية الاستثمار في العديد من القطاعات ووضعت تشريعات واضحة تهدف إلى تبسيط جميع الإجراءات الإدارية ومنح العديد من الفوائد بالنسبة إلى الشركات المصدرة. هذا بالإضافة إلى الامتيازات الجبائيّة وتطوير قدرات موظفي الدولة في تلبية حاجيات المستثمرين بالإضافة إلى توفير حماية قانونية واقعية للمستثمرين وإضفاء مرونة أكبر في سوق الصرف والتحويل".
وفي سياق متصل، يقول رئيس جمعيّة المحاسبين العموميّين والمستشار الجبائيّ نزار قرّافي، إنّ الدولة تعمل على تطوير التشريعات الخاصّة بالاستثمار، فهي تعتبر ركيزة أيّ جهود تهدف إلى جذب الاستثمارات الخارجيّة للبلاد التي تعتبر وسيلة أساسيّة لنقل المعرفة والتكنولوجيا. كما أنّها تساهم بما يقارب 3,5% من إجمالي الناتج المحليّ حسب إحصائيات البنك المركزي التونسي.
وممّا يدعّم مكانة هذه الاستثمارات شمولها لجميع القطاعات تقريباً بأكثر من 3000 شركة متفاوتة الأحجام وبطاقة تشغيليّة بلغت 300 ألف موطن شغل، مثل قطاعات الطاقة والصناعات المعمليّة بقيمة تجاوزت 2.5 مليار دينار في 2012. ويضيف قرافي: "لهذه الاعتبارات، فإنّ الدولة تعمل على إعداد قانون جديد للاستثمار مبني على بساطة الإجراءات والشفافية ويترجم أولويات واضحة لتونس حسب استراتيجيا للاستثمار سيقع تنشيطها بمعية مؤسسات المجتمع المدني".
من جهة أخرى يؤكد أنّ قانون الاستثمار الجديد سيقوم على جملة من المبادئ، منها حرية المبادرة للمستثمرين الأجانب والتونسيين. ووفق قرّافي، إنّ التوجّه العام في الحكومات المتتالية بدأ يركّز أكثر على تشجيع الاستثمار في مجال التكنولوجيا والصناعات ذات القيمة المضافة العالية، وهو ما يترجم رغبة الدولة في تطوير نسيجها الاقتصاديّ.
وفي شأن القطاعات الواعدة، يقول الخبير محمد ياسين السوسي: "إنّ قطاع الخدمات الذي أولته الحكومة الأخيرة اهتماماً كبيراً يبدو قطاعاً واعداً وقادراً على التطوّر بشكل مذهل. وهو ما يترجمه حضور مستثمرين جدد كانوا غائبين عن هذا القطاع، خصوصاً المستثمرين الخليجيّين.
حيث ارتفعت الاستثمارات القطريّة في مجال الخدمات بشكل كبير منذ سنة 2011 حين كانت لا تتجاوز 53 مليون دينار لتبلغ 740 مليون دينار في 2012. كذلك الأمر بالنسبة إلى الكويت والسعوديّة، إذ عملت هذه الدول على تكثيف تواجدها واستثماراتها في تونس، حيث سعت السعوديّة لتدعيم تواجدها عبر بعث ما يزيد عن 36 مشروعاً استثمارياً توزعت بين الخدمات والفلاحة والصناعة. كما تتواجد السعوديّة بقوة في البورصة التونسية من خلال بيت الإيجار السعودي التونسي.
يشير الخبير الاقتصادي شيحة قحّة الى أهمية دور الاستثمارات الخاصّة في تدعيم النسيج الاقتصاديّ التونسيّ، ويقول لـ"العربي الجديد": "يشغّل القطاع الخاصّ ما يفوق مليوني عامل من إجمالي اليد العاملة التونسيّة في مختلف التخصّصات، وهو ما يخفّف عبء التشغيل عن الدولة ويخفّف من حالة الاحتقان الاجتماعيّ".
ويضيف: "تساهم الشركات والمؤسّسات الخاصّة بنحو 23% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل 17704 ملايين دينار حسب ما جاء في بيانات البنك المركزي التونسيّ لسنة 2013". وتتوزّع هذه الاستثمارات على القطاع الصناعيّ الذي يستحوذ على 2290 مليون دينار من إجماليّ الاستثمارات الخاصّة، بالإضافة إلى القطاع الفلاحيّ الذي حقّق نموّاً يقدّر بـ5.6% خلال السنة الماضية بقيمة تبلغ 1307 ملايين دينار والقطاع السياحيّ الذي يتعافى تدريجيّاً من ارتدادات الاضطرابات الأمنيّة والسياسيّة عقب الثورة".
تونس 1 |
هذا ويحقّق الاستثمار الخاصّ في قطاع الخدمات نموّاً متواصلاً لم يتأثّر كثيراً بالهزّات التي عرفتها البلاد، إذ تطوّر هذا القطاع سنة 2013 بنسبة 13.5%. ووفق قحة فإنّ تونس تحوّلت إلى وجهة استثماريّة مغرية، خصوصاً للاستثمارات الأجنبية، نظراً لتحسّن مناخ الشفافيّة والتنافسيّة عقب سقوط النظام السابق.
وقد مثّلت الثورة التونسية للكثير من الاقتصاديّين ورؤوس الأموال المحليّة والأجنبيّة هاجساً مرعباً نظراً للفوضى وعدم الاستقرار الأمني والسياسيّ الذي ساد البلاد في الأشهر الأولى من 2011. لكنّ ردّ فعل الحكومات المتتالية والإجراءات المضادة لنزيف هروب الاستثمارات خارج البلاد، أعاد الثقة للمستثمرين وأوقف حالة الانحدار التي عرفتها المؤشّرات الاقتصاديّة للعديد من القطاعات.
ويقول عضو الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة وأحد رجال الأعمال الناشطين في القطاع التجاريّ والتصدير محمد صالح العيّاري إنّ "الدولة عملت عقب الثورة على تحسين مناخ الاستثمار ومنح العديد من الحوافز والتشجيعات للمستثمرين المحليّين والأجانب. إذ وسّعت من مساحة حرية الاستثمار في العديد من القطاعات ووضعت تشريعات واضحة تهدف إلى تبسيط جميع الإجراءات الإدارية ومنح العديد من الفوائد بالنسبة إلى الشركات المصدرة. هذا بالإضافة إلى الامتيازات الجبائيّة وتطوير قدرات موظفي الدولة في تلبية حاجيات المستثمرين بالإضافة إلى توفير حماية قانونية واقعية للمستثمرين وإضفاء مرونة أكبر في سوق الصرف والتحويل".
وفي سياق متصل، يقول رئيس جمعيّة المحاسبين العموميّين والمستشار الجبائيّ نزار قرّافي، إنّ الدولة تعمل على تطوير التشريعات الخاصّة بالاستثمار، فهي تعتبر ركيزة أيّ جهود تهدف إلى جذب الاستثمارات الخارجيّة للبلاد التي تعتبر وسيلة أساسيّة لنقل المعرفة والتكنولوجيا. كما أنّها تساهم بما يقارب 3,5% من إجمالي الناتج المحليّ حسب إحصائيات البنك المركزي التونسي.
وممّا يدعّم مكانة هذه الاستثمارات شمولها لجميع القطاعات تقريباً بأكثر من 3000 شركة متفاوتة الأحجام وبطاقة تشغيليّة بلغت 300 ألف موطن شغل، مثل قطاعات الطاقة والصناعات المعمليّة بقيمة تجاوزت 2.5 مليار دينار في 2012. ويضيف قرافي: "لهذه الاعتبارات، فإنّ الدولة تعمل على إعداد قانون جديد للاستثمار مبني على بساطة الإجراءات والشفافية ويترجم أولويات واضحة لتونس حسب استراتيجيا للاستثمار سيقع تنشيطها بمعية مؤسسات المجتمع المدني".
من جهة أخرى يؤكد أنّ قانون الاستثمار الجديد سيقوم على جملة من المبادئ، منها حرية المبادرة للمستثمرين الأجانب والتونسيين. ووفق قرّافي، إنّ التوجّه العام في الحكومات المتتالية بدأ يركّز أكثر على تشجيع الاستثمار في مجال التكنولوجيا والصناعات ذات القيمة المضافة العالية، وهو ما يترجم رغبة الدولة في تطوير نسيجها الاقتصاديّ.
وفي شأن القطاعات الواعدة، يقول الخبير محمد ياسين السوسي: "إنّ قطاع الخدمات الذي أولته الحكومة الأخيرة اهتماماً كبيراً يبدو قطاعاً واعداً وقادراً على التطوّر بشكل مذهل. وهو ما يترجمه حضور مستثمرين جدد كانوا غائبين عن هذا القطاع، خصوصاً المستثمرين الخليجيّين.
حيث ارتفعت الاستثمارات القطريّة في مجال الخدمات بشكل كبير منذ سنة 2011 حين كانت لا تتجاوز 53 مليون دينار لتبلغ 740 مليون دينار في 2012. كذلك الأمر بالنسبة إلى الكويت والسعوديّة، إذ عملت هذه الدول على تكثيف تواجدها واستثماراتها في تونس، حيث سعت السعوديّة لتدعيم تواجدها عبر بعث ما يزيد عن 36 مشروعاً استثمارياً توزعت بين الخدمات والفلاحة والصناعة. كما تتواجد السعوديّة بقوة في البورصة التونسية من خلال بيت الإيجار السعودي التونسي.