ولم تكن العملية مفاجئة، في ظلّ جاهزية مختلف وحدات الأمن والحرس والجيش داخل البلاد والمناطق الحدوديّة لتأمين العمليّة الانتخابيّة، وإنجاح المسار الانتخابي على الرغم من كلّ التحدّيات التي تمرّ بها تونس.
ويؤكّد وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو، حالة التأهّب هذه، بتشديده في أكثر من مناسبة، على جاهزيّة قوات من مختلف التشكيلات، قوامها ثمانون ألف عنصر، يتولّى ثلاثة وعشرون ألفاً منهم، تأمين الانتخابات في مراكز الاقتراع والتجميع والفرز ومسالك مرور المواد الانتخابيّة، لتوفير أفضل الظروف لكلّ الناخبين ومختلف الأطراف المتداخلة في العمليّة الانتخابيّة.
وتعدُّ عملية "وادي الليل"، دليلاً على أنّ مختلف الفرق الأمنيّة والعسكريّة على أتمّ الاستعداد لإحباط كلّ محاولات التهديد، التي تستهدف الاستحقاقات الانتخابيّة المقبلة. وتقرّر، على إثر انعقاد خليّة الأزمة، في صلب رئاسة الحكومة التونسيّة، اتخاذ جملة من الإجراءات الوقائيّة، تمّ بمقتضاها إغلاق المعبرين الحدوديين، رأس الجدير والذهيبة ــ وازن مع ليبيا، بدءاً من أول من أمس، الخميس، حتى نهاية اليوم الحالي، باستثناء عبور البعثات الدبلوماسيّة والحالات الاستثنائية المستعجلة، مع فتح المجال أمام المغادرين الليبيين في اتجاه ليبيا.
وترتبط التهديدات الإرهابيّة بالوضع في ليبيا، وتأثيره على تونس، على مستويات عدّة، منها تسلّل الإرهابيين والجماعات المتطرّفة وتهريب الأسلحة عبر الحدود، إضافة إلى الوضع في الشريط الحدودي الغربي مع الجزائر على مستوى محافظات جندوبة والكاف والقصرين.
وكانت وزارتا الدفاع والداخليّة التونسيتين، أعلنتا أن مجموعات مرتبطة بتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، تخطط لتنفيذ هجمات إرهابيّة لاستهداف المسار الانتخابي في البلاد، ما تطلب استدعاء جيش الاحتياط، للمساهمة في تأمين الانتخابات.
وفي المدّة الأخيرة، أحبطت السلطات التونسية، وفق ما أعلنه وزير الداخلية، العديد من المخطّطات الإرهابيّة، على غرار التفجيرات والاغتيالات واستهداف المقرات الأمنيّة والمنشآت العموميّة والخاصة.
ويزداد التضييق على العناصر الإرهابيّة، في مختلف مناطق البلاد، ما أدّى منذ بداية العام الحالي إلى اعتقال حوالي 1500 من المشتبه بتورّطهم في جرائم إرهابيّة، ومن المنتظر أن يمثلوا أمام القضاء طيلة الأسابيع والأشهر المقبلة، وفق ما أعلنه رئيس الحكومة المؤقتة مهدي جمعة، في تصريحه الأخير. ويُسهم إحباط محاولات التهريب في الجنوب التونسي، في عرقلة وصول الاسناد اللوجيستي وتفكيك شبكات تمويل الجماعات الإرهابيّة المتحصّنة في المرتفعات الغربيّة.
وتعكف وزارة الداخلية التونسية، على التنسيق مع الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، عن طريق أربع لجان مختصة بالاستعلام والدعم اللوجستي وتأمين المقرات الانتخابية والهيئات الفرعية، وكذلك على مستوى تأمين مسالك المادة الانتخابية وتوزيعها على مكاتب الاقتراع واسترجاع الصناديق.
وتهدف الخطة الأمنيّة العسكريّة المشتركة، والموضوعة خلال شهر يوليو/تموز الماضي، إلى حماية كافة مقرات الهيئة على المستوى المركزي والجهوي والمخازن، إضافة إلى مراكز الاقتراع والفرز والتجميع وتركيز تشكيلات في مختلف المناطق على أهبّة التدخّل، براً وجواً وبحراً. ويرتكز عمل الوحدات الأمنيّة والعسكريّة المضبوط، وفق الخطة المشتركة على الضربات الاستباقيّة، عبر توفير نسيج أمنيّ في عدة مناطق وقيادات مشتركة بين الحرس والشرطة والجيش وفرق مختصة متأهّبة للتدخل الفوري.
ويرى المتحدّث باسم وزارة الداخليّة، محمد علي العروي، أنّ "محاولات العناصر الإرهابيّة ليست إلا مجرّد تشويش لا أكثر، هدفه إرباك التونسيين وثنيهم عن ممارسة واجبهم الانتخابي"، مشدداً على أنّ "أفضل رد عليهم هو بإقبال التونسيين بكثافة يوم الاقتراع، وتضامنهم وثقتهم في أداء المؤسّستين الأمنيّة والعسكريّة".
وإذا كان الأمن والاستقرار والتصدي للإرهاب في تونس من المشاغل الأساسية للناخبين التونسيين، لكنّ أطياف الشعب التونسي كلّها، وبغضّ النظر عن انتماءاتها، تأمل في أن تمهّد الانتخابات البرلمانيّة والرئاسيّة الطريق لانتقال البلاد إلى الديمقراطيّة.