بين خيارين أحلاهما مرّ، يعيش جزء كبير من الشباب التونسي الذي تضعه الظروف المعيشية بين سندان البطالة ومطرقة العمل في الاقتصاد الموازي بجميع أشكاله في غياب أي ضمانات اجتماعية أو صحية.
وقد أدى توسع الاقتصاد الموازي (غير الرسمي) في السنوات الأخيرة بشكل كبير إلى تطور قدرته على استيعاب الشباب العاطل بما في ذلك خريجي الجامعات، حيث بات هذا الخيار محبذاً لدى بعض الفئات الشبابية التي ترى في التجارة الموازية للسلع القادمة من وراء البحار أو التجارة على الحدود، مصدراً للكسب الوفير الذي لا يحققه العمل الوظيفي.
وقد أثبتت دراسة أجراها مؤخراً مكتب العمل الدولي أن أكثر من 75% من الشبان التونسيين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة يعملون في الاقتصاد الموازي.
وأوضح الخبير المستشار لدى المنظمة الدولية للشغل، "جاك شارمس"، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية "وات" أن الاقتصاد الموازي لا يشمل التهريب فقط، وإنما كافة المشروعات التي لا تكشف بشكل رسمي عمن يعملون لديها.
وبحسب هذه الدراسة التي شملت شباناً من محافظات داخلية وأحياء شعبية قريبة من العاصمة تونس، فإن هؤلاء الشباب يعتبرون أن العمل في الوظيفة العمومية هو الخيار الأمثل بالنسبة إليهم لتحقيق طموحاتهم.
كما يحظى الالتحاق بالوظائف الحكومية بإعجاب الشباب على اعتبار ما يوفره من عوامل الاستقرار والحماية الاجتماعية رغم اعتقادهم بأن الإدارة تفتقد إلى النجاعة المطلوبة بسبب انتشار المحسوبية والرشوة.
ويعيش ما لا يقل عن 60% من شباب المحافظات الحدودية مع الجزائر أو مع ليبيا حسب إحصائيات رسمية، على التجارة غير القانونية والتي تشمل أساساً المحروقات والمواد الإلكترونية والعملة والذهب والتبغ، فيما انخرط جزء آخر مع شبكات الإرهاب الناشطة في تجارة الأسلحة والمخدرات.
وبينت الدراسة أن استحالة الحصول على عمل في القطاع الحكومي هو الذي يدفع الشباب إلى الانخراط في الاقتصاد الموازي.
وعلق الخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي على نتائج هذه الدراسة بأنها تعكس واقع سوق الشغل في تونس مشيراً إلى ان هجرة الشباب نحو الاقتصاد الموازي تؤكد الخلل الحاصل في الاقتصاد التونسي والهوة الكبيرة بين ما تنتجه المؤسسات التعليمية والحاجيات الحقيقية لسوق الوظائف وفق ما صرح به لـ "العربي الجديد".
وأبرز في هذا السياق ضرورة مراجعة المنظومة التعليمية التي تعرضت بدورها إلى انتقاد شديد من قبل المستجوبين، لافتاً إلى أن المنظومة التعليمية الحالية تساهم بشكل كبير في إنتاج مشاريع العاطلين عن العمل الذين يجدون في الاقتصاد الموازي ضالتهم هرباً من شبح البطالة.
ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن ارتكاز الاقتصاد التونسي على الأنشطة ذات القيمة المضافة الضعيفة وتجارة التهريب عبر الحدود من الأسباب المؤدية إلى تطور الاقتصاد الموازي الذي بات يستأثر بأكثر من 50% من الاقتصاد التونسي.
ويرى الخبير الاقتصادي أن السوق الموازية تخلق نوعاً من المنافسة غير المتكافئة وغير الشرعية وهي منافسة قوية مدمرة لنسيج المؤسسات الصغيرة، على اعتبار أن النشاطات الطفيلية لا تتحمل أي عبء سواء كان عبئاً جبائياً أو اجتماعياً، كما أنها نشاطات غير مصرح بها، على العكس من المؤسسات التي تنشط تحت طائلة القانون والتي تكون خاضعة للنظام الجبائي والقوانين المنظمة للنشاط الاقتصادي وشروط الحماية الاجتماعية.
اقرأ أيضا: تونسي يطرق أبواب بريطانيا لإلغاء حظر سائحيها
واستناداً إلى البدوي فإن عدد الخريجين العاطلين حالياً وحسب الوضع الراهن لا يمكن استيعابهم إلا في حدود العام 2020 دون احتساب أفواج الخريجين الجدد المقدرين بنحو 60 ألفاً سنوياً. وكان تقرير حديث للبنك الدولي قد حذر من أن البطالة "تظل مشكلة مهمة" لخريجي مؤسسات التعليم العالي في تونس الذين يمثلون 60% من الوافدين الجدد إلى سوق العمل.
ودعت منظمات رجال الأعمال ومنظمة الشغالين إلى ضرورة فتح حوار شامل حول تغيير السياسة التعليمية والتركيز أكثر على الشُّعب ذات الطاقة التشغيلية العالية والحرف تفادياً لتوافد أفواج جديدة من العاطلين عن العمل من خريجي الجامعات.
ويذهب بعض المختصين إلى أن للاقتصاد الموازي جانباً إيجابياً كالحد من البطالة المقدرة بحدود 15.2% حسب بيانات رسمية حيث تعتبر بطالة أصحاب الشهادات تحدياً حقيقياً يفرض نفسه أمام الحكومة التونسية.
وكانت الحكومة من قبل ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011 تعتمد على سياسة غض النظر عن ظاهرة الاقتصاد الموازي لأسباب اجتماعية، خاصة في المحافظات الداخلية التي تشكو نقصاً كبيراً في المشروعات التنموية، وهو ما أدى إلى تفاقم هذه الظاهرة التي باتت خارجة عن السيطرة لارتباطها بشبكات تهريب دولية تعتمد على قوة المال والسلاح.
وتسعى الحكومة بداية من العام القادم إلى النزول بنسبة الاقتصاد الموازي في تونس من 50% حالياً، إلى 20% بحلول عام 2020، وليصبح الاقتصاد المنظم والمهيكل في حدود 80% عبر مكافحة التهريب والتقليص من انعكاساته على الاقتصاد التونسي.
وتعد استحالة الحصول على عمل في القطاع الحكومي من أهم الأسباب التي تدفع الشباب إلى الاندماج في الاقتصاد الموازي. ويؤكد تقرير مكتب العمل الدولي على عدم إمكانية استيعاب القطاع العمومي للأعداد الكبيرة من العاطلين عن العمل، ما يفرض إدماجهم في القطاع الخاص، فضلاً عن بذل مجهود لتنظيم الاقتصاد الموازي.
وحسب المختصين في الشأن الاقتصادي فإن نسب النمو المعلنة من قبل الحكومة لن تمكن من خلق فرص شغل جديدة باعتبار أن كل نقطة نمو واحدة تمكّن من خلق ما بين 15 و17 ألف فرصة عمل، في حين تتوقع الحكومة أن تنهي السنة الحالية بنسبة نمو في حدود 0.5% مع أمل الرفع في هذه النسبة إلى 2.5% العام المقبل، فيما يتوقع أن يبلغ طابور العاطلين عن العمل 800 ألف العام القادم.
اقرأ أيضا: تونس تطالب ببرنامج إنقاذ دولي بقيمة 25 مليار دولار
وقد أثبتت دراسة أجراها مؤخراً مكتب العمل الدولي أن أكثر من 75% من الشبان التونسيين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة يعملون في الاقتصاد الموازي.
وأوضح الخبير المستشار لدى المنظمة الدولية للشغل، "جاك شارمس"، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية "وات" أن الاقتصاد الموازي لا يشمل التهريب فقط، وإنما كافة المشروعات التي لا تكشف بشكل رسمي عمن يعملون لديها.
وبحسب هذه الدراسة التي شملت شباناً من محافظات داخلية وأحياء شعبية قريبة من العاصمة تونس، فإن هؤلاء الشباب يعتبرون أن العمل في الوظيفة العمومية هو الخيار الأمثل بالنسبة إليهم لتحقيق طموحاتهم.
كما يحظى الالتحاق بالوظائف الحكومية بإعجاب الشباب على اعتبار ما يوفره من عوامل الاستقرار والحماية الاجتماعية رغم اعتقادهم بأن الإدارة تفتقد إلى النجاعة المطلوبة بسبب انتشار المحسوبية والرشوة.
ويعيش ما لا يقل عن 60% من شباب المحافظات الحدودية مع الجزائر أو مع ليبيا حسب إحصائيات رسمية، على التجارة غير القانونية والتي تشمل أساساً المحروقات والمواد الإلكترونية والعملة والذهب والتبغ، فيما انخرط جزء آخر مع شبكات الإرهاب الناشطة في تجارة الأسلحة والمخدرات.
وبينت الدراسة أن استحالة الحصول على عمل في القطاع الحكومي هو الذي يدفع الشباب إلى الانخراط في الاقتصاد الموازي.
وعلق الخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي على نتائج هذه الدراسة بأنها تعكس واقع سوق الشغل في تونس مشيراً إلى ان هجرة الشباب نحو الاقتصاد الموازي تؤكد الخلل الحاصل في الاقتصاد التونسي والهوة الكبيرة بين ما تنتجه المؤسسات التعليمية والحاجيات الحقيقية لسوق الوظائف وفق ما صرح به لـ "العربي الجديد".
وأبرز في هذا السياق ضرورة مراجعة المنظومة التعليمية التي تعرضت بدورها إلى انتقاد شديد من قبل المستجوبين، لافتاً إلى أن المنظومة التعليمية الحالية تساهم بشكل كبير في إنتاج مشاريع العاطلين عن العمل الذين يجدون في الاقتصاد الموازي ضالتهم هرباً من شبح البطالة.
ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن ارتكاز الاقتصاد التونسي على الأنشطة ذات القيمة المضافة الضعيفة وتجارة التهريب عبر الحدود من الأسباب المؤدية إلى تطور الاقتصاد الموازي الذي بات يستأثر بأكثر من 50% من الاقتصاد التونسي.
ويرى الخبير الاقتصادي أن السوق الموازية تخلق نوعاً من المنافسة غير المتكافئة وغير الشرعية وهي منافسة قوية مدمرة لنسيج المؤسسات الصغيرة، على اعتبار أن النشاطات الطفيلية لا تتحمل أي عبء سواء كان عبئاً جبائياً أو اجتماعياً، كما أنها نشاطات غير مصرح بها، على العكس من المؤسسات التي تنشط تحت طائلة القانون والتي تكون خاضعة للنظام الجبائي والقوانين المنظمة للنشاط الاقتصادي وشروط الحماية الاجتماعية.
اقرأ أيضا: تونسي يطرق أبواب بريطانيا لإلغاء حظر سائحيها
واستناداً إلى البدوي فإن عدد الخريجين العاطلين حالياً وحسب الوضع الراهن لا يمكن استيعابهم إلا في حدود العام 2020 دون احتساب أفواج الخريجين الجدد المقدرين بنحو 60 ألفاً سنوياً. وكان تقرير حديث للبنك الدولي قد حذر من أن البطالة "تظل مشكلة مهمة" لخريجي مؤسسات التعليم العالي في تونس الذين يمثلون 60% من الوافدين الجدد إلى سوق العمل.
ودعت منظمات رجال الأعمال ومنظمة الشغالين إلى ضرورة فتح حوار شامل حول تغيير السياسة التعليمية والتركيز أكثر على الشُّعب ذات الطاقة التشغيلية العالية والحرف تفادياً لتوافد أفواج جديدة من العاطلين عن العمل من خريجي الجامعات.
ويذهب بعض المختصين إلى أن للاقتصاد الموازي جانباً إيجابياً كالحد من البطالة المقدرة بحدود 15.2% حسب بيانات رسمية حيث تعتبر بطالة أصحاب الشهادات تحدياً حقيقياً يفرض نفسه أمام الحكومة التونسية.
وكانت الحكومة من قبل ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011 تعتمد على سياسة غض النظر عن ظاهرة الاقتصاد الموازي لأسباب اجتماعية، خاصة في المحافظات الداخلية التي تشكو نقصاً كبيراً في المشروعات التنموية، وهو ما أدى إلى تفاقم هذه الظاهرة التي باتت خارجة عن السيطرة لارتباطها بشبكات تهريب دولية تعتمد على قوة المال والسلاح.
وتسعى الحكومة بداية من العام القادم إلى النزول بنسبة الاقتصاد الموازي في تونس من 50% حالياً، إلى 20% بحلول عام 2020، وليصبح الاقتصاد المنظم والمهيكل في حدود 80% عبر مكافحة التهريب والتقليص من انعكاساته على الاقتصاد التونسي.
وتعد استحالة الحصول على عمل في القطاع الحكومي من أهم الأسباب التي تدفع الشباب إلى الاندماج في الاقتصاد الموازي. ويؤكد تقرير مكتب العمل الدولي على عدم إمكانية استيعاب القطاع العمومي للأعداد الكبيرة من العاطلين عن العمل، ما يفرض إدماجهم في القطاع الخاص، فضلاً عن بذل مجهود لتنظيم الاقتصاد الموازي.
وحسب المختصين في الشأن الاقتصادي فإن نسب النمو المعلنة من قبل الحكومة لن تمكن من خلق فرص شغل جديدة باعتبار أن كل نقطة نمو واحدة تمكّن من خلق ما بين 15 و17 ألف فرصة عمل، في حين تتوقع الحكومة أن تنهي السنة الحالية بنسبة نمو في حدود 0.5% مع أمل الرفع في هذه النسبة إلى 2.5% العام المقبل، فيما يتوقع أن يبلغ طابور العاطلين عن العمل 800 ألف العام القادم.
اقرأ أيضا: تونس تطالب ببرنامج إنقاذ دولي بقيمة 25 مليار دولار