تونس أجمل... حملات شعبية تقودها جمعيات في الأحياء والمدن

06 مارس 2020
حيّ أجمل (العربي الجديد)
+ الخط -
تتزايد في تونس حملات تنظيف الأحياء والمدن وتجميلها. وكثيراً ما نلاحظ تجمعات لمتطوعين وجمعيات مدنية لإزالة النفايات وغرس الأزهار والأشجار. بعضهم يختار الرسم على الجدران، والبعض الآخر يهتم بتزيين الأرصفة من أجل واقع أفضل وبيئة سليمة.

بدأت هذه الحملات تلقى رواجاً كبيراً في العديد من الأحياء في تونس العاصمة وبقية المحافظات. ويزيد عدد المشاركين فيها من التونسيين من مختلف الأعمار. نجد الأطفال والشباب والنساء وكبار السن يجمعهم هدف واحد، هو النظافة وتحويل المكان الذي تتكدس فيه النفايات إلى مكان آخر أنظف وأجمل.

وتقول راضية، وهي مواطنة تطوعت لتنظيف حيّها في محافظة نابل، إنّ التونسي سئم الأماكن الملوثة والأوساخ، ويسعى دائماً إلى بيئة سليمة يطيب فيها العيش، لافتة إلى أنها تقوم بمجهود بسيط لتنظيف منطقتها من أجلها ومن أجل أبنائها والأجيال المقبلة. ولا بد من ترسيخ وعي لدى التونسيين بأن القارورة التي نلقيها والكيس الذي نتركه مفتوحاً سيلوثان المحيط الذي نقطن فيه.

تضيف لـ"العربي الجديد" أن هذا السلوك يجب أن يختفي، وقد حان الوقت لزوال العديد من الممارسات، كرمي النفايات من نافذة السيارة وفي الشواطئ. "لو بادر كل مواطن إلى تغيير سلوكه وسلوك أطفاله، فإن الكثير من المسائل ستتغير، كذلك البيئة التي نقطن فيها".

وتؤكّد رئيسة جمعية المواطنة والتنمية المستدامة والعضوة في شبكة "فايقين لبيئتنا" حسيبة بلغيث، لـ"العربي الجديد"، أنّ شبكة "فايقين لبيئتنا" تتكون من عشرات الجمعيات، وتعني متفطنين لبيئتنا، وتعمل كثيراً على تحقيق جمالية المدن وإطلاق حملات بصورة منتظمة، بعدما لوحظ تزايد انتشار النفايات والتلوث وقطع الأشجار. وفي النتيجة، ظهرت مشاكل بيئية كثيرة أثّرت بحياة التونسيين، مشيرة إلى إشراك العديد من الجمعيات لتوعية المواطنين وأطفال المدارس على أهمية تجميل الأحياء والتجمعات السكنية وتنظيفها.

وتوضح بلغيث أنه في 8 سبتمبر/ أيلول المقبل، "سنطلق حملة تبدأ من حي الخضراء وسط تونس العاصمة، تحت شعار حومتنا مسؤوليتنا، تشارك فيها نحو 10 جمعيات ومتطوعين من السكان في حملة نظافة واسعة، يشارك فيها أعوان النظافة في تنظيف الأحياء، إضافة إلى المساهمة في تشجير حديقة عامة وزراعة بعض النباتات لتكون متنفساً لسكان المنطقة.

وسيرافق هذه الحملة أنشطة من قبيل الرقص والغناء بهدف تطويرها. وتشير إلى أنه على الرغم من تلويث المحيط، هناك أيضاً فئة أخرى تعي جيداً أهمية السلوك الإيجابي والعيش في محيط سليم وجميل.

وتشير إلى أنّهم سيركزون على هذه الفئة ويحاولون أحياناً البحث عنهم حتى من خلال صفحات التواصل الاجتماعي، لنشر المعلومات وإعلان التحركات المقبلة لتجميل حيّ ما. تضيف أنّهم ينوون الذهاب خطوات أكبر من مجرد تنظيف الأحياء إلى إعادة تدوير النفايات وإشراك الأطفال في غالبية النشاطات التي يقومون بها. وتوضح أن هناك ما بين 70 و100 طفل سيشاركون في الأنشطة المقبلة، وستكون غالبيتها في تونس الكبرى وبعض المدن الأخرى على غرار جربة ميدون وغيرها.

وتلفت إلى أن العديد من الجمعيات والمتطوعين سبق أن نظفوا بعض الأحياء، لكن ذلك لا يستمر طويلاً. ولا بد من أن ترافق هذه الحملات أنشطة توعوية، لأن الحل لا يكمن في التنظيف فحسب، بل في نقل رسالة إلى السكان ليقدم كل طرف منهم ما يستطيع تقديمه، ولو كان جهداً بسيطاً، للمساهمة في خلق وعي حول أهمية البيئة السليمة إلى جانب البعد الجمالي. لذلك، يجري التنسيق مع جمعيات ومتخصصين في الحدائق والتشجير. بالتالي، هناك أدوار تتضافر وجهود تتكامل.

إلى ذلك، يبين العضو في جميعة "أحباء البلفيدير" والخبير الزراعي منصف بسباس أنّ هناك مساعي للعمل مع متطوعين والتنسيق مع المجتمع المدني والجمعيات الناشطة والبلديات لاختيار عدد من الأحياء في إطار حملات منظمة. يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ الهدف تغيير الفضاء العام أو الحيّ إلى آخر أفضل. فالأشجار مفيدة وتضيف جمالية على المكان وتزيل الأرق والتوتر. لذلك، يحاول من خلال خبرته التشجيع على زراعة النباتات والأشجار للحد من التلوث والضجيج، خصوصاً أنها تشكل عازلاً طبيعياً للأصوات. ويشير إلى أن دوره يتمثل باختيار الأشجار التي ستُزرَع مع مراعاة المكان والظروف المناخية، من دون نسيان التفنن في تشذيب الأشجار.

ويوضح أنه شارك في العديد من المبادرات وحملات التوعية، سواء في الأحياء الراقية أو الشعبية، مثل جبل الأحمر، حيث جمّلوا حديقة عائلية وحولوها من مصبّ للفضلات إلى متنفس للعائلات. ويؤكد أن التونسيين أصبحوا يهتمون بالمساحات الموجودة أمام بيوتهم وأحيائهم، ويسعون إلى المشاركة في مثل هذه المبادرات. ويجري العمل على زيادة الاتفاقيات مع المدارس لتوعية الأطفال على هذه المسائل وخلق بيئة سليمة للأجيال المقبلة.


إلى ذلك، تقول الكاتبة العامة لجمعية "كلنا بني خيار" للتنمية، سامية السويسي، لـ"العربي الجديد": "هناك وعي من قبل عدد من التونسيين بالنظافة، وأهمية أن تكون البيئة سليمة. هؤلاء يحاولون حثّ أطفالهم على وضع الفضلات في القمامة. والمتطوعون في مثل هذه الجهود عادة ما ينخرطون في العديد من التظاهرات، لكن هناك أيضاً فئة أخرى ما زالت ترمي الأوساخ في الشوارع والأحياء، وترمي العبوات البلاستيكية في كل مكان وبقايا الطعام، ما يؤدي إلى تلوث المحيط والشواطئ. وتشير إلى أنهم أطلقوا أخيراً بادرة لتنظيف كورنيش شاطئ بني خيار في محافظة نابل. وشارك كل شخص بجهوده وإمكاناته الخاصة. هناك من حمل مكنسة، وآخرون أكياساً بلاستيكية لتنظيف المنطقة.

وتوضح أنه لوحظ أيضاً أنه بعد العديد من التظاهرات والمهرجانات تبقى الفضلات منتشرة في المنطقة. وبعد تلقيهم معلومات حول الزراعة، قرروا إثر انتهاء فعاليات مهرجان السمك في بني خيار بنابل، الذي انتظم من 21 إلى 25 أغسطس/ آب، تنظيف المكان بمشاركة مواطنين وشباب من الجهة. وتشير إلى أنّ الإمكانات أحياناً تحول دون توسيع مثل هذه المبادرات، كنقص الحاويات والأماكن المخصصة لوضع القمامة، وذلك يعود إلى دور البلديات وضعف إمكاناتها.
دلالات
المساهمون