وفيما تتواصل النقاشات حول الموضوع، داخل أروقة البرلمان وخارجه، بعد اقتراح مركز "كارتر" الدولي منح العسكريين والقوات المسلحة حق التصويت، والذي أثار موجة من ردود الفعل المستهجنة في صفوف النواب، أكدت حركة "النهضة" رفضها السماح للعسكريين بالمشاركة في الانتخابات.
وشدّد رئيس الحركة، راشد الغنوشي، على ضرورة أن "تبقى المؤسسة العسكرية حارسة للعملية السياسية وليست جزءاً منها".
واعتبر الغنوشي، في تصريح، أنّ "ما ميّز التجربة التونسية وصنع الاستثناء، هو عدم تدخل حاملي السلاح من قوى أمن وعناصر جيش في العمل السياسي، وإنما توليهم حماية مؤسسات الدولة وصناديق الاقتراع يوم الانتخابات، ما جعل منهم حراساً للديمقراطية".
ورأى الغنوشي أنّ "القوات المسلحة في دول أخرى استخدموا السلاح لانتزاع السلطة، وغرق أكثر من بلد عربي في بحر من الدماء".
وذكّر الغنوشي بأنّ تونس نجت من هذا السيناريو من خلال "الموقف الحيادي" لحملة السلاح، مشدداً على أنّ موقف حركته لا ينطلق من اتهام أو شك في قوات الأمن أو الجيش، وإنما من "الحرص على حيادية هذه المؤسسة حتى تقوم بدورها النبيل في حراسة الديمقراطية والحرية والقانون، وليس التدخل في العمل السياسي".
وانعقد، خلال الأسبوع الماضي، اجتماع ضم الكتلة البرلمانية للنهضة بعدد من القيادات في الحركة من بينهم الغنوشي، للتباحث في عدة نقاط، من بينها الخلاف حول حق الأمنيين والعسكريين في الانتخاب.
من جهته، اعتبر رئيس كتلة النهضة في البرلمان، نور الدين البحيري، أنّ الأولى الآن للأمنيين والعسكريين سن تشريعات مساندة لهم على غرار مساندة عائلاتهم في حالات الإصابة والوفيات وتحسين ظروفهم، معتبراً أنّ اقتراح إشراكهم في الانتخابات عن طريق التصويت يطرح أسئلة حول توقيت طرحه وأهداف من يقف وراءه.
وسأل البحيري من سيؤمّن العملية الانتخابية في حال شارك العسكريون وقوى للأمن في التصويت، متسائلاً أيضاً ما إذا سيكون لهم الحق في الدعاية، ما يتطلب حواراً عميقاً قد يحتاج وقتاً.
وأفادت الناطقة الرسمية باسم مجلس شورى حركة "النهضة"، سناء المرسني، لـ"العربي الجديد"، بأنّ المسألة لا تزال محل خلاف بين الكتل والأحزاب الممثلة في البرلمان، مؤكدة أنّ موقف حركة النهضة يستند إلى ما ورد بالدستور حول حيادية المؤسستين.
وأعربت عن تأييدها مشروع قرار الحكومة المتعلق بتنقيح قانون الانتخابات والاستفتاء، والذي نص على استثناء الأمنيين والعسكريين من المشاركة في الانتخابات، معتبرة أنّه يمكن تقييد الحق حماية لمسار الانتقال الديمقراطي.
ولفتت المرسني لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ مشاركة قوى الأمن والجيش لا تقتصر على يوم الاقتراع، بل تتعلًق أيضاً بحملات وبرامج انتخابية قد تؤدي إلى اصطفاف الأمنيين أو العسكريين مع هذا الطرف أو ذاك من الأحزاب المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، منبّهة إلى ما قد يخلفه ذلك من نتائج وتبعات داخل المؤسسة نفسها وتجاه الأحزاب.
وشددت المرسني على ضرورة الحفاظ على ما ورد في الصيغة الأصلية لمشروع الحكومة حول قانون الانتخاب، مشيرة إلى أنّ بت قرار مشاركة العسكريين لا يتعلّق فقط بحركة النهضة بل بكل الكتل في البرلمان، ما يعني استمرار النقاشات حول الموضوع.