يهدّد سلاح المقاطعة الذي يعتمده التونسيون قطاع الدواجن بخسائر باهظة وركود واسع، بعد أن أطلق عدد من روّاد موقع التواصل الاجتماعي حملة بعنوان "ترجعوه لسومو ما كانش ما يلزمناش" على خلفية الارتفاع المفاجئ الذي شهدته أسعارها في الفترة الأخيرة.
ويخشى عاملون ومستثمرون في قطاع الدواجن من تأثيرات حملة المقاطعة لمنتجاتهم التي يشارك فيها أيضاً منظمات الدفاع عن المستهلكين.
ومنذ أكثر من شهرين بلغت أسعار الدواجن مستويات قياسية ما دفع الطبقتين الوسطى والفقيرة إلى تجنبها مثلما هجروا سابقا لحم الظأن والأبقار ومنتجات البحر.
وتتزامن الدعوات لمقاطعة الدواجن مع اقتراب الاحتفالات برأس السنة الجديدة التي يحييها التونسيون عبر إعداد أطباق الدجاج بمختلف أشكالها، ما يثير مخاوف لدى المنتجين الذين باتوا يستشعرون ركود منتجاتهم مقارنة بمستويات الاستهلاك في الأشهر الماضية.
وحسب ما رصدته المنظمة التونسية لإرشاد المستهلكين فقد بلغت أسعار الدجاج لأول مرة 7 دنانير للكيلوغرام الواحد أي نحو 2.9 دولار فضلا عن ارتفاع أسعار شرائح الديك الرومي ومنتجات أخرى إلى 14 دينارا للكيلوغرام ما يعادل 5.8 دولارات في الوقت الذي كان يفترض أن لا تتجاوز هذه الأسعار 6 دنانير في حدود 2.5 دولار على الأقصى.
ويتوقع رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن تجد حملة مقاطعة الدواجن صداها لدى التونسيين، مشيرا إلى أن ردود الفعل الأولية أثبتت أن نحو 8 آلاف عائلة ستنخرط في هذه الحملة.
وقال الرياحي إن وحدات الرصد التابعة للمنظمة سجلت معدلات قياسية في أسعار الدجاج، مؤكدا أن هذا القطاع لا يرجع لآلية العرض والطلب بل إلى شبكات احتكار تتحكم في بورصة الأسعار على حساب قوت التونسيين، وفق تعبيره.
وأكد الرياحي أن غياب المراقبة والآليات الناجعة للحد من الاحتكار والتحكم في الأسعار تسببت في التهاب الأسعار، معتبرا أن الرد سيكون قاسيا من المستهلكين بمناسبة احتفالات رأس السنة التي تمثل ذروة استهلاك الدواجن.
وتعد الدواجن من القطاعات الزراعية المهمة في تونس لأسباب اقتصادية واجتماعية، حيث توفر الدواجن ومشتقاتها نحو 70% من البروتينات للتونسيين، فيما يشغّل القطاع أكثر من 60 ألف عامل.
وينأى رئيس جمعية منظومة الدواجن والفلاحة شكيب التريكي، بقطاعه عن الاتهامات التي تلاحق المربين بتعمد رفع الأسعار دون موجب، مشيرا إلى أن المهنيين يعملون على حصر الأسعار في حدود معقولة بالتعاون مع الهياكل الحكومية المتدخلة من بينها وزارات الزراعة والتجارة.
وقال التريكي في حديث لـ"العربي الجديد" إن سلاح المقاطعة الذي تلوح منظمات الدفاع عن المستهلكين يهدّد واحدة من أهم المنظومات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، مشددا على أن توفير الدواجن له بعد اجتماعي مهم للمحافظة على مواطن الشغل وتوازن غذاء التونسيين.
وصرح رئيس الجمعية بأن قطاع الدواجن مر على امتداد السنوات الأربع الماضية بأزمة خانقة نتيجة سياسات حكومية خاطئة بالتخلي على نظام البرمجة المسبقة للإنتاج، ما تسبب في هبوط حاد في الأسعار وتكبد المهنيين لخسائر فادحة أدت لإفلاس العديد منهم وفقدان آلاف مواطن الشغل.
وأشار إلى أن المقاطعة في فترة الذروة ستعيد القطاع إلى نقطة السفر بعد أن تمكن من تجاوز أزمته بكلفة باهظة.
ويشكو قطاع الدواجن في تونس طفرة إنتاج بسبب توسع الاستثمارات غير المدروسة في السنوات الأخيرة، ما بات يهدّد صغار المداجن فضلا عن انتشار ظاهرة تهريب صغار الدواجن عبر الحدود.
وقبل عام 2011 كانت وزارة الزراعة تحكم السيطرة على القطاع بفضل التشدد في إسناد تراخيص الاستثمار وتحديد حصص الإنتاج حسب طلب السوق المحلية والكميات المطلوبة للتصدير الخارجي، ولكن تغيرت الأمور خلال السنوات الأخيرة وزاد عدد المزارع بشكل كبير.
ويعاني التونسيون من تواصل ارتفاع نسبة التضخم لتسجل نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني رقما قياسيا جديدا ببلوغها 6.3% بعد أن كانت في حدود 5.8% خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام الحالي.
وحسب بيانات كشف عنها معهد الإحصاء الحكومي، الأربعاء الماضي، شهدت نسبة التضخم نسقا تصاعديا منذ بداية السنة الحالية من 4.6% خلال شهر يناير/ كانون الثاني إلى 5.0% خلال إبريل/ نيسان ثم ارتفاعا وصل إلى حدود 6.3% خلال الشهر الحالي.