توقعات متشائمة للاقتصاد الفلسطيني: انكماش ومزيد من الضغوط

11 يونيو 2020
قطاع غزة يخسر 100مليون دولار شهرياً بسبب الحصار(عبدالحكيم أبورياش/أرشيف)
+ الخط -
يتجه الاقتصاد الفلسطيني إلى مزيد من الانكماش جراء تداعيات جائحة كورونا التي ألقت بظلالها على مختلف مناحي الحياة، بالإضافة إلى انعكاسات أزمة المقاصة ورفض السلطة الفلسطينية تسلّم الأموال الموردة من سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

وأظهرت بيانات صادرة عن البنك الدولي مطلع يونيو/ حزيران الجاري أن الاقتصاد الفلسطيني يواجه تحديات قد تدفعه نحو الانكماش بنسبة تراوح ما بين 7 إلى 11%، ولا سيما في قطاع غزة الذي يعاني من أزمات مالية واقتصادية عدة.

ورجحت بيانات البنك أن يزداد وضع المالية العامة للسلطة صعوبة، وذلك بسبب تراجع الإيرادات والزيادة الملموسة في الإنفاق العام على احتياجات المواطنين الطبية والاجتماعية والاقتصادية، إلى جانب ارتفاع الفجوة التمويلية للسلطة الذي سيقفز من 800 مليون دولار أميركي عام 2019 لأكثر من 1.5 مليار دولار خلال العام الجاري لتغطية التزاماتها كافة.

ويشير التقرير إلى أنه قبل تفشي جائحة فيروس كورونا، كان أكثر من ربع الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر، في حين من المتوقع أن ترتفع نسبة الأسر الفقيرة إلى 30٪ في الضفة الغربية وإلى 64٪ في قطاع غزة.

ويتفق مختصون اقتصاديون على أن الانكماش الذي سيصيب الاقتصاد سيفاقم الأزمات المعيشية للمواطن الفلسطيني، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، وسيعزز من حالة التردي في مختلف مناحي الحياة.

ويقول مدير العلاقات العامة والإعلام في غرفة غزة التجارية ماهر الطباع، إن أبرز القيود التي تكبل الاقتصاد الفلسطيني وتجعله محدود النمو، اتفاقية باريس الاقتصادية التي تعطي إسرائيل فرصة التحكم في الاقتصاد المحلي.

ويوضح الطباع لـ"العربي الجديد" أن فرضية تضرر القطاع تبدو قائمة بشكل أكبر من الضفة الغربية نتيجة جائحة كورونا وأزمة المقاصة التي تمرّ بها السلطة، وهو ما سيدفع باتجاه ارتفاع معدلات الفقر بنسبة لن تقلّ عن 10%.

ويبين أن الأنشطة الاقتصادية تضررت بفعل جائحة كورونا، حيث تأثر أكثر من 45 ألف عامل في شتى المجالات والقطاعات بغزة، كان أبرزها قطاع السياحة والفنادق، بالإضافة إلى مؤسسات التعليم الخاص ورياض الأطفال.

ولا يستبعد الطباع أن يتعزز الانكماش أكثر مما توقعه تقرير البنك الدولي نتيجة الإرهاصات الأخيرة لعودة أزمة المقاصة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال في أعقاب القرارات التي اتخذها الرئيس محمود عباس لمواجهة قرار ضمّ الضفة الغربية.

ويبلغ إجمالي خسائر القطاع الاقتصادي بشكل جماعي في غزة، أكثر من 100 مليون دولار شهرياً، نتيجة لاستمرار الحصار الإسرائيلي منذ أربعة عشر عاماً، والقيود المفروضة، فيما ارتفعت معدلات البطالة في القطاع إلى أكثر من 54 في المائة، ويطاول نحو 68 في المائة من إجمالي البطالة فئة الشباب، حسب تقديرات اللجنة الشعبية لكسر حصار غزة (مستقلة).

وخالف الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم الطباع الرأي، إذ توقع أن يكون ضرر الاقتصاد في الضفة الغربية أكبر من ضرر الاقتصاد في القطاع، نتيجةً لوصول اقتصاد غزة إلى القاع بفعل الأزمات والإنهاك الإسرائيلي على مدار سنوات الحصار.

ويقول عبد الكريم لـ"العربي الجديد" إنه رغم التوقع بضرر أكبر للاقتصاد في الضفة، فإن اقتصاد غزة يعيش حالة هشاشة واضحة نتيجة غياب أية حلول أو آفاق من شأنها تحسين الأوضاع المعيشية، وهو ما سيفاقم معاناتها.


ويشير إلى أن تطورات أزمة أموال المقاصة القائمة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل قد تسهم هي الأخرى في زيادة معدل انكماش الاقتصادي لتصل إلى نحو 14% نتيجة تراجع النمو.

ومن بين العوامل التي يرى عبد الكريم أنها ستكون حاسمة في تحديد حجم الانكماش، تنفيذ الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو لخطة الضم، التي من شأنها أن تعزز تدهور الحالة الاقتصادية لفترات مشابهة لسنوات انتفاضة الأقصى عام 2000.

والمرجَّح، وفق الاقتصادي نصر عبد الكريم، ارتفاع أكبر في معدلات الفقر والبطالة على المستوى الفلسطيني بشكلٍ عام، نتيجة التراجع الحاصل في معدلات النمو بفعل جائحة كورونا وأزمة المقاصة وآثار خطة الضم الإسرائيلية المتوقعة.

وبفعل جائحة كورونا، قدر الاتحاد العام لعمال فلسطين في قطاع غزة إجمالي خسائر القطاعات العمالية بأنها تجاوزت الخمسين مليون دولار، فيما تضرر مباشرةً ما نسبته 40 ألف عامل في مختلف القطاعات، كان من أبرزها السياحة والفنادق وسائقو الأجرة ورياض الأطفال.