قال خبراء اقتصاد: إن اتفاق حركتي "فتح" و"حماس" على تنفيذ اتفاق مصالحة، وتشكيل حكومة توافق وطني خلال خمسة أسابيع، سيساهم بشكل كبير في كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ نحو ثماني سنوات، وتحقيق مكاسب اقتصادية للضفة الغربية والقطاع.
وأعلنت حركة حماس، التي تدير قطاع غزة، ومنظمة التحرير الفلسطينية التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس التوصل إلى اتفاق مصالحة أمس الأربعاء.
وتتضمن هذه الخطوة، التي تأتي بعد سبع سنوات من المشاحنات الداخلية، تشكيل حكومة وحدة خلال خمسة أسابيع وإجراء انتخابات عامة بعد ذلك بستة أشهر.
وقال الدكتور نصر عبد الكريم الخبير الاقتصادي: إنّه من المتوقع حدوث عمليات دمج بين المؤسسات والوزارات الاقتصادية، مع تنفيذ المصالحة، الأمر الذي من شأنه أن يصب مئات ملايين الدولارات في الخزينة الفلسطينية.
وأضاف عبد الكريم في اتصال هاتفي مع مراسل "العربي الجديد" في رام الله، أنّ اقتصاد قطاع غزة يشكل حالياً نحو 5٪ من الاقتصاد الفلسطيني ككل، بينما بلغ قبل العام 2007 نحو 30٪.
وأشار إلى أنّ إعادة دمج المؤسسات الاقتصادية الرسمية، من شأنه أنّ يرفع من حصة قطاع غزة في الاقتصاد، وبالتالي تحقيق معدلات نمو أفضل مما هي عليه الآن.
وأدى الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وهدم الأنفاق من الجانب المصري، إلى تراجع معدلات نمو الاقتصاد في غزة إلى 1.5٪.
وقال الخبير الاقتصادي: إنّه بإمكان الدول العربية، دعم المصالحة عبر الدعم الاقتصادي بموازاة الدعم السياسي.
وأضاف:" يمكن الاستفادة من الدعم العربي المالي لمواجهة أي تحديات فلسطينية قد تنشأ عند توحيد المؤسسات الرسمية، كتوفير أموال لتغطية رواتب الموظفين لفترة معينة، لأن هنالك على سبيل المثال نحو 40 ألف موظف في غزة يتقاضون رواتب من حكومة إسماعيل هنية، وهم غير مدرجين في فاتورة رواتب الحكومة برام الله".
وتصل فاتورة الرواتب في قطاع غزة، إلى نحو 200 مليون شيكل شهرياً (55 مليون دولار) وفق البيانات الفلسطينية.
وقال محمد قباجة، الخبير الاقتصادي: إنّ المصالحة ستخفض أسعار العديد من السلع في كل من الضفة والقطاع.
وأضاف قباجة، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ من شأن اتفاق المصالحة، أنّ يحرك الأسواق في غزة.
وتبلغ نسبة البطالة بين الشباب في قطاع غزة بنحو 38%، وهي أعلى نسبة يعيشها القطاع على الإطلاق، بحسب أرقام الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بينما قلصت المصانع هناك نحو 50٪ من طاقتها التشغيلية خلال الأشهر الـ 11 الماضية.
وتأتي أهمية الدعم المالي والاقتصادي العربي، كإجراءٍ لمواجهة أي خطوات قد تتبعها الولايات المتحدة بتقليص المساعدات للفلسطينيين، فضلا عن محاولات الاحتلال الإسرائيلي الدائمة خنق الاقتصاد الفلسطيني.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أنّ مسؤولاً في البيت الأبيض، لوّح بإمكانية تقليص المساعدات للفلسطينيين، بعد اتفاق حركتي "فتح" و"حماس" على تنفيذ اتفاق مصالحة، وتشكيل حكومة توافق وطني خلال خمسة أسابيع.
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن المسؤول الأميركي الذي لم تسمه قوله: "حجم المساعدات سيكون طبقاً لتقييم الإدارة الأميركية للحكومة الفلسطينية، الجديدة ووفقا للقانون الأميركي". وأضاف المسؤول أن على الحكومة الفلسطينية القادمة الالتزام بالمبادئ المنصوص عليها للاعتراف بإسرائيل، وعدم اللجوء للعنف والقبول بكل الاتفاقات السابقة.
وترفض حماس الاعتراف بالكيان الصهيونى وكثيراً ما دخلت في عمليات مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، بينما مضت السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية في محادثات سلام متعثرة مع إسرائيل.
ويُقدّر حجم الدعم المالي السنوي الأميركي للفلسطينيين بنحو 350 مليون دولار، حسب البيانات الفلسطينية، التي تشير أيضاً إلى أنّ الربع الأول من العام الجاري 2014 لم يشهد وصول أي مساعدات.
وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنّ اتفاق المصالحة الذي تم إبرامه أمس الأربعاء لن يتعارض مع جهود السلام.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في بيان نشره مكتبه: إنّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس "اختار حماس لا السلام. أيا كان الذي يختار حماس فإنه لا يريد السلام".
وذكرت القناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلي أن نتنياهو سيعقد جلسة طارئة لمجلس وزرائه الأمني اليوم لبحث رده على تلك الخطوة.
وقالت الولايات المتحدة أمس: إنّها تشعر بخيبة أمل بسبب اتفاق حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية على تنفيذ اتفاق المصالحة، معتبرة أنّه يمكن أنّ يُعقِد جهود السلام بشكل خطير. وأشار الدكتور عبد المجيد سويلم، خبير الاقتصاد السياسي، في تصريح لـ"العربي الجديد" اليوم، إلى أن الفترة الحالية والقادمة ستشهد تلميحات بتقليص الدعم المالي السنوي للفلسطينيين، في حال كانت حماس طرفاً في أي حكومة قادمة.
وقال سويلم "سنسمع كثيراً بوجود ضغط على الفلسطينيين عبر ورقة المساعدات، لكنها لن تصل إلى مرحلة التنفيذ، إنّ تم تشكيل حكومة كفاءات من فتح وحماس والفصائل الأخرى ومستقلين".
وبادرت بعض الدول الداعمة للمصالحة الفلسطينية بالإعلان عن تقديم مساعدات للفلسطينيين بعد اتفاق حماس والسلطة الفلسطينية.
وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو خلال اتصال هاتفي مع إسماعيل هنية، رئيس الحكومة الفلسطينية في غزة: إنّ بلاده ستقدم مساعدات إنسانية للضفة الغربية والقطاع لتسهيل تنفيذ اتفاق المصالحة.
وأشار أوغلو وفق حكومة غزة، إلى دعم تركيا التام للمصالحة الوطنية، لافتا إلى أنّه سيجري اتصالاتٍ دبلوماسية مع وزراء خارجية عدة دول، بما فيهم الولايات المتحدة لدعوتهم للتجاوب مع هذه الخطوة.