توحيد الأمن الأوروبي أولوية والسجال التركي ـ البلجيكي مستمرّ

25 مارس 2016
نفّذ الأمن البلجيكي حملة أمنية واسعة أمس (دورسون أيديمير/الأناضول)
+ الخط -
على وقع السجال التركي ـ البلجيكي حول مسألة ترحيل أحد الانتحاريين، إبراهيم البكراوي، من تركيا إلى بلجيكا، ومواصلة القوى الأمنية البلجيكية حملاتها الأمنية، عقد وزراء العدل والأمن بدول الاتحاد الأوروبي اجتماعاً طارئاً، أمس الخميس، في العاصمة البلجيكية بروكسل، بدعوة من هولندا التي ترأس الدورة الحالية للاتحاد، لتفعيل سبل التعاون الأمني بين بلدانه.

أمنياً، أعلنت السلطات البلجيكية، أمس، أنها "تُطارد رجلاً ثالثاً"، صوّرته كاميرات المراقبة مع مهاجمين انتحاريين من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في مطار بروكسل، في الوقت الذي يجمع فيه المحققون أدلة على أن الشبكة الجهادية نفسها كانت متورطة أيضاً في هجمات باريس في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وتزامن ذلك مع تنفيذ الشرطة حملة أمنية واسعة في بروكسل. كما كشفت وسائل إعلام بلجيكية أن وزيري الداخلية يان جامبون، والعدل كون غينز، قدما استقالتيهما بسبب هجمات بروكسل، لكن رئيس الوزراء شارل ميشال رفض الاستقالتين.

على صعيد السجال التركي ـ البلجيكي، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في مؤتمر صحافي في أنقرة، أن "أحد الذين شاركوا في هجوم بروكسل، اعتُقل في يونيو/ حزيران الماضي، في غازي عنتاب. وتم إبعاده في 14 يوليو/ تموز، بعد معلومات من السفارة البلجيكية، وقد أبلغنا البلجيكيون أنه تم الإفراج عنه". وأوضح مسؤول تركي كبير لوكالة "فرانس برس"، أن "أردوغان يتحدث عن إبراهيم البكراوي، الذي أكدت السلطات البلجيكية مقتله". لكن وزير العدل البلجيكي كون غينز نفي رواية أردوغان، مشدّداً على أنه "لم تجرِ بالتأكيد عملية إبعاد إلى بلجيكا".

وأضاف غينز في تصريحات لمحطة التلفزيون البلجيكية الناطقة بالهولندية "في أر تي"، أنها "على الأرجح عملية طرد قامت بها تركيا على الحدود السورية". وتابع "حينذاك، لم يكن البكراوي معروفاً لدينا بسبب الإرهاب. كان مجرماً للحق العام ويخضع للحرية المشروطة، وطُرد إلى هولندا لا بلجيكا، حسب المعلومات التي نقلتها لي النيابة الفيدرالية".

اقرأ أيضاً: رئيس لجنة الاستخبارات: اعتداءات بروكسل كانت تستهدف أيضا الأميركيين

ومع تنامي الضغط على أوروبا لتحسين تعاونها لمكافحة الإرهاب، عقد وزراء الداخلية والعدل في دول الاتحاد الأوروبي اجتماعاً طارئاً في بروكسل، أمس، لبحث سبل تحسين التنسيق في رد مشترك على الاعتداءات، بدعوة من هولندا. وكان وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير، قد أكد، الأربعاء، أنه "يتعيّن على الدول الأوروبية أن تحسّن من طرق ربط وتبادل البيانات التي يتم جمعها من قبل السلطات الوطنية". وكشف أن "مكاتب تسجيل الأجانب وسلطات إصدار التأشيرات والشرطة وأجهزة الاستخبارات، لا تزال تحتفظ بمجموعات وقواعد بياناتها بصورة منفصلة. بالتالي يتعيّن علينا تبادل المعلومات في ما بيننا".

في سياق متصل، أعلن محامي صلاح عبد السلام، المشتبه به الرئيسي في اعتداءات باريس، أن موكله "أبلغه برغبته في الذهاب إلى فرنسا في أسرع وقت ممكن"، وذلك بعد جلسة أمام قضاة التحقيق البلجيكيين. وقال المحامي سفين ماري، إن "صلاح عبد السلام عبّر لي عن رغبته في الذهاب إلى فرنسا في أسرع وقت ممكن". وكان عبد السلام أكد في أول جلسة غداة توقيفه، أنه يرفض نقله إلى باريس كما تطلب السلطات الفرنسية، في إطار مذكرة توقيف أوروبية. وتابع ماري أنه "حصل على إرجاء إلى السابع من أبريل/ نيسان المقبل، لجلسة كان يفترض أن تبتّ أمس، في إبقاء موكله موقوفاً نظراً لحجم الملف الكبير". من جهة أخرى، شدّد المحامي على أن موكله "لم يكن على علم" باعتداءات بروكسل.

بالنسبة للصحف الفرنسية الصادرة أمس، فقد كانت لها مواقف عدة، فصحيفة "لاكروا" طالبت بـ"المقاومة، ولكن في ظلّ احترام القيم الأوروبية"، وذلك رداً على دعوات اليمين المتطرف الفرنسي، المُطالب بـ"إلغاء معاهدة شنغن وإغلاق الحدود الفرنسية البلجيكية".

ونقلت الصحيفة عن غابريال رينغلي، المسؤول السابق في جامعة لوفين لا نوف الكاثوليكية البلجيكية، أنه "يجب ألّا تسقط أوروبا في سياسة أمنية، على حساب حقوق الإنسان والحريات العامة". كما اعتبر أوليفييه يدي شوتر، أستاذ القانون الدولي في الجامعة عينها، أن "الضحايا الأوائل لهذا الإرهاب الأعمى هي البلدان الإسلامية ذاتها، ففي سورية والعراق وليبيا يتطور الإرهاب ويضرب هناك. ولهذا السبب يتوجب علينا، بشكل مطلق، تجنّب الخطاب حول صراع الحضارات وصدام الثقافات، لأننا في قارب واحد".

أما صحيفة "ليبراسيون"، فعنونت صفحتها الأولى بـ"باريس وبروكسيل، المجموعة نفسها"، ورأت أن "13 نوفمبر الفرنسي و22 مارس البلجيكي، يتعلقان بعمليتين قامت بهما مجموعة واحدة". كما أجرت حواراً مع الباحثة البلجيكية كورين توريكنس، التي انتقدت اتهام عمدة باريس، آن هيدالغو، لبلجيكا بـ"وجود انطواء في الهوية فيها، تحديداً في حيّ مولنبيك".

كما أبدت الباحثة عينها، مخاوفها من ارتفاع نسبة الإسلاموفوبيا ومن انغلاق الجماعات على نفسها، معتبرة أن "هذا ما تريده المجموعات الإرهابية، التي ترتكز على منطق اليمين المتطرف نفسه، الذي يريد دفع الطوائف للدخول في مجابهة في ما بينها".

من جهتها، رأت صحيفة "20 مينوت"، أن "أوروبا تحت الضغط، وأن فرنسا ومعها بلجيكا، تلحّان على شركائهما الأوروبيين من أجل العمل على إنجاز ثلاثة أشياء ضرورية: أولاً، تعزيز مراقبة الحدود الأوروبية الداخلية (بين الدول الأعضاء). ثانياً: دفع البرلمان الأوروبي لإقرار قانون حول تجميع المعلومات الشخصية عن المسافرين عن طريق الجوّ، والذي كان يُفترَض أن يُصادَق عليه مطلع شهر مارس/ آذار الحالي، لولا رفض بعض النواب الأوروبيين. وسيكون في إمكان الدول الأوروبية تبنّي هذا القانون وإدماجه في قوانينها الداخلية في غضون سنتين. ثالثاً: مكافحة الإتجار بالسلاح، التي تشير المصادر إلى أن القسم الأكبر منها يأتي من دول البلقان".

بالنسبة إلى صحيفة "لوفيغارو"، اليمينية، فكتبت: "الإرهاب: هل تستطيع أوروبا أن تدافع عن نفسها؟"، ورأت أن "الاعتداءات الإرهابية كشفت عن ضعف الاتحاد الأوروبي، خصوصاً مع وجود 28 بلداً بمصالح متناقضة". وأشارت "لوفيغارو" أيضاً إلى أن "ألمانيا تتهيأ لما هو أسوأ، وأن إسبانيا راجعت كل الإجراءات التي وضعتها بعد اعتداءات 2004، في حين أن الولايات المتحدة تبقى على حَذَر، ولكنها لا تشعر بتهديد حقيقي".

اقرأ أيضاً: الإعلام الغربي يعترف: لماذا نميّز بين ضحايا التفجيرات؟
المساهمون