توجه سعودي إلى عزل العراق خليجياً وعربياً

17 مارس 2014
إيران وسورية حاسمان في العلاقة بين الرياض وبغداد
+ الخط -

علمت "العربي الجديد" من مصادر مطلعة، عن توجه سعودي إلى عزل العراق خليجيا وعربيا، بسحب سفراء خليجيين من بغداد، وعدم توجيه دعوة إليها لحضور القمة العربية في الكويت، إذا لم تعتذر رسميا عن تصريحات أدلى بها رئيس الحكومة نوري المالكي، واتهم بها كلاًّ من الرياض والدوحة بدعم الإرهاب في بلاده و"شنّ حرب مفتوحة" على العراق.

الخطوة التي ستقدم عليها السعودية، إن صحّت، تجيء بالتنسيق مع دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، في توجه مماثل لسحب سفراء هذه البلدان الثلاثة من قطر، على خلفية اتهامات وردت في بيان ثلاثي مشترك، اعتبر أن الدوحة تهدد الاستقرار والأمن في منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وتشير المصادر إلى أن الخطوات التصعيدية، التي تدرسها الرياض بخصوص العراق، ستبدأ بقطع العلاقات الدبلوماسية، وقد تنضم الكويت إلى هذا القرار، وصولا إلى عدم توجيه دعوة رسمية إلى العراق لحضور القمة العربية في الكويت المقررة في 25 و26 من الشهر الجاري، ولربما تصل إلى أبعد من ذلك بغلق الحدود أو فرض عزلة عربية على حكومة نوري المالكي.

ويرتبط هذا التوجه بالخلاف المباشر والعلني، الذي بدأه المالكي باتهام السعودية وقطر بدعم الإرهاب في بلاده، وذلك خلال مناسبتين مطلع الشهر الجاري. وكان رئيس الحكومة العراقي قد وجه اتهاما سابقا لقطر أيضا بتمويل الإرهاب واستضافة معارضين مطلوبين، في إشارة إلى نائب رئيس الجمهورية السابق طارق الهاشمي.

وفي ضوء تلك التصريحات، أصدرت السعودية بيانا على لسان "مصدر مسؤول"، اعتبر فيه تصريحات المالكي "غير مسؤولة وعدوانية"، كما استدعت وزارة الخارجية الإماراتية، التي لم تكن طرفا مباشرا في القضية، السفير العراقي في أبو ظبي موفق مهدي عبودي، للاحتجاج، في حين لم يصدر عن قطر أي موقف رسمي.

ويرى محللون أن دخول الإمارات على خط التصعيد مع السعودية ضد العراق، يأتي ضمن سياسة المحاور التي تقودها الرياض في المنطقة لتطويق إيران وتداعيات الثورات العربية، في حين يوجد موقف تقليدي من "الخصومة" بين العراق والكويت منذ حتى ما قبل حرب 1991، والأخيرة لم يتضح أنها ستشارك بلداناً خليجية في خطواتها التصعيدية، ويرجح أنها قد تفعل بالنظر إلى استمرار الخلافات بين البلدين، حتى بعد سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين، بخصوص مسائل تتعلق بالممرات البحرية والموانئ على مدخل شط العرب، وحتى في القضايا التي ظلت عالقة منذ "الغزو"، بما فيها عدم انكار ساسة عراقيين حاليين بأن الكويت جزء من الأراضي العراقية.

ويشير خبراء مختصون في العلاقات الخليجية – العراقية إلى أن تصريحات المالكي لا تمثل سوى قمة جبل الجليد في الخلاف بين الطرفين، وأن الخلاف السعودي – العراقي، يعود إلى خلافات مذهبية وسياسية بين البلدين، ودعم الرياض تولي زعيم "القائمة العراقية" إياد علاوي رئاسة الوزراء في عام 2010، الأمر الذي عارضته طهران وفرضت عبر حلفائها في العراق تشكيل حكومة بولاية ثانية للمالكي، وهو يطمح إلى ولاية ثالثة الشهر المقبل.

ولم تكن الرياض على توافق مع نظام صدام حسين منذ عام 1990، ولم تسم سفيرا لها في العراق منذ ذلك الحين إلى غاية 2012، حين تم تكليف السفير السعودي في الأردن فهد عبد المحسن الزيد، سفيرا غير مقيم في بغداد، وهو القرار الذي رحب به العراق، لكنه لم يمثل نهاية للتوتر بين البلدين.

ولم تخف السعودية موقفها المؤيد لمعتصمي الساحات في محافظة الأنبار المناهضة لحكومة المالكي، بما في ذلك العلاقات، وثيقة الصلة، بين زعماء عشائريين مع النظام السعودي، وفتح وسائل الاعلام لسياسيين ودعاة سعوديين، ينتقدون الحكومة العراقية وموقفها، من الاحتجاجات الداخلية في العراق الرافضة لبقاء المالكي في الحكم.

ويرى المختصون في الشؤون الخليجية أن العامل الأبرز للخلاف يظل في التأثير الإيراني على العراق، وموقف المالكي من اضطرابات البحرين والاحتجاجات في منطقة القطيف شرق السعودية، ومن ثم السماح لعناصر تابعين لقيس الخزعلي (جماعة أبو الفضل العباس) للقتال إلى جانب النظام السوري ضد المعارضة، بما في ذلك السماح بنقل أسلحة إيرانية عبر الأراضي السورية، وهي مواقف كان لها الأثر في تصعيد المواجهة بين الرياض وبغداد.

وفي المقابل، سعى المالكي إلى تفريغ الاحتجاجات العراقية من مضمونها، بلصقها بتنظيمات إرهابية مثل تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، ومن ثم محاولة الخروج من المأزق الشعبي المحتقن داخليا، باتهام أطراف خارجية بالوقوف وراء دعم الإرهاب، ومحاولة كسب تأييد جماعات سنية محلية من بقايا الصحوات لتمرير إعادة انتخابه رئيسا لوزراء الحكومة المقبلة.

المساهمون