تهويد سلوان: هروب جديد لـ"العاد" من الرفض الشعبي

13 مارس 2015
تدعم بلدية الاحتلال المشروع (أحمد الغربلي/فرانس برس)
+ الخط -
تستمرّ اعتراضات أهالي منطقة سلوان، جنوبي المسجد الأقصى، على مخطط جمعية "العاد" الاستيطانية لبناء مركز "كيديم" السياحي الاستيطاني، على المدخل الشمالي لبلدتهم. ووجّهت لجنة الاستئنافات التابعة للجنة القُطرية الإسرائيلية للتخطيط والبناء، في هذا الصدد ضربة جديدة للأهالي، حين أرجأت، أمس الخميس، مناقشة اعتراضهم إلى شهر مايو/أيار المقبل.

وتبيّن خلال جلسة أمس، أن أحد أعضاء لجنة الاعتراضات، والذي يمثل وزارة البيئة الإسرائيلية، هو ابن مستشار متخصص في حفظ الآثار، طلبت جمعية "العاد" مشورته في شأن الآثار الموجودة في موقع البناء، قبل الاستغناء عن خدماته.

وعقب احتجاج محامو المعترضين على وجود ممثل وزارة البيئة، لاحتمال تأثير العلاقة الأسرية على قرار اللجنة، قررت رئيسة اللجنة تأجيل النظر في الاعتراضات، إلى يومي 28 و29 مايو المقبل، وتشكيل لجنة جديدة، يُستثنى منها الشخص المُعترَض عليه.

وتعمل جمعية "العاد" على إنشاء مركز "كيديم" في سياق حملتها لتهويد سلوان وتسريب العقارات فيها. ويقضي المخطط ببناء مركز سياحي استيطاني تجاري ضخم، مقابل المركز الاستيطاني "عير دافيد"، يكون بمثابة مركز تلمودي لترويج الدعاية الإسرائيلية حول سلوان وعلاقتها بالملك داود، فوق أرضٍ تم تسريبها بطرق ملتوية إلى الجمعية، وكانت تُستخدم حتى عام 2007 كموقف للسيارات.

اقرأ أيضاً: إسرائيل سعت لبناء 7589 وحدة استيطانية بالقدس خلال 2014

وتجري حفريات أثرية إسرائيلية مكثفة بقيادة "العاد"، وبالتعاون الحثيث مع سلطة الآثار الإسرائيلية، منذ أن تمّ الاستيلاء على الأرض. واعترفت سلطة الآثار نفسها، بأن الحفريات الجارية في المكان تُعدّ أضخم عملية حفريات أثرية أشرفت عليها، وتضم واحدة من أهم الاكتشافات الأثرية في فلسطين عموماً والقدس المحتلّة خصوصاً. وتخللت الحفريات تدمير آثار مقبرة إسلامية، في محاولة للوصول إلى طبقات أثرية أقدم، ذات علاقة بالتواجد اليهودي في الموقع، بحسب مصادر إعلامية إسرائيلية.

وسبق لصحيفة "هآرتس"، أن نشرت العام الماضي تقريراً مفصلاً عن مخطط مركز "كيديم"، وعن تواطؤ سلطة الآثار الإسرائيلية ومكاتب حكومية إسرائيلية أخرى مع جمعية "العاد". ويفيد التقرير بأن "هناك انعطافاً حادّاً في موقف سلطة الآثار الإسرائيلية من البناء في تلك الأرض، ففي السابق، كانت سلطة الآثار تعارض وبشكل صارم تشييد أي مبنى في المنطقة، على اعتبارها منطقة أثرية شديدة الأهمية، وتحتوي طبقات كثيرة من الآثار، التي يجب اكتشافها وحفظها". ويتابع التقرير "بدأت سلطة الآثار تغيّر رأيها بين عامي 2001 و2002، وتلاشى موقفها الحازم".

أما اليوم، فتوفّر سلطة الآثار الدعم لبناء مركز "كيديم"، وسط استياء من بعض علماء الآثار الإسرائيليين، الذين يقلقهم عدم وجود ما يُسمّى "خطّة حفظ واضحة للآثار المكتشفة" هناك. ويتبين من خلال الوثائق الداخلية والمراسلات بين جمعية "العاد" وسلطة الآثار الإسرائيلية، والتي حصلت عليها "هآرتس"، بأن حكومة الاحتلال تموّل الحفريات، لا جمعية "العاد"، كما كان يُروّج سابقاً.

ويتبين أيضاً من خلال تلك الوثائق أن "العاد" لم تكن تحوّل أموالاً من كيسها الخاصّ إلى سلطة الآثار، وإنما كانت مجرد حلقة وصل بين مكاتب حكومية إسرائيلية وبين سلطة الآثار، مما يعني أن هذه الحفريات الأثرية الاستيطانية الطابع، تُموّل من جيب دافع الضرائب الإسرائيلي.

ويشمل مخطط المبنى سبعة طوابق، بمساحة تصل إلى أكثر من 16 ألف متر مربّع، على أن تُخصص الطبقة السفلى لعرض النتائج والاكتشافات الأثرية التي عُثر عليها في المكان. وسيتضمّن المبنى موقفاً للسيارات، ومبنى آخر، يتم من خلاله الوصول إلى مركز الزوار "عير دافيد"، بالإضافة إلى مكاتب وصفوف تعليمية ومتحف ومسرح ومحلات تجارية ومطعم. وسيُبنى كل هذا فوق تلّ أثري، يقع على بُعد 20 متراً من سور القدس القديمة، وبارتفاع يُضاهي ارتفاع السور، على حساب التمدد العمراني الطبيعي لأهالي سلوان.

وتحظى هذه الخطة بدعم من رئيس بلدية الاحتلال نير بركات، الذي انضم بشكل نادر وغير اعتيادي إلى الجلسة في بدايتها، وتحدث لبضعة دقائق قبل أن يغادر، داعياً إلى ضرورة الموافقة على هذا المخطط لـ"كونه يساهم في تشجيع السياحة في القدس"، بحسب تعبيره.

وتجاهل بركات في حديثه تماماً، أي اعتراضات مهنية أو سياسية على المبنى، قائلاً بأنه "حتى لو تمّت الموافقة على المخطط بشكله الحالي، إلا أنه سيشعر بنوع من عدم الرضى لرغبته في أن يكون المبنى أكبر وأضخم من المخطط المعروض".

وفي تعليقه على المشاركة المفاجئة لبركات، قال ممثل أهالي سلوان، سامي ارشيد، في حديث مع "العربي الجديد"، بأن "ذلك يؤكد حقيقة أن المشروع حكومي إسرائيلي سياسي، وجمعية العاد ليست إلا واجهة لتنفيذ خطط الحكومة".

ويلفت إلى أن "بلدية الاحتلال التي لا تتوانى عن إصدار أوامر هدم لبيوت الفلسطينيين في سلوان، توافق بسهولة بالغة على مخطط ضخم كهذا، سيزيد من المساحة الاستيطانية على السّكان. وفي حال تمت الموافقة على بناء هذا المبنى فإنه سيزيد من حجم التضييق التي يشكلها المستوطنون وشرطة الاحتلال على أهالي قرية سلوان".

وأبدى اعتقاده بأن ذلك "سيعزز الدعاية اليهودية التي تروّجها دولة الاحتلال للسّياح الأجانب من كلّ العالم، والتي تتمركز حول كون سلوان، وحي وادي حلوة تحديداً مدينة داود، التي عاش فيها الملك داود وحكم بني إسرائيل".

يذكر أن اللجنتين المحلية واللوائية للتخطيط والبناء، وافقتا على مخطط مركز "كيديم"، وستكون جلسة مايو الأخيرة لسماع الاعتراضات. وفي حال عدم قبول اعتراضات الفلسطينيين، لا يبقى أمام السكان سوى خيار الذهاب إلى المحكمة العليا الإسرائيلية.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تسعى إلى إقامة "مغتسل توراتي" مقابل الأقصى

المساهمون