تهريب العملة الصعبة يهدد الصناعة العراقية

23 نوفمبر 2015
مصنع طوب بالقرب من مدينة الحلة جنوب العراق(فرانس برس)
+ الخط -
أعرب خبراء ومسؤولون في الشأن الاقتصادي العراقي عن مخاوفهم من انهيار القطاع الصناعي بالبلاد بشكل كامل، نتيجة استمرار عمليات تهريب العملة الصعبة خارج العراق تحت غطاء الاستيراد.

ويطالب مراقبون بضرورة تشريع قانون يقضي بمنع استيراد المواد التي يتم تصنيعها داخل العراق، دعماً للمنتج المحلي وحفاظاً على العملات الصعبة التي فقدت نحو نصف مواردها بسبب انخفاض أسعار النفط عالمياً.

ويعتمد العراق على النفط في تغذية البنك المركزي بأكثر من 95% من احتياطي النقد الأجنبي.

وقال وزير الصناعة والمعادن العراقي محمد الدراجي في بيان صحافي، مساء أول من أمس الأحد، إن استمرار خروج العملة الصعبة من العراق إلى خارجه وتحويل تلك العملة إلى مواد استهلاكية سيتسبب في انهيار الصناعة العراقية وبالتالي انهيار اقتصاد البلاد.

اقرأ أيضا: احتياطي العراق الأجنبي يتراجع إلى 35 مليار دولار

وأوضح الدراجي أن خط الشروع للصناعة العراقية يقتضي امتلاك وزارة الصناعة 386 مليار دينار عراقي (320 مليون دولار) في الوقت الذي لم توفر الحكومة للوزارة سوى 39 مليار دينار عراقي فقط.

ودعا الدراجي إلى تسهيل إجراءات الاستثمار والشراكة الصناعية مع القطاع الخاص لتشغيل المصانع العراقية وتسويق منتجاتها والتزام دوائر الدولة الرسمية للدولة بشراء المنتجات الصناعية العراقية، في مسعى لتنشيط حركة الشركات التابعة لوزارة الصناعة والقطاع الخاص في ذات الوقت.

واعتبر الخبراء أن الصناعة العراقية بحاجة إلى إجراءات جديدة لإنعاشها بما يصب في مصلحة الاقتصاد العراقي المتهاوي في ظل الأزمة الأمنية التي يعيشها العراق.

اقرأ أيضا: الأزياء المستوردة تزيح ألبسة العراق

وتتخذ إعادة تأهيل القطاع الصناعي في العراق منحى أكثر جدية، في ظل تهاوي النفط الذي تعتمد عليه البلاد، حيث فشلت الحكومات المتعاقبة على العراق، خلال الاثني عشر عاماً الماضية، في تشغيل ما يربو على 90% من مصانع العراق، والتي توقفت فعلياً في فترة الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003.

وقال خبير الصناعات العراقية، محسن السلماني، إن المصانع المحلية في العراق تُنتج ما يزيد عن 270 سلعة مختلفة، غير أن وزارة الصناعة لم تتمكن من الحصول على قرار من مجلس الوزراء يقضي بإلزام مؤسسات الدولة بشراء تلك المنتجات.

وأوضح السلماني لـ "العربي الجديد"، أن من أسباب تدهور الصناعات العراقية استمرار نزوح العملة الصعبة إلى خارج البلاد وتحويلها إلى مواد استهلاكية عبر عقود الاستيراد العديدة التي وقعتها الحكومة مع مختلف بلدان العالم دون وضع خطة استراتيجية مسبقة بهذا الخصوص.

وألمح الوزير إلى أن دوائر ومؤسسات الدولة تدين لشركات التمويل الذاتي بمبالغ كبيرة تصل إلى أكثر من 396 مليار دينار عراقي لمنتجات تم بيعها لها ضمن عقود عديدة في وقت سابق.

وذكر الخبير الاقتصادي حازم العبيدي أن الاقتصاد العراقي يعاني انهياراً مستمراً لأسباب عدة، منها عمليات الفساد المالي التي أُهدرت بسببها مليارات الدولارات من ميزانية الدولة خلال الحكومتين السابقتين برئاسة نوري المالكي بين عامي 2006 - 2014، فضلاً عن تدمير مئات المصانع والمعامل الضخمة في عموم البلاد منذ بداية الاحتلال الأميركي عام 2003، وخلال الحروب الداخلية والعمليات العسكرية الجارية في البلاد حتى الآن.


وبين العبيدي لـ "العربي الجديد"، أن اقتصاد العراق بحاجة إلى خطوات فعالة لإنقاذه من الانهيار المستمر، وأن تشجيع الصناعات العراقية يأتي ضمن الخطط المقترحة لذلك، فضلاً عن ضرورة إعادة تأهيل المصانع والمعامل والمنشآت المدمرة لسد حاجة السوق من المواد الصناعية والاستهلاكية بدلاً من استيرادها من الخارج بالعملة الصعبة التي يحتاجها العراق في هذه المرحة الحساسة ".

ويحاول عدد من البرلمانيين الحد من إغراق السوق بالبضائع الرديئة، عبر تشريع قانون يفرض ضرائب ورسوماً على البضائع الواردة مع التشدد في مراقبتها للحد من السلع غير المطابقة للمواصفات.

فيما يرى مراقبون آخرون أن فتح باب الاستثمار أمام الشركات لتأهيل المنشآت والمصانع الضخمة المدمرة في عموم البلاد من شأنه أن يرسم خريطة جديدة للصناعات العراقية بما يضمن إنعاش الاقتصاد من جديد.

ويقول المهندس الصناعي، فاضل عبد الصبور، إن الصناعات العراقية توقفت تقريباً بتجاوز 90% بعد احتلال البلاد عام 2003 تبعتها العمليات العسكرية والصراعات الداخلية وعمليات الفساد الإداري والمالي، تلك أمور تقتضي من الدولة سرعة رسم خريطة جديدة لمسار الصناعات العراقية عبر استقدام الخبرات العالمية وفتح المجال أمام الباحثين والشركات الاستثمارية لتطوير المصانع والمنشآت بعد إعادة تأهيلها.

وتشير الإحصائيات شبه الرسمية، إلى أن الاحتلال الأميركي تسبب في توقف 90% من المصانع العراقية عن العمل، وانهيار أكثر من 36 ألف مشروع صناعي و350 معملاً للطابوق كانت ترفد السوق المحلية بحاجتها، وإفلاس العديد من الشركات والمصانع مثل مصانع الألومنيوم والحديد والصلب والإنشاءات والبناء والبلاستك واللدائن والنسيج والجلود، فضلاً عن تدمير مئات المعامل والمصانع بالقصف الجوي خلال الحرب.

اقرأ أيضا: العراق: المناصب الحكومية للبيع والشراء 
المساهمون