تهديدات "داعش" تُقلق ألمانيا واطمئنان لغياب الجهاديين بين اللاجئين

11 اغسطس 2015
التهديد لألمانيا جاء عبر جهاديَيْن يتحدثان اللغة الألمانية(فرانس برس)
+ الخط -

لا تزال قضية الشريط المصور الذي نشره تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) منتصف الأسبوع الماضي، مهدداً فيه ألمانيا والمستشارة أنجيلا ميركل، على خلفية ما قال إنه "دعمها للمرتدين في محيط الدولة الإسلامية وثأراً للمسلمين في أفغانستان"، تتفاعل في الأوساط الإعلامية والسياسية والأمنية، ولا سيما أنّ الشريط تضمن مشهد إعدام في نهايته، ما اعتبر بمثابة تصعيد تجاه ألمانيا. وجاء هذا التهديد المباشر لألمانيا، عبر جهاديَيْن يتحدثان اللغة الألمانية، بعد الهجمات التي حصلت في عدد من الدول العربية والأوروبية، ما زاد حالة الإرباك ورفع درجة التأهب وسط مخاوف من انتقام التنظيم من ألمانيا.

وكان قد ظهر في الشريط، الذي حمل عنوان "السياحة في هذه الأمة" وصوّر في مدينة تدمر السورية، المواطن النمساوي محمد محمود، وهو الصديق المقرب لمغني الراب السابق البرليني دينيس كوسبر المعروف باسم ديسو دوغ، وكان قد انضم منذ مدة إلى التنظيم، وسبق أن ظهر في شرائط مصورة سابقة. أما الشخص الثاني فهو المعروف بـ "أبو عمر الألماني"، والذي طالب "الأخوة والأخوات بالانضمام إلى قافلة الجهاديين في سورية"، مشبهاً "الجهاد بالعطلة" بالنسبة إليهم.

اقرأ أيضاً ألمانيا: مئة "خلية نائمة"... والأمن الإلكتروني بالمرصاد

يذكر أنّ محمد محمود وهو إسلامي من النمسا، ويعتبر رأس الخلية الأساسية للجهاديين الألمان ومؤسس موقع جهادي عرف باسم "الجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية"، وهو الفرع الألماني لتنظيم القاعدة للدعاية. وكان محمود خطيباً في مسجد "ملة إبراهيم" الذي أغلقته السلطات الألمانية، وحكم عليه في العام 2008 بالسجن لمدة 4 سنوات. وبعد إطلاق سراحه أسّس محمود مع صديقه مغني الراب ديسو دوغ مجموعة سلفية عرفت باسم مجموعة "الملة إبراهيم". وفي العام 2013، ترك محمود ألمانيا وتوجه إلى مصر ليتبين في ما بعد أنه كان مسجوناً في تركيا إلى أن ظهر أخيراً في سورية.

وعلى الرغم من تزايد القلق في الأوساط الألمانية من أي هجمات محتملة في ظل وجود معلومات مؤكدة عن انخراط مئات الألمان في المنظمات المتطرفة، تؤكد الحكومة الألمانية أنّ ما يشاع عن وجود مقاتلين بين اللاجئين في البلاد غير صحيح. وتضمنت توضيحات الحكومة تأكيدها أنه ليس هناك من دليل يمكن الاعتماد عليه عن تهريب مقاتلين أو متعاطفين مع "الدولة الإسلامية" يقيمون في مخيمات اللاجئين. كما أنه ليس هناك من هياكل منظمة لتلك المجموعات في ألمانيا.

ووفقاً لجهاز الاستخبارات الألمانية، فإن نحو 720 متشدداً تقاطروا من ألمانيا إلى سورية والعراق. وتعدّ الأعداد المتزايدة من الفتيات اللواتي غادرن البلاد أيضاً ظاهرة لافتة. وقد أدى هذا الأمر إلى زيادة نسبة القلق لدى السلطات الأمنية الألمانية، بعد أنّ تم استقطاب الفتيات عبر منتديات خاصة وصغيرة، وإقناعهن أنهن "سيصبحن من مجتمع النخبة وسيتمتعن برفاهية في هذا المجتمع الإسلامي الجديد".

وتشير تقارير الاستخبارات إلى أنّ عدد الفتيات اللواتي غادرن البلاد يفوق المائة فتاة، وأنّ ما نسبته 40 في المائة منهن تقل أعمارهن عن الـ25 عاماً، فيما أعلن مكتب حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) عن عودة ما يقارب 230 شخصاً، وأنّ هناك أدلة على زيادة الخبرة القتالية لديهم، وهو أمر يثير القلق.

وأظهرت أرقام نُشرت حديثاً عن بلوغ عدد السلفيين في ألمانيا 7300 بعدما كانوا في العام 2005 يشكلون نصف هذا العدد، وهم يرفضون الديمقراطية الغربية ويرون في النظام الإسلامي الشكل الشرعي والوحيد للدولة والمجتمع.

وكان رئيس هيئة حماية الدستور الألمانية (الاستخبارات الداخلية)، هانز جورج ماسن، قد حذر في وقت سابق من انتقال المعارك من الساحة الافتراضية إلى أرض الواقع، بعدما أثبتت التنظيمات المتطرفة قدرتها على التجييش الإعلامي. ولفت ماسن إلى أن "الصور المروعة أظهرت درجة عالية من الاحتراف، وهي من أهم عناصر الحرب النفسية، وما يساعدنا فقط هو الوعي والتيقظ". ووفقاً لرئيس هيئة حماية الدستور، فإنه "لا تزال مناطق الصراع في سورية والعراق مناطق جاذبة للشباب من ألمانيا، من الذين يسعون للقتال الى جانب المجاهدين"، معتبراً أنّ "مشهد الإسلاميين في ألمانيا يتزايد بلا هوادة".

وفي مواجهة هذه التطورات، تقوم السلطات الألمانية حالياً باعتماد أسلوب الدعاية المضادة. وقد تم أخيراً نشر عدد من المقابلات مع أشخاص عادوا من جبهات القتال وقاموا بشرح ما ينتظر المقاتلين الألمان، وما تعرضوا له من عمليات ابتزاز، الأمر الذي دفع  تنظيم "داعش" إلى بثّ أشرطة مصورة جديدة أكثر عنفاً وتطرفاً.

اقرأ أيضاً: شعلة "محاربة الإرهاب" إلى القارة العجوز!