تبدو بريطانيا اليوم اللاعب الأبرز لرسم التوجّهات الدولية بشأن اليمن، مع نجاح وزير خارجيتها جيريمي هانت، في زيارته الأخيرة إلى المنطقة، بتحقيق تهدئة عسكرية كانت أغلب التوقعات تذهب إلى استحالة صمودها في محافظة الحديدة الاستراتيجية، حيث المعركة المصيرية في مسار الحرب والسلام. حظوظ صمود التهدئة في المحافظة أمام اختبار صعب في الأيام القليلة المقبلة، وعقب الجلسة المقرر أن يعقدها مجلس الأمن الدولي، اليوم الجمعة، وستتضح على ضوئها فرص صمود الجهود الدبلوماسية البريطانية-الأميركية أو عدم صمودها، في معادلة ميدانية معدومة الثقة ولا تشجع على الحل. وبالتوازي مع التهدئة في الحديدة أمس الخميس، التي جاءت بعد ضغوط دولية، كانت السلطات اليمنية عبر رئيسها عبدربه منصور هادي، تعلن تأييدها لمحادثات السلام التي يعتزم المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث عقدها قبل نهاية العام الحالي، وذلك بعد موقف إماراتي مشابه.
ومن المقرر أن يناقش مجلس الأمن اليوم، مشروع قرار دوليا بشأن اليمن، وفقاً لما أعلنه وزير الخارجية البريطاني، عقب زيارته الأخيرة إلى السعودية والإمارات، والتي كان لها الدور المحوري في التهدئة المفروضة في مدينة الحديدة، منذ يوم الإثنين الماضي، وأكد خلالها أنه ينبغي على جميع الأطراف الالتفاف وراء عملية السلام بقيادة المبعوث الأممي مارتن غريفيث، والجهود التي تبذلها بلاده في مجلس الأمن لإنهاء الصراع، قائلاً "أمامنا فرصة ضيقة لإحداث فرق".
وفي الوقت الذي لم يُكشف فيه عن مسودة القرار البريطاني، حتى عصر أمس الخميس، من المتوقع أن يحمل القرار دعوة واضحة لوقف التصعيد العسكري، ودعم المفاوضات التي يحضّر غريفيث لعقدها خلال ديسمبر/كانون الأول المقبل، وكل ما من شأنه أن يترجم موقف المجتمع الدولي. هذا الموقف برز على لسان مسؤولين غربيين رفيعي المستوى في الأسابيع الأخيرة، بما فيها مصادقة البرلمان الأوروبي على تجديد الدعوة لوقف بيع الأسلحة إلى السعودية، ومن قبل واشنطن ولندن على نحو خاص، واللتين شددتا على ألا حل عسكرياً في اليمن وأنه آن الأوان لتضع الحرب أوزارها بصرف النظر عما إذا كان ذلك سينجح في وقف معركة الحديدة، أم يهيئ لمرحلة ما بعد حسم المعركة بالتسوية السياسية أو العمليات العسكرية في المدينة.
وأفادت مصادر سياسية قريبة من الحكومة اليمنية لـ"العربي الجديد"، بأن زيارة الوزير البريطاني الإثنين الماضي إلى كلٍ من الرياض وأبوظبي، كان لها الأثر المباشر بفرض تهدئة الحديدة، مع تلويح لندن بتحرك جاد في مجلس الأمن لفرض وقف الحرب بقرار دولي، من شأنه سحب الغطاء الدولي عن حرب التحالف السعودي الإماراتي، بعدما رفع الأخير شعار المطالبة بتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة باليمن، كمبرر لحربه بطلب من الحكومة الشرعية، وللإجراءات التي اتخذها بفرض حصار على الواردات الآتية إلى اليمن.
وفي السياق نفسه، نقلت وكالة "رويترز" أمس عن ثلاثة مصادر عسكرية، تأكيدها أن التحالف أمر بوقف حملته العسكرية في الحديدة، مضيفة أن التحالف استجاب لمطالب دولية بوقف إطلاق النار لضمان حضور الحوثيين محادثات السلام المزمعة. لكن المتحدث باسم التحالف تركي المالكي، لم يؤكد صدور أمر وقف الحملة العسكرية، قائلاً إن العمليات مستمرة في المدينة. وأضاف لـ"رويترز" إن لكل عملية سماتها وإيقاعها، لكنه لم يتحدث بالتفاصيل. أما "رئيس اللجنة الثورية العليا" التابعة للحوثيين، محمد علي الحوثي، فقال لـ"رويترز" إن جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) لم ترَ بعد إعلاناً رسمياً عن وقف الأعمال العدائية، وإن هناك مناوشات مستمرة في الضواحي الخارجية للحديدة.
اقــرأ أيضاً
وعادة ما تتصدر لندن، المقرر الدولي في الشأن اليمني، الضغوط والتحركات الدولية الأكثر جدية، وكانت المسؤولة عن صياغة مسودات القرارات والبيانات الصادرة بشأن اليمن منذ سنوات، بما فيها القرار 2140 (2014)، الذي وضع اليمن للمرة الأولى تحت البند السابع. ومنذ بدء الهجوم على الحديدة في يونيو/حزيران الماضي، كثّفت بريطانيا من جهودها في إطار مجلس الأمن، بالدعوة إلى جلسات متكررة بشأن اليمن، لدعم جهود المبعوث البريطاني الجنسية، مارتن غريفيث.
وفي تصريح له، يوم الاثنين الماضي، قال المتحدث باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إدوين سموأل، إن "بريطانيا تؤدي دوراً مهماً في ما يخص هذه الأزمة في إطار الأمم المتحدة، فهي حاملة القلم في ما يتعلق باليمن، وهو ما يُعرف في المجال الدبلوماسي بالطرف الذي يقود النقاشات وصياغة القرارات في مجلس الأمن، وهذا يدل على اهتمامنا الكبير بهذه القضية".
في الجانب الحكومي اليمني، لا يُعتبر الدور البريطاني محل ثناء بالضرورة، بل على العكس من ذلك، يبدي مسؤولون حكوميون أو مناصرون للحكومة تحفظاً على دور "حاملة القلم" في الشأن اليمني، وآخر ذلك كانت اتهامات أطلقها محافظ البنك المركزي اليمني، محمد منصور زمام، في تصريحات صحافية، تحدث فيها عن أن بريطانيا رفضت رفع الحظر عن حسابات المصرف المركزي، ووضعت شروطاً سياسية مقابل ذلك. كما واجهت بريطانيا حملة انتقادات في مواقع التواصل الاجتماعي، ورأى البعض أنها سارعت لـ"إرخاء الحبل من رقبة الحوثي في الحديدة"، وقللوا من شأن الدوافع الإنسانية.
في المقابل، وعلى الرغم من نجاح لندن في فرض التهدئة على التحالف السعودي-الإماراتي، لا يزال الوضع في الحديدة، على الأقل، في غاية التعقيد. وفيما عمّ أمس الهدوء في المدينة، على الرغم من سماع أصوات تبادل إطلاق النار بين الحين والآخر، فقد أكد سكان ومصادر محلية متعددة لـ"العربي الجديد"، أن القوات اليمنية المدعومة من التحالف ومثلها مسلحو جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، واصلوا في الأيام الماضية استقدام التعزيزات إلى المدينة وتعزيز المواقع الخاضعة لكل من الطرفين، بما يجعل استئناف المواجهات أمراً متوقعاً في أي لحظة، في وقتٍ كانت فيه المعارك تقترب من المنشآت الحيوية الهامة، وعلى رأسها ميناء الحديدة، الذي يعد شريان المساعدات الإنسانية والواردات التجارية، بالنسبة لغالبية اليمنيين.
ومن المرجح أن تلقي نتائج جلسة مجلس الأمن الدولي اليوم بشأن اليمن، بظلالها في إمكانية صمود التهدئة في الحديدة أو عدمها، بالإضافة إلى المفاوضات التي أعلن المبعوث الأممي استعداده لرعايتها بشأن المدينة، مع حديث قوات الشرعية عن عرضٍ قدّمه الحوثيون بتسليم ميناء الحديدة مقابل بقاء سيطرة الجماعة على المدينة، وهو العرض الذي قابلته قوات الشرعية بالرفض واشتراط أن يشمل أي انسحاب المدينة والميناء.
وفي هذا السياق، أعلن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، أمس تأييده للمحادثات. ونقلت وكالة "سبأ" الرسمية التابعة للشرعية، عن متحدث باسم هادي، أن الرئيس "وجّه بدعم كل الجهود التي تضمن مصلحة اليمن في الوصول إلى سلام مستدام"، لكنه شدّد على أن "معركة اليمنيين لتحرير الحديدة أمر لم يعد منه مفر، سلماً أم حرباً". وجاءت تصريحات هادي بعد ساعات من إعلان دولة الإمارات، على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش، عن تأييدها محادثات سلام في السويد قبل نهاية العام.
وفي الإطار نفسه، نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر مطلع إن السويد تستعد لاستضافة المشاورات عندما تصبح الأطراف "مستعدة للحديث". وأضاف المصدر "سأصف العملية بأنها إيجابية قليلاً. اتُخذت خطوات خلال الأسابيع الماضية نحو محادثات السلام".
يُذكر أن التحالف السعودي-الإماراتي ومعه الحكومة اليمنية، وكذلك الحوثيون، ينظرون إلى معركة الحديدة على أنها مسألة مصيرية، سيتحدد على ضوئها مصير مختلف للحرب ومقتضيات السلام على طاولة المفاوضات. وواجه التحالف منذ الشهور الأولى للتصعيد، ضغوطاً دولية قوية، سعت إلى الحيلولة دون حصول كارثة جديدة باستهداف المدينة التي تغذي أغلب المناطق اليمنية ذات الكثافة السكانية بالوقود والمواد الغذائية، في وقتٍ يعيش فيه الملايين، وضعاً يشبه المجاعة.
اقــرأ أيضاً
ومن المقرر أن يناقش مجلس الأمن اليوم، مشروع قرار دوليا بشأن اليمن، وفقاً لما أعلنه وزير الخارجية البريطاني، عقب زيارته الأخيرة إلى السعودية والإمارات، والتي كان لها الدور المحوري في التهدئة المفروضة في مدينة الحديدة، منذ يوم الإثنين الماضي، وأكد خلالها أنه ينبغي على جميع الأطراف الالتفاف وراء عملية السلام بقيادة المبعوث الأممي مارتن غريفيث، والجهود التي تبذلها بلاده في مجلس الأمن لإنهاء الصراع، قائلاً "أمامنا فرصة ضيقة لإحداث فرق".
وأفادت مصادر سياسية قريبة من الحكومة اليمنية لـ"العربي الجديد"، بأن زيارة الوزير البريطاني الإثنين الماضي إلى كلٍ من الرياض وأبوظبي، كان لها الأثر المباشر بفرض تهدئة الحديدة، مع تلويح لندن بتحرك جاد في مجلس الأمن لفرض وقف الحرب بقرار دولي، من شأنه سحب الغطاء الدولي عن حرب التحالف السعودي الإماراتي، بعدما رفع الأخير شعار المطالبة بتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة باليمن، كمبرر لحربه بطلب من الحكومة الشرعية، وللإجراءات التي اتخذها بفرض حصار على الواردات الآتية إلى اليمن.
وفي السياق نفسه، نقلت وكالة "رويترز" أمس عن ثلاثة مصادر عسكرية، تأكيدها أن التحالف أمر بوقف حملته العسكرية في الحديدة، مضيفة أن التحالف استجاب لمطالب دولية بوقف إطلاق النار لضمان حضور الحوثيين محادثات السلام المزمعة. لكن المتحدث باسم التحالف تركي المالكي، لم يؤكد صدور أمر وقف الحملة العسكرية، قائلاً إن العمليات مستمرة في المدينة. وأضاف لـ"رويترز" إن لكل عملية سماتها وإيقاعها، لكنه لم يتحدث بالتفاصيل. أما "رئيس اللجنة الثورية العليا" التابعة للحوثيين، محمد علي الحوثي، فقال لـ"رويترز" إن جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) لم ترَ بعد إعلاناً رسمياً عن وقف الأعمال العدائية، وإن هناك مناوشات مستمرة في الضواحي الخارجية للحديدة.
وعادة ما تتصدر لندن، المقرر الدولي في الشأن اليمني، الضغوط والتحركات الدولية الأكثر جدية، وكانت المسؤولة عن صياغة مسودات القرارات والبيانات الصادرة بشأن اليمن منذ سنوات، بما فيها القرار 2140 (2014)، الذي وضع اليمن للمرة الأولى تحت البند السابع. ومنذ بدء الهجوم على الحديدة في يونيو/حزيران الماضي، كثّفت بريطانيا من جهودها في إطار مجلس الأمن، بالدعوة إلى جلسات متكررة بشأن اليمن، لدعم جهود المبعوث البريطاني الجنسية، مارتن غريفيث.
وفي تصريح له، يوم الاثنين الماضي، قال المتحدث باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إدوين سموأل، إن "بريطانيا تؤدي دوراً مهماً في ما يخص هذه الأزمة في إطار الأمم المتحدة، فهي حاملة القلم في ما يتعلق باليمن، وهو ما يُعرف في المجال الدبلوماسي بالطرف الذي يقود النقاشات وصياغة القرارات في مجلس الأمن، وهذا يدل على اهتمامنا الكبير بهذه القضية".
في الجانب الحكومي اليمني، لا يُعتبر الدور البريطاني محل ثناء بالضرورة، بل على العكس من ذلك، يبدي مسؤولون حكوميون أو مناصرون للحكومة تحفظاً على دور "حاملة القلم" في الشأن اليمني، وآخر ذلك كانت اتهامات أطلقها محافظ البنك المركزي اليمني، محمد منصور زمام، في تصريحات صحافية، تحدث فيها عن أن بريطانيا رفضت رفع الحظر عن حسابات المصرف المركزي، ووضعت شروطاً سياسية مقابل ذلك. كما واجهت بريطانيا حملة انتقادات في مواقع التواصل الاجتماعي، ورأى البعض أنها سارعت لـ"إرخاء الحبل من رقبة الحوثي في الحديدة"، وقللوا من شأن الدوافع الإنسانية.
في المقابل، وعلى الرغم من نجاح لندن في فرض التهدئة على التحالف السعودي-الإماراتي، لا يزال الوضع في الحديدة، على الأقل، في غاية التعقيد. وفيما عمّ أمس الهدوء في المدينة، على الرغم من سماع أصوات تبادل إطلاق النار بين الحين والآخر، فقد أكد سكان ومصادر محلية متعددة لـ"العربي الجديد"، أن القوات اليمنية المدعومة من التحالف ومثلها مسلحو جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، واصلوا في الأيام الماضية استقدام التعزيزات إلى المدينة وتعزيز المواقع الخاضعة لكل من الطرفين، بما يجعل استئناف المواجهات أمراً متوقعاً في أي لحظة، في وقتٍ كانت فيه المعارك تقترب من المنشآت الحيوية الهامة، وعلى رأسها ميناء الحديدة، الذي يعد شريان المساعدات الإنسانية والواردات التجارية، بالنسبة لغالبية اليمنيين.
ومن المرجح أن تلقي نتائج جلسة مجلس الأمن الدولي اليوم بشأن اليمن، بظلالها في إمكانية صمود التهدئة في الحديدة أو عدمها، بالإضافة إلى المفاوضات التي أعلن المبعوث الأممي استعداده لرعايتها بشأن المدينة، مع حديث قوات الشرعية عن عرضٍ قدّمه الحوثيون بتسليم ميناء الحديدة مقابل بقاء سيطرة الجماعة على المدينة، وهو العرض الذي قابلته قوات الشرعية بالرفض واشتراط أن يشمل أي انسحاب المدينة والميناء.
وفي الإطار نفسه، نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر مطلع إن السويد تستعد لاستضافة المشاورات عندما تصبح الأطراف "مستعدة للحديث". وأضاف المصدر "سأصف العملية بأنها إيجابية قليلاً. اتُخذت خطوات خلال الأسابيع الماضية نحو محادثات السلام".
يُذكر أن التحالف السعودي-الإماراتي ومعه الحكومة اليمنية، وكذلك الحوثيون، ينظرون إلى معركة الحديدة على أنها مسألة مصيرية، سيتحدد على ضوئها مصير مختلف للحرب ومقتضيات السلام على طاولة المفاوضات. وواجه التحالف منذ الشهور الأولى للتصعيد، ضغوطاً دولية قوية، سعت إلى الحيلولة دون حصول كارثة جديدة باستهداف المدينة التي تغذي أغلب المناطق اليمنية ذات الكثافة السكانية بالوقود والمواد الغذائية، في وقتٍ يعيش فيه الملايين، وضعاً يشبه المجاعة.