تمويل "ولاية سيناء": تبرعات عبر "تويتر" وتجّار بشر "تائبون"

18 مارس 2015
أهالي ضحايا للتنظيم في سيناء (الأناضول)
+ الخط -
يعدّ موضوع تمويل "الجماعات الجهادية" في العالم أحد أكثر المسائل غموضاً؛ إذ لا يعلن أي تنظيم عن مصادر تمويله. وتحتفظ هذه الجماعات بمصادر التمويل بدرجة عالية من السرّية، يكاد لا يعرفها إلا عدد قليل من القيادات، ولا تصل أي من تلك المعلومات، إلا إلى المستويات القيادية الأقل.
غير أنّ تنظيم "ولاية سيناء"، الذي أعلن مبايعة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) قبل بضعة أشهر، خالف قاعدة "سرّية التمويل".

ودشّن مناصرون للتنظيم حساباً عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" يحمل اسم "مؤسسة الطور"، وهو متخصص في استقبال التبرعات لصالح التنظيم.
اقرأ أيضاً ("ولاية سيناء" يتمدّد: فتح باب "التجنيد العام")

وظل هذا الأمر مثار جدل بين أنصار التنظيم على مواقع التواصل الاجتماعي، خوفاً من أن يكون الحساب "مزوراً" هدفه جمع الأموال عن طريق النصب وإلصاق نفسه بـ"ولاية سيناء".
ولما تحققت "العربي الجديد" من صحة الحساب، وإن كان يتبع "ولاية سيناء" أم لا؟ تبيّن أنّه من مناصرين للتنظيم يسعون لاستقبال أموالٍ لدعمه.
وقالت مصادر على صلة وثيقة بـ"ولاية سيناء"، فضلت عدم نشر اسمها، إن "حساب (مؤسسة الطور) مزكّى من قبل الأخوة في الولاية، وهم أشخاص لهم ثقة كبيرة، ولا صحة أنهم يقومون بالنصب".
وأضافت المصادر أنّ "الحساب أُسس لاستقبال التبرعات من المسلمين لدعم العمليات في سيناء، فضلاً عن توجيه بعض الأموال إلى إيواء عوام المسلمين المشرّدين". وأُنشئ حساب باسم "مؤسسة الطور" صباح السبت الماضي، لكن إدارة موقع "تويتر" حذفت الحساب في اليوم التالي.

وبدا على تنظيم "ولاية سيناء"، وتحديداً من إعلان مبايعة "الدولة الإسلامية" قوّة العمليات وكثرتها، وهو ما يعكس وجود فائض مالي كبير لديه. ونفّذ التنظيم على مدار الأشهر القليلة الماضية، عدّة عمليات تحتاج إلى أموال ضخمة، لتجهيز أكثر من 20 طناً متفجرات موزّعة على ثلاث عمليات ضدّ قوات الجيش والشرطة ومقرّات عسكرية وأمنية. وكانت آخر عملية للتنظيم تنفيذه هجوماً بصهريج محمّل بعشرة أطنان من المتفجّرات على معسكر الأمن المركزي بحي المساعيد في مدينة العريش.
وفي أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، كان قد نفّذ هجوماّ على مقرّات عسكرية وأمنية، باستخدام نفس الكمية من المتفجرات بنحو عشرة أطنان. وتبيّن هذه العمليات والتحركات أنّ التنظيم لديه مصدر تمويل قوي، يسمح له بالإنفاق بشكل كبير على تنفيذ عمليات ضدّ الجيش والشرطة في مصر.
ويمكن التفريق بين نوعين من التمويل؛ الأوّل من خلال مصادر خاصة سواء من قبل التنظيم الأم "الدولة الإسلامية"، أو مصادر محلية وغالباً ما يكون ثابتاً، والثاني أشبه بـ"مؤسسة الطور"، بحيث يمكن الاعتماد على ما يمكن أن يأتي من تبرعات.
ورجحت مصادر جهادية، أن يكون حساب "مؤسسة الطور" لزيادة فعالية انتقال الأموال إلى التنظيم خلال الفترة المقبلة، بما يشكل فائضاً أكبر لإمكانية تنفيذ عمليات أكثر قوة، وفي أوقات متقاربة.
وقالت المصادر التي فضلت عدم نشر اسمها لـ"العربي الجديد" إن "التنظيم ربما يريد التوسع، ولكن الأموال المخصصة له ليست كافية، ولا يمكن الحكم على التمويل الذي يأتي إليه من تنظيم "داعش" إن كان كافياً أم لا".
وأضافت أنّ "الأموال الثابتة تكون من مصادر معلومة بشكل كبير ومحددة، أما (مؤسسة الطور)، فهي تعتمد على تبرعات المسلمين وليست ثابتة".
وفي وقت سابق، منح تنظيم "ولاية سيناء" بعض الأموال للمتضررين من قصف طائرات الجيش للمنازل، والمشردين بفعل تهجير أهالي رفح لإقامة المنطقة العازلة مع قطاع غزة.
ويقول باحث في الحركات الإسلامية، مفضلاً عدم نشر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "إعلان تنظيم (ولاية سيناء) عن حساب لجمع التبرعات يشكل نقلة في التنظيمات الجهادية".
واستغرب الباحث من تخصيص حساب على "تويتر" لاستقبال التبرعات لصالح التنظيم، خصوصاً أنّ كلّ أجهزة استخبارات العالم ستراقب هذا الحساب، ويمكن معرفة تفاصيل سرّية عن التنظيم، أو محاولة معرفة من صاحب الحساب ومن أي مكان.
وأكد الباحث إمكانية أن يكون صاحب الحساب في العراق أو سورية، وهذا الأمر المنطقي، إذ إنه من الصعب أن يؤسس شخص في مصر مثل هذا الحساب، لما له من حساسية كبيرة تتعلق بتمويل تلك التنظيمات.
ورغم ذلك، فإن المؤكد، وفقاً، لشهادات مصادر قريبة من التنظيم، أنّ الأخير"يعتمد على مصادر دعم داخلية؛ فله أصحاب رؤوس أموال داخل التنظيم ومنهم شادي المنيعي، المعروف بأنه أحد القيادات الكبيرة داخل التنظيم، وهو تاجر سلاح ومواد بترولية، في المقام الأول، إذ كان يمتلك أسطولاً من السيارات، وله عدد كبير من الأراضي الزراعية بمناطق المهدية، وشرقها برفح سيناء".
 وتضيف المصادر لـ"العربي الجديد" أنّ "هناك العديد من الأثرياء، داخل التنظيم شأن المنيعي، وباتوا يدفعون مالاً لأعداد لا بأس بها من المتضررين من عمليات الجيش المصري، ومن يُهدم منزله يأخذ مبلغاً شهرياً، وهذا ما يدفع المواطنين لاحتضانهم". وتشير إلى أن "من بينهم أيضاً عدداً لا بأس به من تجار البشر، قبل أن يعلنوا التوبة بانضمامهم لهذا التنظيم".