تمديد الطوارئ في شمال سيناء: إخفاق أمني وتهميش للبرلمان

15 يناير 2016
يرى مراقبون أن التمديد يظهر فشل الحملة الأمنية(فرانس برس)
+ الخط -
أثار قرار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، تمديد حالة الطوارئ لثلاثة أشهر في شمال سيناء، للمرة الرابعة على التوالي، غضباً حقوقياً وشعبياً لدى أهالي المنطقة، التي تمثّل البوابة الشرقية لمصر، ونقطة حدودها مع قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة. كما أنه يكشف، وفقاً لمراقبين، أن السلطات المصرية لم تستطع حتى الآن، تحقيق مستوى مقبول من النجاح في الحملة التي بدأتها قوات الجيش والشرطة قبل أكثر من عام، بحجة "محاربة الإرهاب، ومواجهة الجماعات التكفيرية".

ونُشر قرار تمديد الطوارئ في شمال سيناء في الجريدة الرسمية، يوم الثلاثاء، مؤرخاً بتاريخ 9 يناير/ كانون الثاني الحالي، ونصّ على أن "تُمدد حالة الطوارئ في المنطقة المحددة شرقاً من تل رفح مروراً بخط الحدود الدولية وحتى العوجة، وغرباً من غرب العريش حتى جبل الحلال، وشمالاً من غرب العريش ماراً بساحل البحر حتى خط الحدود الدولية في رفح، لمدة ثلاثة أشهر". ويسري هذا القرار "اعتباراً من الأربعاء 27 يناير/ كانون الثاني الحالي". وبحسب الجريدة الرسمية، فإن هذا القرار يُعمل به بعد موافقة مجلس النواب، الذي بدأ أعماله الأحد الماضي.

ويقضي القرار بحظر التجوّل في هذه المنطقة بين السابعة مساء والسادسة صباحاً، ما عدا العريش، كبرى مدن شمال سيناء، التي يحظّر التجول فيها بين الواحدة والخامسة صباحاً بالتوقيت المحلي. وبمقتضى هذا القرار تدخل منطقة شمال سيناء في حالة طوارئ ممتدة لثلاثة أشهر أخرى، ليصبح إعلان حالة الطوارئ منذ إقرارها في 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2014 وحتى الآن لأكثر من عام وثلاثة أشهر في منطقة شمال سيناء، مخالفاً للدستور.

ومساء الاثنين الماضي، أعلن رئيس مجلس النواب علي عبد العال، تلقي المجلس إخطاراً من رئيس الوزراء بقرار رئيس الجمهورية رقم 417 لسنة 2015، بإعلان حالة الطوارئ في بعض المناطق بمدينتي العريش ورفح بمحافظة شمال سيناء، لمدة ثلاثة أشهر، اعتباراً من الساعة الواحدة صباح يوم 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2015 إلى 27 يناير/ كانون الثاني الحالي.

وبمقتضى القرار تتولى القوات المسلحة والشرطة اتخاذ ما يلزم لمواجهة الإرهاب وتمويله لحفظ الأمن في المنطقة، ويعاقب بالسجن كل من يخالف الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية في هذا الصدد.

واعترض النائب المستقل فؤاد بدراوي على مضمون الإخطار، قائلاً إنه كان يجب أخذ موافقة المجلس، طبقاً للمادة 154 من الدستور، التي تتحدث عن وجوب موافقة المجلس، الأمر الذي دفع رئيس المجلس لمقاطعته، والقول إنه من غير الملزم أخذ موافقة المجلس على الإخطار.

وتنص المادة 154 على أن "يُعلن رئيس الجمهورية، بعد أخذ رأي مجلس الوزراء، حالة الطوارئ، على النحو الذي ينظمه القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية ليقرر ما يراه بشأنه. وإذا حدث الإعلان في غير دور الانعقاد العادي، وجب دعوة المجلس للانعقاد فوراً للعرض عليه".

اقرأ أيضاً: رئيس البرلمان يرفض التصويت على مدّ حالة الطوارىء بسيناء

ويصف الناشط الحقوقي أحمد مفرح، القرار الصادر من السيسي منفرداً على الرغم من وجود البرلمان، بالمهزلة التشريعية، التي تُفاقم ورطة البرلمان التشريعية في مناقشة وإقرار أكثر من 300 قرار وقانون صدرت خلال فترة حكم الرئيس المؤقت عدلي منصور، والسيسي في غياب البرلمان.

ويستنكر المسؤول السابق عن الملف المصري في مؤسسة الكرامة الدولية لحقوق الإنسان، استباق السيسي انعقاد مجلس النواب بإصدار القرار منفرداً، لافتاً إلى أن "مجلس النواب مختص بالتصديق على حالة الطوارئ بعد انعقاده طبقاً للدستور وليس رئيس الجمهورية، لكن السيسي اتخذ القرار منفرداً قبل انعقاد مجلس النواب بيوم واحد، ليقرر تمديد حالة الطوارئ بداية من تاريخ مستقبلي وهو 27 يناير/ كانون الثاني الحالي".

ويرى مفرح أن إعلان حالة الطوارئ في شمال سيناء للمرة الرابعة، يفتقد للمشروعية الدستورية، مشيراً إلى أنه منذ أن انتهى العمل بهذه الحالة في 25 أبريل/ نيسان 2015 الماضي، بعد أن تم إعلانها في 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2014 وتمديده طبقاً للدستور في 24 يناير/ كانون الثاني 2015 لثلاثة أشهر أخرى، وهو الحد المسموح به للسلطة التنفيذية لتمديدها لحالة الطوارئ طبقاً للدستور.

وعن حالة شمال سيناء في ظل الطوارئ، يشير مفرح إلى أن "المادة الثالثة التي تم الاستناد إليها لإضفاء المشروعية على عمليات التهجير القسري للمدنيين وإنشاء منطقة عازلة طبقاً لقانون الطوارئ، غير دستورية ولا يمكن الارتكاز إليها"، موضحاً أن "المحكمة الدستورية العليا قضت في حكمها الصادر بتاريخ الثامن من يوليو/ تموز 2013 بعدم دستورية بعض الفقرات من المادة الثالثة من قانون الطوارئ، وطالبت رئيس الجمهورية بعدم التوسّع في استخدام تلك التدابير، وأن تتقيّد بالغاية المحددة طبقاً لقانون الطوارئ وإلا وقع ما اتخذته مخالفاً للدستور".

ويضيف مفرح أن "قيام السيسي منفرداً بتمديد حالة الطوارئ قبل انعقاد مجلس النواب المختص دستورياً بذلك، لا يُفهم سوى أنه لا يحترم هذه المواد والقوانين ولا يهتم بالدور الرقابي والتشريعي، الذي من المفترض أن يُقدم عليه مجلس النواب خلال الفترة المقبلة".

فيما يؤكد باحث سياسي مصري، لـ"العربي الجديد"، أن "إعلان حالة الطوارئ في شمال سيناء لم يحمِ المدنيين، الذين ظلوا أكثر من عانى من إعلان حالة الطوارئ، خصوصاً في ظل سياسة التهجير القسري للمدنيين، باعتبارها من إحدى التدابير التي نصّ عليها إعلان حالة الطوارئ، على الرغم من مخالفتها الدستور المصري، إذ يمنع الدستور منعاً باتاً التهجير القسري للسكان، ويعتبره في مادته 63 جريمة لا تسقط بالتقادم".

وتكشف الأحداث في سيناء، عدم صحة الكلام المستمر للمتحدث العسكري باسم القوات الأمنية ولخبراء عسكريين، عن سيطرة الجيش على الأوضاع على الأرض وتصفية عناصر مسلحة.

وتقول مصادر قبلية من سيناء، إن الجيش شنّ قبل يومين حملة اعتقالات كبيرة في العريش، في ضوء تصاعد التوتر داخل المدينة، ونجاح التنظيم في اختراق الحزام الأمني المفروض. وتضيف المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن "عمليات القبض تم بعضها بشكل عشوائي، وأخرى كانت مقصودة لبعض الأشخاص، ليسوا على علاقة بأي نشاط ديني سابق".

وتعاني مدن شرق شمال سيناء من العيش خارج التغطية، فقوات الجيش فرضت حصاراً إعلامياً على مدينتي رفح والشيخ زويد، أقصى شرق مصر. كما تعيش هذه المناطق منذ أكثر من عامين بلا وسائل اتصال مصرية، إذ إن خدمات الهاتف النقال متوقفة بأمر عسكري.

وبسبب قطع شبكات الاتصال وندرة المواصلات في قرى جنوب رفح والشيخ زويد، حُرمت كثير من العائلات التي لا يزال أبناؤها يسكنون في هذه القرى، من الاطمئنان عليهم ومعرفة أخبارهم، الأمر الذي يعتبره حقوقيون، إجراءات تعسفية، ووسائل للتهجير القسري للمدنيين، بما يخالف القوانين والأعراف الدولية حتى في الحروب.

اقرأ أيضاً: ارتفاع وتيرة عمليات "ولاية سيناء": استفزاز الجيش لاستنفاره

المساهمون