ولمّح محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى مسؤولية إسرائيلية عن العملية بالقول "إنه يبدو أن إسرائيل لم تعد تقف موقف المتفرج بل بدأت تأخذ دورا فاعلا في الأحداث". فيما استنتج جنرال إسرائيلي سابق، الخلاصة نفسها، بقوله إن الوحيدين القادرين على استهداف المطار، هم الأميركيون والإسرائيليون؛ ولو كانوا الأميركيين لما نفوا.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد ذكرت صباح اليوم الإثنين، أن طائرتين عسكريتين إسرائيليتين من طراز "إف-15" نفذتا ضربة على مطار التيفور، وذلك بواسطة ثمانية صواريخ موجهة.
وقالت الوزارة في بيان تداولته وكالة إعلام روسية: "بين الساعة 03:25 و03:53 بتوقيت موسكو من ليلة 9 أبريل/نيسان، نفذت طائرتا "إف-15" التابعتان لسلاح الجو الإسرائيلي ضربة على مطار التيفور بواسطة ثمانية صواريخ موجهة من لبنان دون دخول المجال الجوي السوري. قامت وحدات الدفاع الجوي للقوات المسلحة السورية بتدمير خمسة صواريخ موجهة".
وفي حين أشار هرئيل إلى أن إسرائيل لم ترد على الاتهامات لها بالمسؤولية عن تنفيذ الهجوم، لفت إلى أنه سبق لها في الماضي، في فبراير/ شباط من العام الماضي، أن أعلنت مسؤوليتها مرتين عن شن هجمات جوية على نفس المطار الذي يتمركز فيه مستشارون إيرانيون. وخلال الهجوم، دمّر الطيران الحربي الإسرائيلي مقر قيادة إيرانيا، رداً على اجتياز طائرة إيرانية مسيرة للحدود الإسرائيلية واختراقها المجال الجوي الإسرائيلي.
واستذكر هرئيل أن إسرائيل وضعت منذ بداية الثورة السورية (الحرب الأهلية كما يسميها الإعلام الإسرائيلي) "خطوطا حمراء" عندما أعلنت أنها ستتحرك لإحباط عمليات تهريب الأسلحة المتطورة من سورية إلى "حزب الله" في لبنان. ومنذ ذلك الوقت نسبت لها عبر وسائل الإعلام الأجنبية، تنفيذ عشرات الهجمات الجوية، وهو ما أقر به رسميا أخيرا رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي أيزنكوط، عندما أعلن أن إسرائيل نفذت أكثر من مائة عملية في سورية في الأعوام الأخيرة.
وأضاف هرئيل أن العام الماضي شهد خطاً أحمر جديداً وضعته إسرائيل، وهو تمركز وترسيخ وجود إيراني في الأراضي السورية. واعتبر أن الهجوم الذي نفذ الليلة على مطار التيفور، "يأتي على خلفية مكونة من عدة تطورات: الهجوم الكيميائي الذي شنه نظام بشار الأسد في دوما، وتعزز نفوذ وتأثير روسيا وإيران على مجريات الأمور في سورية، والإشارات الصادرة عن إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بشأن عزم الإدارة على إخراج الجنود الأميركيين من الأراضي السورية، وبالتالي فإنه ينبغي النظر إلى الهجوم الإسرائيلي، في حال كان تم تنفيذه، في السياق الاستراتيجي الأوسع".
وبرأي هرئيل فإن هذا السياق "مرتبط باللقاء الثلاثي الذي جمع في أنقرة الأربعاء الماضي رؤساء تركيا وروسيا وإيران لتقاسم مناطق النفوذ في سورية مع ما يبدو أنه انتصار لنظام الأسد على الثورة"، في الوقت الذي تحدث فيه ترامب عن إخراج القوات الأميركية، ويتساءل هرئيل، هل يجب "الاستغراب من قيام الأسد بتفسير هذه التطورات كنافذة فرص، تمكن النظام من ذبح مواطنيه وتقتيلهم بالسلاح الكيميائي لتسريع بسط سيطرته على آخر جيوب المعارضة شرقي دمشق".
وبموازاة هذا التحليل الذي نشره هرئيل فقد أشارت صحيفة "يسرائيل هيوم" إلى أنه في الوقت الذي لم يعقب فيه رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، على مجزرة الكيميائي في دوما، فقد صرّح وزير الحرب الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أمس، قبل وقوع الهجوم على القاعدة السورية بالقول "لقد تم هناك تجاوز الخطوط الحمراء من كل الأنواع، إننا نتابع كل الأحداث ولا نقف مكتوفي الأيادي".
وأضاف ليبرمان"الشرق الأوسط في حالة فوضى بسبب قوى راديكالية وإسلامية سيطرت على المجموعات السكانية المدنية في سورية، ومن يحدد الوتيرة هم الإيرانيون الذين يقومون بالسيطرة على سورية".
وفي السياق نفسه، رأى قائد سلاح الجو الإسرائيلي سابقا، الجنرال احتياط إيتان بن إلياهو، في مقابلة مع إذاعة إسرائيلية محلية، إن "الوحيدين الذين بمقدورهم شن هجوم جوي في سورية هم الأميركيون أو الإسرائيليون. لقد سبق وأن تعرضت هذه المنطقة لقصف إسرائيلي في الماضي وكنت قدت عملية كهذه في الماضي في هذه المنطقة. كان يمكن إطلاق مثل هذه الصواريخ بطريقتين إما من خلال صواريخ موجهة أو من الجو. ولو كان الأميركيون من نفذ الهجوم لما كان عندهم سبب يدعوهم لإنكار ذلك، بل على العكس من ذلك كانوا سيفاخرون بذلك على ضوء ما يحدث في الشرق الأوسط في الفترة الأخيرة".
وأضاف الجنرال المذكور أن "الحديث يدور عن رد سريع للغاية لدولة على أحداث وقعت في سورية"، مضيفا أن "الولايات المتحدة تواجه صعوبة كبيرة في الرد على ما يحدث في سورية بهذه السرعة إلا إذا كانت تملك سفينة أو طائرة مقاتلة".
في المقابل وردا على سؤال حول المصلحة الإسرائيلية، قال الجنرال إن "هدف إسرائيل هو منع تكريس الوجود الإيراني في سورية. القاعدة التي تم قصفها هذه المرة هي القاعدة نفسها التي انطلقت منها الطائرة الإيرانية المسيرة التي اخترقت الأجواء الإسرائيلية في فبراير/ شباط الماضي وعندما نشأ فراغ وأدرك العالم أن شيئا فظيعا يحدث ويرفض الرد فمن المحتمل أن تكون إسرائيل اختارت التدخل".
وأضاف بن إلياهو أنه "من المحتمل أن تكون إسرائيل قررت شن الهجوم بسبب الهجوم الكيميائي الذي شنه بشار الأسد ضد مواطنيه، ووفقا للتقارير فإن الموقع الذي تم قصفه هو مطار عسكري ومن المحتمل أن يكون الحديث عن طائرات ومروحيات تلقي السلاح الكيميائي، ولا يمكن تجاهل هذا الهجوم بدون رد، ولا يراودني أدنى شك بأن هناك علاقة بين الهجوم الكيميائي في دوما وبين قصف القاعدة السورية من الجو".
من جهته، قال رئيس شعبة الموساد في الاتحاد السوفييتي سابقا، يعقوف كيدمي في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية الرسمية، إنه "إذا كان الروس يعلنون أن من نفذ الهجوم هي إسرائيل؛ فهذا يعني أن ذلك صحيح لأن الروس يملكون في سورية قدرات تمكنهم من تعقب بصمات وهوية الطائرات والأسلحة التي تم استخدامها في قصف القاعدة السورية".
وأضاف كيدمي، إن روسيا سارعت لكشف مسؤولية إسرائيل عن العملية، بغية تفادي تصعيد التوتر مع الولايات المتحدة، وكشف هوية منفذ الهجوم على القاعدة السورية بشكل واضح لا لبس فيه، مشيرا إلى أن الهجوم الإسرائيلي يأتي مثل الهجمات السابقة لتحقيق أهداف إسرائيلية، خاصة في مجال محاربة الوجود الإيراني في سورية.
في المقابل، أعلن رئيس الطاقم الأمني والسياسي السابق في وزارة الأمن الإسرائيلية، الجنرال عاموس جلعاد أنه ينبغي مواصلة اعتماد سياسة الضبابية وعدم الثرثرة حول هذا الموضوع.
من جهته، قال وزير الأمن الإسرائيلي، جلعاد أردان، في تلميح واضح للدور الإسرائيلي، إن "مجرد نسب ضرب القاعدة السورية لإسرائيل لهو دليل على استقلالية القرار الإسرائيلي".