تلاميذ سعوديّون بلا كتب ولا مدرّسين

31 اغسطس 2015
نظام الفصول الافتراضية في الأماكن الحدودية (فرانس برس)
+ الخط -
لم تكن بداية العام الدراسي في السعودية هذا العام مطمئنة، خصوصاً وأن بعض الكتب لم تصل إلى التلاميذ، فيما لم ينتهِ عدد من المدارس من إتمام جميع التحضيرات اللازمة. إلى ذلك، لم يعيّن بعد الأساتذة الجدد في مدارس المناطق النائية تحديداً. وكنتيجة لذلك، لم يستفد التلاميذ من أسبوعهم الأول، وهو ما أدى إلى تصاعد أصوات منتقدة كثيرة.

وأدى الخلاف المادي بين المطابع المكلّفة طباعة الكتب ووزارة التعليم إلى تأخر وصول بعض المقررات الدراسية في مختلف مراحل التعليم العام. يذكر أن 20 في المائة من الكتب الدراسية محجوزة لدى المطابع التي تطالب بالحصول على جميع مستحقاتها، ومن بينها كتب العلوم والرياضيات. تجدر الإشارة إلى أن أكثر المراحل تأثراً هي المرحلة الثانوية التي لم توزّع إلا كتب مناهج محدودة جداً.

في السياق، ما زالت بعض المدارس في مختلف المناطق تعاني من نقص في المقررات، الأمر الذي جعل الوزارة تلجأ إلى نسخ إلكترونية كبديل عن المقررات الورقية. وقد عمدت إلى تسجيل المناهج على أقراص مدمجة، وطالبت المدارس بطباعتها وتوزيعها على التلاميذ. أيضاً، طالبت إدارات التعليم بإرسال الفائض من الكتب لديها لتوزيعها على الإدارات التي تعاني من عجز. وعمد المسؤولون عن المقررات في "نظام فارس" في الوزارة، إلى إدخال جميع الكتب الدارسية ضمن البرنامج، ليتولّى مشرف المقررات تحديد العجز.

لكن هذه الخطوات لم ترضِ بعض المتخصصين في قطاع التعليم، الذين رأوا أنه كان يمكن تفادي هذه المشاكل لو كانت الوزارة قد تحسّبت للمشكلة المالية مع المطابع. وفي هذا الإطار، يؤكد الإعلامي والأكاديمي عبدالله الضويحي أنه "من غير المقبول أن تتأخر الوزارة في طباعة الكتب، وهي تعلم جيداً موعد انطلاق العام الدراسي". ويقول إن "المنهاج الدراسي محدد للسنوات العشر المقبلة"، سائلاً: "لماذا تتأخر الكتب المدرسية؟ ولماذا لم تنفذ أعمال الصيانة خلال إجازة الصيف؟". يضيف أن البداية المتعثرة من دون كتب ولا صيانة ليست أمراً مستجداً، بل هي مشكلة تتكرر في كل عام.

وينتقد الضويحي إخفاق الوزارة المستمر، موضحاً أن المطابع ترفض تسليم الكتب للوزارة لأنها لم تحصل على حقوقها بالكامل. ويسأل: "أليس من المفترض أن يكون الأمر مدرجاً ضمن الميزانية التي أقرّت قبل ثمانية أشهر؟".

ويتابع الضويحي أن "زيارات التفتيش الخاصة في المدارس أمر جيد"، لكن "أليس الأولى تأمين بيئة مدرسية جيدة، أي كتب ومبنى نظيف وهيئة تعليمية؟". ويوضح أن "ما يهم التلميذ هو الحصول على كتب وبيئة مدرسية نظيفة وأكل صحي".

ولا تنحصر المشكلة في توفير الكتب، إذ إن أكثر من عشرة آلاف أستاذ عيّنوا أخيراً ما زالوا ينتظرون إنهاء إجراءات تعيينهم. الأمر الذي يعني أن أكثر من 1300 مدرسة هي من دون أساتذة.

من جهتها، تحاول الوزارة الانتهاء من هذه الإجراءات، عل الرغم من أن المعلمين لم يُبلّغوا بترشيحهم للعمل إلا قبل يومين فقط، وبأن عليهم الاستعداد للسفر إلى قرى نائية وبعيدة عن منازلهم.

يقول هنا فهد الفارس وهو مدير إحدى المدارس ومؤلف كتاب "الواقع التعليمي السعودي" إن "وزارة التعليم أطلقت العام الدراسي من دون تجهيزات ولا كتب ولا معلمين في عدد من المدارس في مختلف المناطق". يضيف لـ"العربي الجديد": "لا أعرف على أي أساس نطالب التلاميذ بالحضور والدراسة. أعتقد أن الأمر كان مضيعة للوقت لا أكثر".

إلى ذلك، اشتكت مجموعة من المدارس في الرياض من تعطل أجهزة التكييف في غرف الصفوف الدراسية، على الرغم من ارتفاع درجة الحرارة التي تخطّت 50 درجة مئوية، وهو الأمر الذي اعتبره الفارس تقصيراً لا يمكن القبول به. ويتابع: "كان يجب على الوزارة الاستعداد للموسم الدارسي، علماً أن غالبية المدارس كانت تفتقد إلى الصيانة".

في المقابل، لا بدّ من الإشارة إلى أن ثمّة إيجابيات، ولا يمكن اختصار عمل الوزارة بالسلبيات. هي تحاول التغلّب على مصاعب التعليم في المناطق الحدودية المتأثرة بالحرب الدائرة في اليمن، وذلك عن طريق تطبيق نظام الفصول الافتراضية عبر قناة "عين". وهذا البرنامج يستهدف تلاميذ الحدّ الجنوبي. ويوضح هنا مدير عام برنامج جاهز ولجنة الاستعداد في الوزارة أحمد قران أن "القنوات التعليمية سوف تبثّ عبر القمر الفضائي عرب سات، لتقديم خدمة تعليمية جيدة لجميع التلاميذ المعنيين، بالإضافة إلى خدمة الدروس على شبكة الإنترنت. وتساعد هذه الخدمة التلاميذ في الحصول على المحتوى الدراسي على أجهزتهم التعليمية الإلكترونية".

إقرأ أيضاً: أزمة التعليم الخاص في السعوديّة
المساهمون