تلاميذ أفغان ضحايا اعتداءات جنسية

10 ديسمبر 2019
ضحايا محتملون؟ (هوشانغ هاشمي/ فرانس برس)
+ الخط -

ما زالت قضيّة الاعتداءات الجنسية التي طاولت 546 فتى في ستّ من مدارس أفغانستان في إقليم لوجر (وسط) تتفاعل في البلاد وكذلك على المستوى الدولي. وكانت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية قد نشرت، في الثالث عشر من نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم، تقريراً تناولت فيه ما نقله ناشطان اجتماعيان حول شبكة معتدين على الفتيان تتألّف من مدرّسين ومسؤولين محليّين.

وبينما تشير الاستخبارات الأفغانية وكذلك مجلس نواب أفغانستان إلى أنّ الأمر لا يتخطّى كونه ادّعاءات لا أساس لها من الصحّة، يطالب معنيّون بحقوق الأطفال واليافعين ومجموعات دولية بتحقيق حول القضية، وهو ما وافقت عليه الحكومة أخيراً. يُذكر أنّ ثمة جهات أفغانية ترى في التقرير وسيلة يسعى من خلالها أشخاص معيّنون إلى نيل جنسية أجنبية والحصول على فرصة للانتقال إلى خارج أفغانستان. وقبل أيام، أفاد مكتب المدعي العام في كابول بأنّ لجنة قضائية تعدّ تحقيقاً حول القضية لجلاء الحقيقة، مؤكّداً أنّ اللجنة تلتزم الحياد التام لأنّ القضية تتعلق بالشعب والناشئة في البلد. وفي بيان، أكد المتحدث باسم المكتب جمشيد رسولي أنّهم يحقّقون في القضية وسوف يشاركون نتائج التحقيق مع الشعب والجهات المعنية، مشدداً على أنّهم يأخذون القضية على محمل الجدّ.

وكانت نائبة وزير الخارجية الأميركي لجنوب ووسط آسيا، أيلس ويلز، قد طلبت، في تغريدة لها على موقع "تويتر"، من الحكومة الأفغانية ومن مكتب المدعي العام أن يتّخذا خطوات فاعلة في ما يتعلق بالتقارير التي تتحدث عن وقوع اعتداءات جنسية على فتيان، مؤكدة أنّ مثل هذه الأعمال لا مكان لها في أيّ مجتمع متحضّر. كذلك طلبت سفارات السويد وألمانيا وبريطانيا في أفغانستان إجراء تحقيق في القضية لتقصّي الحقائق والتأكد من مدى صحّة التقرير. وقد دانت السفارة السويدية اعتقال الاستخبارات الأفغانية اثنَين من ناشطي المجتمع المدني هما موسى محمودي وإحسان الله حميدي اللذَين اعتمدت صحيفة "ذي غارديان" عليهما في تقريرها الخاص حول القضية.




وفي السياق، أوضح المتحدث باسم الرئاسة الأفغانية، صديق صديقي، في بيان، أنّ الحكومة الأفغانية مصممة على أخذ خطوات جادة في هذا الإطار ومعرفة الحقيقة، مؤكداً أنّ مكتب المدعي العام ولجنة حقوق الإنسان في أفغانستان تعدّان تحقيقاً. وكان الرئيس الأفغاني أشرف غني سبق وعبّر في بيان عن قلقه البالغ إزاء قضية الاعتداءات الجنسية على الفتيان في إقليم لوجر، متوّعداً الضالعين في القضية وفق القانون، ومشدداً على أنّ الحرص على حقوق الإنسان، خصوصاً الأطفال واليافعين، من أولويات حكومته.

وكانت "ذي غارديان" التي أشارت في متابعتها لهذه القضية إلى أنّ خمسة أسر أفغانية قتلت أبناءها الذين تعرّضوا للاعتداء الجنسي، بعدما انكشفت "الفضيحة"، قد نقلت عن الناشط الأفغاني محمد موسى قوله إنّ "مدرّسين ومديرين في تلك المؤسسات التربوية إلى جانب مسؤولين محليين ضالعون في القضية"، موضحة أنّ أعمار هؤلاء التلاميذ المعتدى عليهم تتراوح ما بين 14 و20 عاماً. كذلك نقلت استناداً إلى الناشطَين شهادات بعض التلاميذ الذين تحدّثوا عن كيفية تعرّضهم لاعتداءات جنسية. ونقلت الصحيفة في متابعتها نفسها، تصريحات للمتحدثة باسم وزارة التعليم، نورية نزهت، أكّدت في خلالها أنّ التحقيق في مثل هذه القضايا من مهام المؤسسة القضائية والسلطات المعنية وليس من مسؤوليات وزارة التعليم. وقد أضافت أنّ لدى الوزارة 220 ألف مدرّس في كلّ أنحاء البلاد وهي لا تستطيع التحقق من حياتهم جميعاً.




لولا تقرير "ذي غارديان"، ربّما لم تكن القضية ستُكشَف أو بالأحرى ستثير كلّ الجدال الحاصل على الساحة الأفغانية السياسية وكذلك الاجتماعية والإعلامية. والواضح أنّ المجتمع الأفغاني برمّته يبدو مستاءً من التقرير، تماماً كما النواب الذين اتّهموا الناشطَين الاجتماعيين موسى محمودي وإحسان الله حميدي بالعمل من أجل مصالح شخصية. يُذكر أنّ الناشطَين كان قد اختفيا وهما في طريقهما من إقليم لوجر إلى العاصمة كابول، فسُجّلت على الأثر تحركات إلى حين أعلنت الاستخبارات الأفغانية أنّهما في قبضتها. وقد أوضحت في بيان أنّهما في قبضتها من أجل حماية حياتهما، مؤكدة أنّ ادعاءاتهما غير صحيحة ولا تتوفّر أدلة تثبت ذلك. تجدر الإشارة إلى أنّ اعتقال الناشطَين الاجتماعيَّين أثار موجة استنكارات من مؤسسات حقوقية وسفارات أجنبية في البلاد، في مقدمتها سفارة الولايات المتحدة الأميركية التي كتب سفيرها لدى كابول جان بوس في تغريدة أنّ اعتقال الاستخبارات الناشطَين سبّب له شعوراً بعدم الارتياح.
دلالات