نفايات مختلفة تحاصر الطريق الدائري الرابط بين مدن محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية، فتؤثّر ليس فقط على المشهد بل كذلك على سلامة المرور وصحة السكّان.
تمدّدت مشكلة تراكم النفايات، لا سيّما مخلّفات المباني، إلى خارج الشوارع والميادين في عدد من المدن مصر لتبلغ الطريق الدائري الذي يربط محافظات القاهرة الكبرى بعضها ببعض، وذلك في غياب المركبات الخاصة برفع النفايات، الأمر الذي يهدّد بالتلوّث.
ويشكو مئات السائقين الذين يمرّون على الطريق الدائري وكذلك الأهالي الذين يقيمون في محيطه، من "تلال القمامة". هي صارت واحداً من أسباب الحوادث على هذا الطريق الحيوي، ليلاً ونهاراً، وسط تجاهل المسؤولين الأزمة. وهذا ما يدفع السكان إلى حرق النفايات المنتشرة على طول الطريق وعلى سلالم المشاة، للتمكّن من المرور سيراً على الأقدام من جهة، ومن جهة أخرى مكافحة الحشرات والفئران التي تتجمّع في تلك الأمكنة والروائح الكريهة. هم يحرقون النفايات، علماً أنّ الدخان الناتج عن ذلك يؤدّي إلى مشكلات صحية كبيرة، خصوصاً لدى الذين يعانون أمراضاً صدرية على سبيل المثال. كذلك فإنّه يعوّق رؤية سائقي السيارات، خصوصاً في الليل.
يشير مسؤول في أحد أحياء القاهرة إلى سبب رئيس للتدهور الذي أصاب الطريق الدائري، هو الإهمال. فيقول لـ"العربي الجديد" إنّ "هذا الطريق، حتى يومنا، بلا أب شرعي يعترف به، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بالكوارث"، موضحاً أنّ "وزارة النقل ترمي المسؤولية على المحليات الممثلة في محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية التي يمرّ بها الطريق، في حين ترفض المحليات ذلك وترمي المسؤولية على شركات الطرق والكباري". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "عدم وجود رقابة حقيقية على الطريق الدائري أدّى إلى تفريغ مركبات النقل الرتش (مخلفات المباني) علناً على الطريق، في حين تعمد مركبات الكارو إلى نقل النفايات التي تُجمَع من المنازل في مقابل مبالغ مالية ورميها أعلى الطريق الدائري". ويتحدّث كذلك عن "الانتشار المخيف للنبّاشين الذين يفتّشون القمامة محْدثين فوضى عارمة بالمكان لجمع مواد قد تفيدهم، بالإضافة إلى التخلص من المتبقي عن طريق الحرق"، محذّراً من "تبعات الدخان والأضرار الصحية التي تهدد الأطفال وكبار السنّ والمرضى".
ويتابع المسؤول نفسه، وقد فضّل عدم الكشف عن هويته، أنّ "ثمّة أحياء قريبة من الطريق راحت تعمد منذ بدء شهر رمضان إلى نقل مخلفات موائد الرحمن الرمضانية إلى جانبَي الطريق الدائري، لعدم وجود أيّ رادع. وهو ما يفاقم الوضع ويزيد من الروائح الكريهة المنبعثة من تلال القمامة ومن قزازة المشهد". ويلفت إلى أنّ "المعنيين لا يطرحون حلولاً فعلية، بل حملات مسكّنة لا تستمر إلا أياماً قليلة ولتعود بعدها النفايات وتتكدس على الطريق الدائري".
من جهته، يقول أستاذ هندسة الطرق في جامعة عين شمس، الدكتور سعيد يوسف، لـ"العربي الجديد" إنّ "كثرة عمليات حرق القمامة سواءً عند أسفل الطريق الدائري أو أعلاه، تقلل من عمره الافتراضي، الأمر الذي قد يتسبب في انهياره مع الزمن"، شارحاً أنّ "النيران تؤثّر سلباً على قوّة الخرسانة في جسم الكوبري (الجسر)". ويلفت يوسف إلى "عشرات الأنفاق الموجودة في أسفل الطريق الدائري والتي أغلقت كلياً بالقمامة من دون وضع أيّ توصيات لرفعها، على خلفية تأثيرها على عمر الطريق الدائري". يضيف يوسف أنّ "تلال القمامة تشوّه منظر الطريق عموماً، وهي من الأسباب التي تؤدي إلى زيادة الحوادث عليه. فنسبة تلك الحوادث تُعد العليا من بين ما يُسجَّل على الطرقات الأخرى في مصر". ويتابع يوسف أنّ "200 ألف سيارة تمرّ يومياً على الطريق الدائري، وللأسف لا تتوفّر أيّ رقابة دورية عليه من قبل الحكومة. فنحن لا نجد أيّ سيارات شرطة عليه أو دوريات أمنية أو نقاط إسعاف".
لا يخفي سكان المناطق المجاورة للطريق الدائري سخطهم، وقد رصدت "العربي الجديد" ردود أفعال غاضبة لعدد منهم إزاء قيام تجّار النفايات بإلقائها في المكان وحرقها، الأمر الذي يتسبب في أضرار صحية، ناهيك عن الروائح الكريهة والدخان. محمد طايع من الأهالي، يقول: "أرسلنا شكاوى عدّة للمسؤولين مطالبين بإنقاذنا من أكوام الزبالة على الطريق الدائري، لكنّ أيّاً منهم لم يتحرّك لوضع حدّ لهذه الكارثة التي تهدّد المواطنين القريبين من المنطقة بأمراض". أمّا محمد إبراهيم فيقول إنّ "الطريق الدائري تحوّل إلى مكان للتجارة بالزبالة بعد فرزها وحرق غير اللازم منها على مرأى ومسمع من الجميع"، مضيفاً أنّ "أبناءنا وبناتنا تضرّروا من الدخان ورائحة النفايات".
سائقو السيارات يشكون كذلك من الدخان المتصاعد نتيجة حرق النفايات على الطريق الدائري، فيقول علي محمد لـ"العربي الجديد" إنّ "الرقابة غائبة على الطريق، في حين أنّ أكوام الزبالة خلّفت حالة من الازدحام المروري والفوضى اللذَين يؤديان إلى زيادة حوادث الطرقات". من جهته، يقول سيد جمال الدين لـ"العربي الجديد" إنّ "القمامة تمثّل أزمة للسائقين أعلى الطريق الدائري، ونحن اعتدنا هذا المشهد اليومي". ويشير إلى أنّه تقدّم "مع عدد من الزملاء بشكاوى إلى الوحدات المحلية التي رفضتها بحجّة أنها غير مسؤولة عن ذلك. ونحن نحاول التواصل مع أيّ جهة معنية بمراقبة الطريق، من دون جدوى".