تأتي هذه الخطوة من قِبل الحكومة المصرية في أعقاب قرارات متعاقبة بحجب عشرات المواقع الإخبارية، بحجة "تضمّنها محتوى يدعم الإرهاب والتطرف ويتعمّد نشر الأكاذيب"، بحسب تصريحات مصادر أمنية مجهّلة لصحف مصرية أكدت أنه "سيكون هناك قائمة أخرى من المواقع بعد ثبوت تورطها في الدعوة للعنف والتحريض والترويج لجماعة الإخوان الإرهابية".
في الرابع والعشرين من مايو/ أيار الماضي، أقدمت السلطات المصرية على حجب 21 موقعاً صحافياً، بادعاء "بث أخبار تحريضية والتشجيع على الإرهاب".
وفي غضون ساعات، كانت مواقع "الجزيرة" و"مصر العربية"، و"عربي 21"، و"الشعب"، و"قناة الشرق"، و"كلمتي"، و"الحرية بوست"، و"حسم"، و"حماس"، و"إخوان أون لاين"، و"نافذة مصر"، و"بوابة القاهرة"، و"رصد"، قد حُجبت تمامًا عن جميع متصفحي مصر.
وكانت الحكومة المصرية قد أقدمت في ديسمبر/ كانون الأول عام 2015 على حجب موقع صحيفة "العربي الجديد".
حتى تاريخ كتابة هذه السطور، تطول قائمة المواقع المحجوبة بمعدل سريع، كذلك لم تعلن أي جهة في مصر عن مصدر قرار الحجب، سوى "تصريحات أمنية رفيعة المستوى" في عدد من الصحف المصرية كشفت عن أن حجب المواقع جاء لتضمنها محتوى يدعم الإرهاب والتطرف ويتعمد نشر الأكاذيب، وأن إجراءات الحجب تمت وفقاً للقانون.
وأضافت المفوضية "إيمانًا من المفوضية المصرية للحقوق والحريات بحق الجميع في حرية تداول المعلومات وحقهم في الوصول إليها وحقهم في حرية الرأي والتعبير، تؤكد استمرارها في نشر المعلومات والتقارير والأخبار بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان في مصر".
وأعلنت المفوضية عن عزمها على تدارك أمر الحجب لإتاحة محتوى الموقع من جديد، باقتراح الموقع على الزائر استخدام تقنيات تسمح له بالتصفح، وكذلك بإطلاق مواقع إلكترونية أخرى بديلة للموقع أعلاه وعلى صفحة المنظمة على موقع "فيسبوك".
وكانت الحكومة المصرية قد أقدمت على حجب 261 موقع "بروكسي" و"في بي أن" المستخدمة في تجاوز الحجب، ليرتفع بذلك عدد المواقع التي تعرضت للحجب إلى 405 مواقع على الأقل، حسب إحصاء المؤسسة.
ورأت المنظمة أن "قيام السلطات المصرية بمصادرة الفضاء الإلكتروني والوصاية التي تفرضها على الإنترنت، خصوصاً بحجب المواقع التي نتشر معلومات أو أخباراً أو تقارير مخالفة للصورة الوردية الكاذبة التي تحاول الحكومة إشاعتها عن وضع حقوق الإنسان في مصر إنما ينمّ ليس فقط عن رفضها لأي نقد ولكن أيضا عن ضعف حجتها. ففاقد الحجة لا يرد بالمنطق أو بحجة أفضل إنما يشوّه صورة الآخر ويطعن في مصداقيته ونواياه، وعندما يفشل في ذلك يقوم بمنع صوته من الخروج للجمهور".
واعتبرت المفوضية أن "حجب موقعها ومواقع عديدة أخرى يعد انتهاكاً واضحاً لنص المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966، والذي ينص على: لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة. ولكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها".
كذلك نصّ الدستور المصري في المادة 65 على أن "حرية الفكر والرأي مكفولة. ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو بالكتابة، أو بالتصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر".
ورأت "المفوضية المصرية للحقوق والحريات" أن الدفاع عن حقوق الإنسان، سواء كانت حقوقه المدنية والسياسية (كحقوق السجناء والمعتقلين السياسيين أو المختفين قسرياً) أو حقوقه الاقتصادية والاجتماعية (كالحق في السكن الملائم والحق في الرعاية الصحية الملائمة) وعدم التمييز وحقوق الأقليات (سواء كانوا أقباطاً أو نوبيين أو غيرهم) إنما هي رسالة إنسانية تبني لمجتمع مفتوح وحر وديمقراطي قادر على النمو والرخاء، وأن احترام السلطات لحقوق الإنسان ضروري لصون الدستور ودولة القانون، وهو الدرع الرئيسي في مواجهة التطرف والعنف".