ورصد التقرير الذي صدر بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان إخلال السلطة بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، وعدم تقيدها بالتشريعات الواقعية للأعمال الفعلية المتعلقة بالتزاماتها العامة، وكشف عينات من مختلف الانتهاكات الممارسة ضد حقوق الإنسان خلال سنة 2015 ، تبرز المنحى العام الذي يعكس السياسة العمومية بجلاء وتجسد صورا حية لعدم احترام الدولة للحقوق والحريات التي التزمت بها في مواثيقها الوطنية والدولية.
واعتبر التقرير أن "الحق الوحيد الذي تطالب به سلطات الجزائرية للمواطن الجزائري، هو حق الانتخاب، أما دون ذلك فالمواطن الجزائري يتألم ويذوق الويلات من أجل الحصول علي حقوقه الأخرى".
ولفت إلى بروز ظاهرة التمييز بين الجزائريين، ليس فقط بسبب النوع الاجتماعي، ولكن بسبب الولاء والجهة، وسجل التقرير اتساع "ظاهرة تهميش وإقصاء المواطنين في المسؤولية العليا، فمنذ 2009 إلى غاية اليوم أكثر من 45 بالمائة من مسؤولين في الدولة الجزائرية من منطقة واحدة، ما يعني سعي السلطة الى توطيد أركان الحكم المطلق لتبقى عليها في الواجهة وتتبجح بالشعارات السياسية الفضفاضة".
اقرأ أيضا: الجزائر ترفض تقريراً أميركياً ينتقد أوضاع حقوق الإنسان
وانتقد التقرير رفض السلطات "تعديل القانون المتعلق بالمنظمات المدنية الصادر عام 2012، واعتبر أنه يحكم سيطرة السلطة على جماعات المجتمع المدني ويمنح السلطات القدرة على رفض تسجيلها أو تمويلها وتعليق نشاطها أو حلها، وهو ما دفع إلى توقف أكثر 12 ألف جمعية بسبب العراقيل التي تعيق مواصلة نشاطها، كعدم الحصول على تراخيص لاجتماع عمومي وعدم وجود مقرات للنشاط وضعف التمويل والتعامل مع المنظمات الأهلية وفقا للولاء السياسي، عوض بناء مجتمع مدني قادر على حل المشاكل التي تتخبط فيها الجزائر".
وتطرقت المنظمة كذلك إلى "منع الحق في التجمع والتظاهر، فقد تم خلال هذه السنة منع العديد من التظاهرات وقمع الكثير من الوقفات عبر اللجوء إلى اعتقال عديد من نشطاء حقوقيين وصحافيين في مسيرة ضد الغاز الصخري، بعضهم مازالوا رهن الاعتقال كالناشط الحقوقي حسان بوراس الذي طالبت بالإفرج عنه".
وأشار المصدر نفسه إلى معاناة سكان المناطق الريفية من فقد الحق في التنمية والتعلم والصحة، مشيرا إلى أن "الأموال الطائلة التي صرفت من أجل التنمية المحلية داخل الولايات في وقت البحبوحة المالية بين سنوات 1999 إلى غاية 2014 لا تتعدى أن تكون أعمال إنشاء مرافق تزيينية"، إضافة إلى العراقيل البيروقراطية والفساد في الإدارات الحكومية.
وسجل تقرير الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان "تزايد الاحتجاجات الشعبية المتكررة للمواطنين في عدة مناطق للتعبير عن تذمرهم من الحالة المزرية التي آلت إليها الأوضاع المعيشية وبالخصوص في المناطق الريفية والمعزولة". ويضيف: "خلال الـ6 أشهر الأولى من العام الحالي 2015 تم تسجيل أكثر من 6188 احتجاجا، بزيادة قدرها أكثر من 62٪، مقارنة مع الـ6 أشهر الأولى لسنة 2014 التي كان فيها عدد الاحتجاجات يقارب 3866 احتجاجا".
وأكد التقرير أن "ملف المفقودين في الأزمة الأمنية التي عصفت بالبلاد في التسعينات، ويبلغ عددهم 7400 مفقود باعتراف السلطات الرسمية، مازال "شوكة في حلق السلطات الجزائرية، التي فشلت في حله رغم معانات الآلاف من العائلات التي لا زالت تحترق كل يوم لمعرفة مصير أبنائها وهي تطالب بالجثث، ولن يغمض لها جفن حتى تتعرف على حقيقة ما حدث لأبنائها".
اقرأ أيضا: "مادونا بن طلحة" في ذكراها الـ18:الصورة أقوى من المجزرة
ولفتت الرابطة إلى "ازدياد الهجرة السرية في الأشهر الأخيرة، وذلك أن الحكومة لم تعالج الأسباب الحقيقية لظاهرة الهجرة السرية وذهبت لمعالجة النتائج المترتبة عنها".
وقال عضو المكتب الوطني للرابطة الحقوقية هواري قدور لـ"العربي الجديد" الذي أعد التقرير، أن أوضاع حقوق الإنسان في الجزائر ازدادت سوءا في السنوات الأخيرة بسبب عودة ما وصفها السياسات القمعية والتضييق على المنظمات المدنية والصحافة، خاصة تلك التي تواكب سياسات السلطة.
وتقول السلطات الجزائرية إنها بذلت جهودا كبيرة لأجل تعزيز الحريات وتكريس حقوق الإنسان.
وأوضح فاروق قسنطيني رئيس الهيئة الحكومية لحوق الإنسان في تصريح صحفي أن الجزائر تفي بجميع التزاماتها الدولية بهذا الشأن.