تقديرات إسرائيلية لمخاطر الانسحاب الأميركي من سورية: سنبكي لأجيال

20 ديسمبر 2018
يتناقض الانسحاب الأميركي من سورية مع مصالح تل أبيب(Getty)
+ الخط -
شنّ قادة عسكريون ومعلقون إسرائيليون، هجوماً قوياً على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسحب قواته المتمركزة شمال شرق سورية، بسبب تأثيرات هذا القرار الخطيرة على مصالح تل أبيب، واصفين إياه بأنه "هدية لكل من روسيا وإيران".

وحذر عيران ليرمان، المساعد السابق لرئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، ومساعد مدير "مركز يروشليم للدراسات الإستراتيجية"، من أن إسرائيل "ستبكي لأجيال" بسبب قرار ترامب.

وفي مقال نشرته اليوم الخميس صحيفة "يسرائيل هيوم"، اعتبر ليرمان أن أخطر تداعيات القرار الأميركي على الأمن "القومي" الإسرائيلي، يتمثل في تفكيك قاعدة "التنف" الأميركية التي تقع على الحدود العراقية - السورية، معتبراً أن هذه الخطوة ستمكن إيران من تدشين الممر البري الذي يربطها بحوض البحر الأبيض المتوسط.

وقال ليرمان، الذي تولى مواقع متقدمة في شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، إن قرار ترامب يعني توفير بيئة تسمح لإيران بتعزيز وجودها في سورية.

ورأى أن القرار الأميركي يعني التخلي عن حلفاء واشنطن من الأكراد، وتركهم لمصيرهم في مواجهة كل من الأتراك والإيرانيين ونظام الأسد، ما سيردع كل الأطراف في المنطقة عن الاستنفار لمساعدة الولايات المتحدة لتحقيق مصالحها، معتبراً أن هذه النتيجة ستكون سيئة لإسرائيل أيضاً.

وأوضح ليرمان أن انهيار الوجود الكردي في شمال شرق سورية يعني إفساح المجال أمام إيران وتركيا لتكريس وقائع على الأرض، بما يتناقض مع مصالح تل أبيب وواشنطن، مضيفاً أن ما يدلل على الخطورة الكامنة في الانسحاب من سورية، يكمن في معارضة كل من كبار المسؤولين في إدارة ترامب نفسها، لاسيما وزيري الخارجية والدفاع، مايك بومبيو وجيمس ماتيس، ومستشار الأمن القومي جون بولتون.

وأعرب ليرمان عن أمله أن يتمكن ترامب من إقناع دول عربية بتجنيد قوة للتمركز في المناطق التي كانت تتواجد فيها القوات الأميركية، من أجل الحيلولة دون تحقق المخاطر المتوقعة من قرار الانسحاب الأميركي.

وشدد على أن القرار يلزم إسرائيل بتعزيز الشراكات مع الدول العربية "المعتدلة" ودول حوض البحر المتوسط، لاسيما قبرص واليونان.

من جهته، قال يوسي ميلمان، معلق الشؤون الاستخبارية في صحيفة "معاريف"، إن القرار الأميركي يمثل "ضربة موجعة لمصالح إسرائيل الإستراتيجية".


وفي تحليلٍ نشرته الصحيفة اليوم، نوه ميلمان إلى أن القرار سيقلص من قدرة إسرائيل على إحباط التمركز الإيراني في سورية، معتبراً أن قدرة تل أبيب على تحقيق مصالحها ستتراجع إلى حد كبير.

وأشار ميلمان إلى أن إسرائيل معنية بالوجود العسكري الأميركي في سورية، على اعتبار أنه يمثل "ثقلاً موازياً" للوجود العسكري الروسي، علاوة على أنه يسهم في ردع إيران عن التمركز هناك، أما الانسحاب فسيمهد لتحويل سورية إلى قاعدة للقوات "الشيعية".

وحذر معلق "معاريف" من أن قرار ترامب يمثل "أخباراً سيئة" لكل من السعودية، مصر، الإمارات والأردن، وأي نظام حكم يمكن أن يربط مصيره بالولايات المتحدة، مشيراً إلى أن ما يحدث للأكراد سيفضي إلى ردع أي طرف إقليمي عن التحالف مع واشنطن.

واستهجن أن تقدم واشنطن على التخلي عن الأكراد "الذين لعبوا الدور الأبرز في إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش"، بحسب رأيه.

ولفت إلى أن كلا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق أفيغدور ليبرمان ورئيس هيئة الأركان غادي إيزنكوت ورئيس الموساد يوسي كوهين بذلوا جهوداً كبيرة من أجل إقناع الأميركيين بعدم الانسحاب من سورية على اعتبار أن هذه الخطوة تمس بشكل كبير بمصالح إسرائيل.

وادعى ميلمان أن القرار الأميركي يعد "إذعاناً" لتركيا، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية لم ترد أن تواجه تركيا التي قررت تنفيذ عملية عسكرية واسعة شمال شرق سورية ضد المليشيات الكردية، مشيراً إلى أن اتصال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بترامب الأسبوع الماضي لعب دوراً رئيسياً في تعجيل اتخاذ القرار بالانسحاب.

واستهجن المعلق الإسرائيلي "أن تخضع قوة عظمى لابتزاز دولة أخرى لا تضاهيها من حيث القوة العسكرية".

ورأى ميلمان أن ترامب يتبنى من حيث الأصل مواقف انعزالية، مشيراً إلى أنه جاهر برفضه أن تلعب الولايات المتحدة دور شرطي المنطقة.

أما أمير أورن، معلق الشؤون العسكرية في موقع "وللا"، فاعتبر في تحليل نشره الموقع اليوم، أن القرار الأميركي سيقلص من قدرة إسرائيل على تحقيق خارطة مصالحها في سورية، لاسيما شن الغارات الجوية الهادفة لإحباط توجه إيران للتمركز هناك.

واعتبر عاموس هارئيل، معلق الشؤون العسكرية في صحيفة "هارتس"، أن قرار ترامب لا يفضي فقط إلى تعزيز مكانة إيران في سورية، بل سيكرس عزلة إسرائيل ويجعلها "وحيدة في مواجهة إيران".

وفي تحليل نشرته الصحيفة اليوم الخميس، اعتبر هارئيل أن ما يفاقم الخطوة الأميركية حقيقة أنها تتزامن في ظل التوتر السائد بين موسكو وتل أبيب في أعقاب إسقاط الطائرة الروسية في محيط اللاذقية قبل شهرين.

من جهته، قال موآف فاردي، معلق الشؤون الدولية في قناة التلفزة الرسمية "كان"، إن الانسحاب الأميركي من سورية يعني أن إسرائيل ستصبح بعد اليوم "تحت رحمة الروس، وأسيرة لمزاج بوتين".

وفي مقابل هذه الانتقادات، قال يورام زينغر، معلق الشؤون العربية في قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "كان"، إن القرار الأميركي قد يفضي إلى تحسين قدرة إسرائيل على تحقيق مصالحها في سورية.

وفي تعليق بثته القناة الليلة الماضية، رأى زنجر أن الانسحاب الأميركي من سورية سينزع الشرعية عن وجود أي من القوات الأجنبية في هذا البلد، وضمن ذلك الوجود الروسي والإيراني.

وبحسب المعلق الإسرائيلي، فإن الانسحاب من سورية لا يحرم واشنطن أوراق الضغط على روسيا، مشيراً إلى أن إدارة ترامب أوضحت بما لا يقبل التأويل، أنها لن تسمح بالشروع في عملية إعادة إعمار سورية طالما ظلّ نظام الأسد.

وأشار إلى أن مواصلة نزع الشرعية عن نظام الأسد وإعاقة مشاريع إعادة الإعمار التي تراهن موسكو عليها في تحسين واقعها الاقتصادي، تمثل أوراق ضغط كبيرة ومهمة في يد إدارة ترامب.

المساهمون