مساعي تفكيك برلمان الانقلابيين مستمرة: استقطابات وإغراءات لتأمين انعقاده في عدن

14 اغسطس 2017
بات عمر البرلمان نحو 14 عاماً (فرانس برس)
+ الخط -
تجري الحكومة اليمنية الشرعية ومعها التحالف بقيادة السعودية، تحضيرات مكثفة لتأسيس نسخة جديدة من البرلمان اليمني المستمر منذ نحو 14 عاماً، على أن تكون مؤيدة للشرعية، وذلك في محاولة لسحب ورقة البرلمان من الانقلابيين، وتحديداً من حزب المؤتمر بقيادة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. كما تبرز أنباء عن مساعٍ لتمرير اتفاقيات وإقرار إجراءات سياسية، في عدن، غير أن الجهود لا تزال تواجه العديد من العقبات. 


وأكدت مصادر يمنية قريبة من البرلمان، لـ"العربي الجديد"، أن "الشرعية والتحالف يواصلان جهود استقطاب أعضاء البرلمان المتواجدين خارج البلاد، بالإضافة إلى التواصل مع أعضاء متواجدين في الداخل، بهدف إقناعهم بالانتقال إلى جدة السعودية، تمهيداً لنقلهم إلى مدينة عدن، جنوبي البلاد، حيث من المقرر أن تدشن الشرعية جلسات برلمانية خلال أيام". وأضافت المصادر أن "الشرعية والتحالف قدّما إغراءات مالية لأعضاء في البرلمان، من أجل الحضور، مع بدء الاتصالات في هذا الصدد منذ أكثر من شهرين. ونجحت الشرعية بحشد العشرات من الأعضاء، الذين حضروا إلى جدة، وتم إبلاغهم بلقاء مرتقب مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلا أن اللقاء أُلغي أكثر من مرة، بسبب ما يبدو أنه عوائق لا تزال تؤخر إمكانية عقد جلسة برلمانية في عدن، في ظل مواصلة المجلس بقيادته القريبة من صالح في صنعاء انعقادها وعدم اعترافها بأي من الإجراءات التي تتخذها الشرعية".

وكشفت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، عن أن "جهود التحضير لنقل أو إنشاء نسخة من البرلمان في عدن موالية للشرعية، واجهت تحديات بعد أن رفض رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر، سلطان البركاني، المتواجد خارج البلاد، الانضمام إلى جدة، تمهيداً للانتقال إلى عدن من أجل عقد جلسات برلمانية موالية للشرعية".

وكانت بعض وسائل الإعلام التابعة للتحالف، قد بدأت الترويج لسلطان البركاني، على أنه سيُنتخب رئيساً لمجلس النواب في عدن، قبل أن يعلن حزب صالح في موقعه الرسمي نفيه لهذه الأنباء. وذكر الحزب أن "البركاني يرفض دعوات التشطير ومحاولات تقسيم مجلس النواب، أو الدعوة لعقد جلسة لبعض البرلمانيين خارج مقر مجلس النواب في العاصمة صنعاء".

وتحدثت التسريبات عن إغراءات مالية عُرضت على البرلمانيين للمشاركة بجلسات في عدن، في الوقت الذي تتباين فيه المعلومات، حول الهدف من الإصرار على عقد جلسات برلمانية للشرعية، بين تسريبات عن احتمال التصويت على ترتيبات سياسية في صف الشرعية، وبين من يرى أن الهدف من الخطوة، هو "حرص التحالف على إيجاد شرعية برلمانية لتدخله العسكري في اليمن، فيما هناك أنباء، عن رغبة بالجلسات في عدن للتصويت على اتفاقيات اقتصادية ونحوها (بما في ذلك، حسب تسريبات، التصويت على اتفاقية تتيح لشركة إماراتية إدارة موانئ يمنية، باتت تحت سيطرتها بالفعل، الأمر الذي لم يتسن التأكد منها من مصادر برلمانية رسمية).



وفي الوقت الذي تحدثت فيه مصادر الشرعية عن اكتمال النصاب القانوني المطلوب لعقد الجلسات، بحشد حوالي نصف الأعضاء إلى السعودية، شكّكت مصادر برلمانية في صنعاء، بهذه المعلومات، وأفادت بأن "النصاب لا يزال العائق الأكبر أمام جهود عقد جلسة في عدن"، إذ إنه ووفقاً للمصادر، فإن "ما يقارب نصف الأعضاء متواجدون في صنعاء، ومن الممكن حضورهم، فضلاً عن الأعضاء المتواجدين خارج البلاد والذين يرفضون التوجه إلى عدن".

والبرلمان اليمني مؤلف من 301 عضو، وتوفي نحو 29 عضواً منه، بما يجعل العدد الفعلي في الوقت الحالي 272 عضواً، والعدد المطلوب لعقد النصاب قانونياً هو 136 عضواً. وكانت مصادر الشرعية تحدثت عن وجود ما يصل إلى 110 أعضاء في السعودية وأن البقية يتواصلون معهم للحضور، إلا أن تحدي النصاب لا يزال قائماً، وفقاً لمصادر قريبة من البرلمان، فضلاً عن التحديات الأخرى، التي تتطلب أن تكون الجلسات بقرار من هيئة رئاسة البرلمان، بينما رئيس البرلمان، يحيى الراعي وأغلب أعضاء هيئة الرئاسة في صنعاء، وتسعى الشرعية لانتخاب بدلاء عنهم في أول جلسة بعدن.

وكان الرئيس عبدربه منصور هادي عقد أخيراً اجتماعاً، ذكرت فيه وكالة الأنباء الحكومية، أنه "مع رؤساء الكتل البرلمانية في مجلس النواب، إلا أن الاجتماع كان بغياب رئيسي أكبر كتلتين، وهما كتلة المؤتمر (الأغلبية)، وتليها كتلة حزب التجمع للإصلاح، الذي يتواجد رئيس كتلته في صنعاء، زيد الشامي، ولا يحضر الجلسات البرلمانية.

الجدير بالذكر أن مجلس النواب اليمني هو الأطول عمراً، وكان من المقرر أن تنتهي فترته في عام 2009، وتم التمديد له باتفاقات سياسية ووفقاً لمادة دستورية تسمح له بالبقاء في حال "الظروف القاهرة". ويمتلك حزب صالح المتحالف مع جماعة أنصار الله (الحوثيين)، الأغلبية داخل المجلس، وفي فبراير/شباط 2015 أعلن الحوثيون حلّ البرلمان، إلا أن صالح تمكن من إعادته عبر اتفاق مع الحوثيين في يوليو/تموز العام الماضي.
وجاءت عودة البرلمان بوصفه مؤسسة شرعية من العاصمة صنعاء، لتمثل مصدر قلق للحكومة الشرعية، التي لا يخولها الدستور بحله أو عدم الاعتراف بشرعيته، إلا وفق شروط غير متوفرة بالنسبة للرئيس هادي والحكومة، وأبرزها أن يتم الدعوة إلى انتخابات خلال 60 يوماً. وإزاء ذلك، لجأت لخطوات أخرى، بإصدار قرار بنقل مقره إلى عدن، وسعت الشرعية والتحالف لاستقطاب أعضاء منذ أشهر، ومن المتوقع أن تكون الأيام والأسابيع المقبلة، حاسمة في هذا الملف، الذي بات محور استقطاب حاد في الشهرين الأخيرين.