تغيّر المناخ... العمل قبل فوات الأوان

04 اغسطس 2018
في ذكرى ضحايا إعصار ماريا (ريكاردو أدرووينغو/ فرانس برس)
+ الخط -
عاماً بعد آخر، تشهد مختلف دول العالم مزيداً من الكوارث الطبيعية، ويسارع العلماء إلى مقارنتها بكوارث شبيهة حدثت سابقاً. والنتائج، بمعظمها، تفيد بأننا نشهد الأسوأ. يمكن تحميل تغير المناخ المسؤولية، وبالتالي أيادي الإنسان. لكن ما زال هناك أمل قبل الكارثة

ما من داعٍ لتبرير الحديث أو إعداد موضوع عن تغيّر المناخ. هذا التغيّر الناتج عن ارتفاع درجة حرارة الأرض، بات جزءاً من حياة القاطنين على هذا الكوكب اليومية. والدلائل كثيرة، بعدما تجاوز العلماء "التشكيك" في هذه النظرية التي غدت واقعاً لصالح شركات الوقود الأحفوري الكبرى، وغيرها من المصالح الاقتصادية. حتّى أنّ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من اتفاقيّة باريس للمناخ في يونيو/ حزيران عام 2017، لم يكن نتيجة عدم قناعة علمية بتغيّر المناخ، أو أنّه لم يعرب عن الأمر صراحة. في ذلك الوقت، قال: "اعتباراً من اليوم، ستكفّ الولايات المتحدة عن تنفيذ مضمون اتفاقية باريس، ولن تلتزم بالقيود المالية والاقتصادية الشديدة التي يفرضها الاتفاق على بلادنا". أضاف أنّ "اتفاق باريس لا يصب في صالح الولايات المتحدة"، لافتاً إلى أن الاتفاق الراهن ليس حازماً بما يكفي مع الصين والهند.

كوارث

جولةٌ سريعة على ما يحدث في العالم اليوم، قد تُعطي صورة وافية عن حقيقة الخطر الذي نعيشه والمرجّح أن يتفاقم في المستقبل، في حال لم تحقّق الدول الـ198 التزاماتها بحسب اتفاقية باريس. وكلّها كوارث حدثت فقط خلال الأيام الماضية. نبدأ باليونان، التي شهدت حرائق قرب العاصمة أثينا خلّفت عشرات القتلى. الحرائق شبت في منطقتي "بنتلي" و"رافينا" الواقعتين على بعد نحو 20 كيلومتراً إلى شمال شرق أثينا، وامتدت خلال فترة قصيرة إلى الغابات والمناطق المأهولة، متسببة في إحدى أكبر الكوارث في تاريخ اليونان.

أما هيئة الأرصاد الجوية اليابانية، فأعلنت حالة الكارثة الطبيعية بسبب الموجة الحارة التي ضربت البلاد وتجاوزت الأربعين درجة لأول مرة، وأودت بحياة 65 شخصاً على الأقل.
وإلى بريطانيا، أعلنت لجنة التدقيق البيئي أن موجة ارتفاع درجات الحرارة الحالية قد تكون "طبيعية" خلال فترات الصيف في البلاد بحلول عام 2040 بسبب التغير المناخي، محذرة من وفاة 7000 شخص كل عام بحلول 2050 إن لم تتخذ الحكومة الإجراءات اللازمة وبسرعة. كما أغلقت السلطات الألمانية مطار مدينة هانوفر (شمال)، تاسع أكبر مطارات البلاد، أمام الملاحة الجوية، بعدما ألحقت الحرارة المرتفعة أضراراً بالمدرج الشمالي.

كمبوديا تغرق (نهاك نجويين/ فرانس برس) 


وتسببت موجة الحر التي ضربت المقاطعات الكندية منذ بداية يوليو/ تموز الجاري بوفاة 34 شخصاً على الأقل، بحسب وزارة الصحة، وهي الموجة الأسوأ منذ عقود مع وصول درجات الحرارة إلى 34 درجة في معظم المناطق.

كما أعلنت وزارة الصحة المصرية حالة الطوارئ في المستشفيات العامة والقطاعات الصحية، بسبب الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة. وفي تونس، أوضح المعهد الوطني التونسي للرصد الجوي أنّ درجات الحرارة تجاوزت في 18 يونيو/ حزيران الماضي المعدلات الموسمية بنحو عشر درجات، مسجلة ما بين 40 و46 درجة، ووصلت في بعض المناطق إلى 49 درجة.

حرب كونيّة

حين نتحدّث عن تأثيرات أو نتائج تغيّر المناخ، يمكن توقّع "حرب عالمية ثالثة" بحلول نهاية القرن، في حال لم تنفّذ الدول الموقعة على اتفاقية باريس للمناخ التزاماتها خلال السنوات العشر المقبلة، بحسب المدير التنفيذي للشبكة الدولية للعمل على تغيّر المناخ وائل حميدان.

هكذا يتغلب على ارتفاع درجات الحرارة في هولندا (ريمكو دي وال/ فرانس برس) 


لنتخيّل إذاً المزيد من الكوارث الطبيعيّة؛ فيضانات وأعاصير وحرائق وغيرها، وارتفاع مستوى سطح البحر، ما سيؤدي إلى نزوح السكان، وتضرّر الزراعة في المناطق الأكثر اعتماداً عليها في جنوب شرق آسيا، كما بدأت روسيا تشهد مدى تأثير تغيّر المناخ على محاصيل القمح، وهناك الكثير. وفي النتيجة، سنشهد، بحسب حميدان، انهياراً للحضارة البشرية، ولن يكون الكوكب قادراً على استيعاب وتأمين الغذاء والمياه لستة مليارات شخص على الكوكب. ويرجّح أن يكون قادراً على استيعاب مليارين فقط.

ما ذُكر سابقاً أشبه بنهاية مأساوية لكوكب وحياة بشريّة امتدت آلاف السنين، وشهدت تغيّرات كثيرة بفعل الإنسان. وبالانتقال إلى المناطق المهدّدة، فإن 70 في المائة من المدن الكبرى في أوروبا عرضة لارتفاع مستويات سطح البحر، ومعظم هذه المدن يقل ارتفاعها عن 10 أمتار عن مستوى سطح البحر. ولدى الصين وحدها أكثر من 78 مليون شخص يعيشون في مدن منخفضة الارتفاع.

ويعيش نحو 360 مليون شخص في المناطق الحضرية في المناطق الساحلية التي يقلّ ارتفاعها عن 10 أمتار فوق مستوى سطح البحر، وهم عرضة للفيضانات والعواصف.
وتعدّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) من أكثر المناطق شحاً في المياه في العالم، ويرجّح أن تتفاقم المشكلة. في عام 1950، كان نصيب الفرد من موارد المياه المتجددة أربعة أضعاف ما هو عليه اليوم. وبحلول عام 2050، هناك مؤشرات تدل على أن موارد المياه الطبيعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستنخفض إلى 11 مرة أقل من المتوسط العالمي.



والجفاف يعد أحد المخاطر التي تهدد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد الزلازل. لكن على الرغم من المستويات المقلقة لندرة المياه، فإن العكس، أي الفيضانات، تشكل خطراً كبيراً على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ما بعد الثورة

ماذا يعني تغيّر المناخ؟ يقول الدكتور فاهاد سعيد، المتخصّص في علوم الأرض، والمشارك في تطوير وصيانة قاعدة بيانات خاصة بالمناخ وأثره وغيرها في معهد علوم المناخ والسياسات في برلين "climate analytics"، لـ"العربي الجديد": "خلال الثورة الصناعيّة، كان الوقود الأحفوري (الفحم الحجري، والفحم النفطي الأسود، والغاز الطبيعي، والنفط) أساسياً لإنتاج الطاقة الأحفورية. وبات معلوماً أن حرق الفحم يؤدي إلى زيادة الغازات الدفيئة (ثاني أوكسيد الكربون وغيره) في الغلاف الجوي، وهذه الغازات الموجودة في الغلاف الجوي قادرة على امتصاص الأشعة، ما يساعد على تسخين الأرض. لكن ما قد لا يكون معلوماً، هو أنّ الغازات الدفيئة ظاهرة طبيعية، وهي التي تجعل العيش على الكوكب ممكناً.

جفاف في السلفادور (أوسكار ريفيرا/ فرانس برس)

 


إلّا أنّ الوقود الأحفوري يؤدي إلى زيادة ثاني أوكسيد الكربون في الجو، ويخلق عدم توازن في نظام الاحتباس الحراري الطبيعي. بمعنى آخر، فإن تركيز ثاني أوكسيد الكربون في الجوّ سيؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض أكثر فأكثر".

يتابع سعيد أنّه في عام 2017، بلغت درجة حرارة الأرض درجة مئوية أكثر من فترة ما قبل الثورة الصناعية. وحدّدت اتفاقية باريس للمناخ 1.5 درجة مئويّة كحدّ أقصى. بالتالي، بقيت نصف درجة قبل الوصول إلى الحدّ الأقصى، أو درجة للوصول إلى درجتين قبل أن نصبح عاجزين عن تجاوز الخطر. والنتائج المترتبة كثيرة، منها ارتفاع درجات الحرارة، وحدوث عواصف، وفيضانات، وموت، ومشاكل صحية وغيرها. وتغيّر المناخ يؤثّر على كل أنحاء العالم بحسب مواقع الدول الجغرافية، لكن بدرجات وطرق مختلفة، بحسب سعيد.

ويرى سعيد أنّ "التهديد" الذي نواجهه اليوم كبير ويحتل القمّة، خصوصاً في المناطق الاستوائية. وسيكون لتغيّر المناخ تأثيراً كبيراً في شبه الجزيرة العربية ومنطقة الشرق الأوسط، وسيتحوّل العيش في بيئة طبيعية إلى تحدٍّ صعب. على سبيل المثال، يمكن العيش في داخل المنزل والاعتماد على أجهزة التكييف في حال ارتفاع درجة الحرارة، إلّا أنّ الحياة في الخارج ستكون شبه مستحيلة.

الحرّ شديد في الهند (شامي مهرا/ فرانس برس)

 


ويذكر أن الدول النامية تعتمد بشكل كبير على الزراعة. بالتالي، سيكون أثر الاحتباس الحراري على هذه الدول كارثياً، عدا عن الفيضانات والسيول وغيرها التي ستؤثر على الحياة والرفاه. أمّا متى يتوقّع ذلك، فللأمر علاقة مباشرة بحجم انبعاث الغازات الدفيئة. بحسب اتفاقيّة باريس، فإنّ درجة 1.5 تحمي الجزر الصغيرة من الزوال، هي التي تشهد ارتفاعاً في منسوب مياه البحر.

أما حميدان، فيشير إلى انتشار الأمراض. "هذا ما لوحظ في اليمن على سبيل المثال لا الحصر، حيث ظهرت الملاريا. وفي ظلّ ارتفاع درجات الحرارة، انتقلت الحشرة التي تسبب هذا المرض من أفريقيا إلى اليمن، وينسحب الأمر على حمى الضنك".

وبحسب اتفاقية باريس للمناخ في عام 2015، تعهّد المجتمع الدولي بحصر ارتفاع درجة حرارة الأرض وإبقائها "دون درجتين مئويتين"، قياساً بعصر ما قبل الثورة الصناعية، و"متابعة الجهود لوقف ارتفاع الحرارة عند 1.5 درجة مئوية". ويتطلّب ذلك تقليصاً شديداً لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري باتخاذ إجراءات للحد من استهلاك الطاقة والاستثمار في الطاقات البديلة وإعادة تشجير الغابات.

انسحاب ترامب

في عام 2017، أثار ترامب بلبلة في العالم لدى إعلان انسحابه من الاتفاقية، واستدعى موقفه ردود فعل دولية. إلا أن حميدان يقول لـ"العربي الجديد"، إنّه "مضى على إعلان ترامب الانسحاب أكثر من سنة، من دون أن يترجم ذلك رسمياً أو عملياً". في هذا الإطار، يلفت إلى نسبة الإيجابيات أكثر من السلبيات، إذ أدى قراره إلى ردود فعل عنيفة من الدول الموقعة على الاتفاقية، وهي الصين والهند وكندا وغيرها من الدول الأوروبية. وحتى داخل الولايات المتحدة، فإن عدداً كبيراً من الشركات (نحو 8000)، والولايات، أعلنت التزامها بتطبيق اتفاقية باريس. من هنا، ما من تأثير بالمقارنة مع حجم العمل، برأيه، خصوصاً أن هناك اندفاعاً للعمل.

ما بقي من حرائق على مقربة من أثينا (هيلين باراغولا/ Getty) 


ويوضح حميدان أنّ حاكم ولاية كاليفورنيا جيري براون يعقد اتفاقيات لمكافحة تغيّر المناخ، من دون تنسيق مع الإدارة الأميركية. ويلفت إلى أن ترامب لم يعلن رفضه اتفاقية تغيّر المناخ، بل طالب بـ"عدالة" في العمل بين الولايات المتحدة ودول أخرى.

بعيداً عن الولايات المتحدة، يلفت حميدان إلى أنّ الصين تخطّت الأهداف التي وضعتها في العمل على الطاقة المتجددة كقوة اقتصادية، حتى باتت مصدراً لها. ويتوقع أن تحقق الصين ما كانت قد التزمت به بحلول عام 2030، ما بين عامي 2023 و2025، هي التي أغلقت أكثر من منجم فحم.

من جهة أخرى، يلفت حميدان إلى نقطة أخرى إيجابية ومشجعة، وهي انخفاض أسعار الطاقة المتجددة. "بحسب توقعاتنا، فإن أسعار الطاقة المتجددة ستصبح أقل من الوقود الأحفوري بحلول عام 2025. ووضعت بعض الدول خططاً للانتقال وجعل وسائل النقل تعتمد على الطاقة بدلاً من الوقود". ويلفت إلى أن نسبة انبعاثات الغازات الدفيئة من الولايات المتحدة والصين هي 40 في المائة، في مقابل 60 في المائة من بقية دول العالم.
ويوضح أنه بطبيعة الحال، فإن الدول المتطورة، باستثناء روسيا، تعمل أكثر من تلك النامية، التي تفتقد إلى الإمكانيات والدعم المادي اللازم من الدول المتقدمة.

ويتحدث عن دول الشرق الأوسط والخليج العربي الأكثر تأخّراً في العمل على تغير المناخ، مشيراً إلى "أننا لا نستطيع المبالغة في لومهم في ظل الظروف السياسية التي تعصف في المنطقة". المغرب، كما يقول سعيد وحميدان، اتخذ قراراً سياسياً بالتحول إلى الطاقة المتجددة، ويحتل المرتبة الأولى على صعيد الدول لناحية السرعة في العمل والتحول إلى الطاقة المتجددة. كما أن الأهداف التي وضعها للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة أكثر من طموحة. أما في لبنان، بحسب حميدان، فقد أدرجت حكومة سعد الحريري مشروع الطاقة الهوائية في منطقة عكّار في شمال لبنان. ويؤكد ما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" حول أثر التغير المناخي وتهديد أشجار الأرز في لبنان بالموت، وقد تراجعت مساحتها مع انحسار موسم الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى الحشرات التي تستهدفها. يقول إن لبنان يفقد هويّته. فما يميّز العلم اللبناني هو اللون الأبيض الذي يعني الثلج، والأرزة.

الثلج في المحيط المتجمد الشمالي (Getty)


ويوضح أن مجلس الوزراء الإماراتي بدأ البحث في اقتصاد ما بعد النفط. أما قطر، فتسعى إلى بناء اقتصاد على غرار اقتصاد النروج، أي أن تستخدم عائدات النفط في استثمارات تمنحها الربح الكافي لتكون قادرة على التخلص من النفط متى شاءت. أما السعودية، فبدأت تبيع أسهماً في شركة "أرامكو"، ما يشير إلى تغيير ويضع علامة استفهام حول سوق النفط. وفي النتيجة، فإن الخبراء متفائلون، خصوصاً أن التغيّر يحدث أسرع مما هو متوقّع. "نشعر بأنه سيأتي يوم وتستفيق على تغيّر حقيقي، كما حدث خلال الربيع العربي". ويؤكّد أنّ الشركات الكبرى مثل أمازون وغوغل وفيسبوك وغيرها تتجه إلى اعتماد الطاقة المتجددة. كما أن هناك قراراً إسلامياً بحماية الكرة الأرضية من التغيّر المناخي. وينسحب الأمر على بابا الفاتيكان الذي شكّل لجنة لمتابعة الأمر.

في النتيجة، ما من دولة رافضة لمكافحة التغير المناخي، لكن تختلف درجة العمل والالتزام، علماً أنّه يتوقّع أن نشهد انحداراً في استخدام النفط خلال عام 2025.

أمل

لا يبدو ألدين ميير، من المعهد الأميركي "اتحاد العلماء المعنيين"، متشائماً. يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ هناك بعض التقدّم عالمياً في ما يتعلق بالعمل على الحدّ من ارتفاع درجات الحرارة. ويلفت إلى أن حكومات الدول حقّقت نحو ثلث الجهود المطلوبة لتحقيق الهدف الذي يفترض الوصول إليه في عام 2030. لكنّه يشير إلى الحاجة إلى مزيد من الجهود للوفاء بالالتزامات.

وتعقيباً على قرار الرئيس الأميركي، يرى أن إعلان الانسحاب ستكون له آثار سلبية، وإن كانت هناك مؤشرات إيجابية في المقابل. ومن التهديدات إضعاف الانتقال إلى الطاقة النظيفة التي تحد من تلوث الهواء الذي يؤثر على الصحة، وبالتالي إنقاذ آلاف الأرواح كل عام، وخفض تكاليف الكهرباء، وخلق المزيد من فرص العمل في اقتصاد الطاقة النظيفة المتنامي، إضافة إلى عدم الالتزام بمعايير اقتصاد الوقود.

في المقابل، فإن عدداً من المدن على المستوى دون الوطني، تعمل على الانتقال إلى الطاقة المتجددة والحد من انبعاث الغازات الدفيئة. صحيح أنّه يتوجب على الولايات المتحدة فعل الكثير، لكن بحسب ميير، فهناك ما يدعو إلى التفاؤل، خصوصاً أن الدول الموقعة على اتفاقية باريس، باستثناء سورية ونيكاراغوا، اللتين لم توقعا حتى الآن، لم ترحّب أو تلحق بالرئيس الأميركي. الأمر نفسه ينسحب على المواطنين الأميركيين.



الحلّ ممكن، شرط الالتزام بالعمل. "تغيّر المناخ يتطلّب العمل على كلّ ما يتعلّق بالنشاط البشري، والاعتماد على الطاقة المتجددة، والحدّ من انبعاث الغازات الدفيئة الناتجة عن الزراعة، واعتماد وسائل نقل صديقة للبيئة، وغيرها الكثير"، بحسب ميير. ويؤكد على ضرورة "التكاتف بين بعضنا بعضاً للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وهذه مسؤولية كل إنسان لبدء العمل. كما أن ذلك يتطلّب بذل جهود إضافية". من جهة أخرى، يجب على الدول العمل على زيادة قدرتها على مواجهة تداعيات تغيّر المناخ، إذ إن ضمان عدم تجاوز درجة حرارة الأرض ما بين 1.5 ودرجتين، لا يعني أن الآثار التي بدأنا نشهدها، على غرار الفيضانات والجفاف وارتفاع درجات الحرارة وغيرها، ستختفي. بالتالي، لا يمكن التراجع عما وصلنا إليه، بل العمل على خلق بيئات أكثر تكيفاً.

الواقع ليس مأساوياً إذاً، بشرط ألّا تتلكأ الدول في العمل قيد أنملة. فإذا ما تخطت درجة حرارة الأرض الدرجتين، سنكون في وداعٍ جماعي للكوكب. وربّما قلّة من المحظوظين سيبقون على قيد الحياة فيها، إذا اعتبرنا أنهم محظوظون حقاً.

المساهمون