تغيير في الطفرات يجعل فيروس كورونا أكثر عدوى

19 يوليو 2020
التغييرات في الفيروس قد تفسر عدد الإصابات الكبير في أميركا(مارك فيلكس/فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أنّ الفيروس التاجي الذي يهدّد العالم الآن، ليس هو نفسه الذي ظهر لأول مرة في الصين، حيث يرصد العديد من العلماء آلاف الطفرات، أو تغييرات في المادة الوراثية للفيروس، التي من شأنها أن تغيّر من سلوكه. 
ونشرت مجلة The cell الطبية دراسة تفيد بحصول تغيير في أحد الأحماض الأمينية في الفيروس الذي ربما جعله أكثر عدوى، لكن علماء الفيروسات بعيدون عن الإجماع حول الدور المحتمل لهذه الطفرة.
وتشير الورقة البحثية إلى حصول تغيير في الأحماض الأمينية الفردية من D (حمض الأسبارتيك) إلى G (الجلايسين) على بروتين فيروس كورونا، الذي تستخدمه هذه الفيروسات في الإمساك بالخلايا البشرية.

نشرت مجلة The cell الطبية، دراسة تفيد بحصول تغيير في أحد الأحماض الأمينية في الفيروس الذي ربما جعله أكثر عدوى، لكن علماء الفيروسات بعيدون عن الإجماع حول الدور المحتمل لهذه الطفرة.

تقول بيت كوربر، عالمة الأحياء الحاسوبية في مختبر لوس ألاموس الوطني، والمؤلفة الرئيسية للبحث الجديد: "يلعب بروتين السنبلة دوراً بالغ الأهمية في بيولوجيا الفيروس، ويبدو أنّ الأخير بدأ بتغيير شكله ونمط انتشاره".
وتوصّلت كوربر وزملاؤها إلى هذا الاستنتاج بعد استخدام مناهج متعددة لفحص سلاسل الفيروس، حيث أجروا تحليلاً إحصائياً أظهر كيف أنّ الفيروس المتحور، والذي غالباً ما يشار إليه باسم "سلالة G"، حقّق هيمنة عبر قارات متعددة، متفوقاً على النسخة الأصلية المتعايشة من السارس - CoV-2، أو "سلالة D".

دراسات متعددة

وقام الباحثون باختبار كمية الفيروس لدى الأفراد المصابين بكوفيد-19 في مستشفيات شيفيلد التعليمية، NHS Foundation Trust، في إنجلترا، وأظهرت النتائج أنّ سلالة G أنتجت الفيروس أكثر من السلالة D في جسم الإنسان. 
ولدراسة هذه التأثيرات، ابتكر أعضاء الفريق مسبّبات الأمراض "النمط الكاذب"، عن طريق دمج بروتينات السارس CoV-2، التي تحتوي على أحماض أمينية D أو G، في الفيروسات الأخرى المسبّبة للأمراض. اختبروا هذه الفيروسات، "النمط الكاذب"، عن طريق إصابة الخلايا البشرية، وكانت النتيجة تشير إلى أن الفيروس G كان أكثر عدوى.
تقول إيما هودكروفت، عالمة الأوبئة الجزيئية في جامعة بازل في سويسرا: "علينا فقط أن نكون حذرين حقاً بشأن المدى الذي نأخذه في الاستنتاجات، لأنّ النتائج الأخيرة مقلقة للغاية".

ميزة انتقائية

بدوره، يقول الطبيب سوهان دي سيلفا، من جامعة شيفيلد، بحسب موقع "بي بي سي" البريطاني: "هناك بيانات كافية للقول إنّ الفيروس له (ميزة انتقائية) - ميزة تطورية - أكثر من السابق". مضيفا: "هذا الفيروس التاجي يتغيّر ببطء شديد مقارنةً مع الأنفلونزا، مع مستويات منخفضة نسبياً من المناعة الطبيعية لدى السكّان، وفي ظلّ عدم وجود لقاح والقليل من العلاجات الفعّالة، فإنّ قدرته على الانتشار باتت مرتفعة".
وظهرت الطفرة البارزة، المسماة D614G والموجودة داخل البروتين، في وقت ما، بعد تفشي كورونا في مدينة ووهان، وهو ما يطرح علامات استفهام حول قدرة الفيروس على تطوير نفسه.
ووفق الدكتورة لوسي فان دورب، من جامعة يونيفيرسيتي كوليدج في لندن، "ليس للفيروسات خطة كبرى، فهي تتحوّل باستمرار، وبينما تساعد بعض التغييرات الفيروس على التكاثر، فقد يعوقه بعضها".

 

 

وكانت دراسة أعدّها باحثون في معهد سكريبس للأبحاث في فلوريدا، هذا الشهر، قد كشفت أنّ الفيروس التاجي قد تحوّر بطريقة تجعله يصيب الخلايا البشرية بسهولة أكبر.
يقول الباحثون، "إنّ هناك حاجة إلى مزيد من البحث لإظهار ما إذا كان التغيير قد غيّر مسار الوباء"، فيما يدّعي باحث شارك بالدراسة أنّ الفيروس بدأ يأخذ منحى جديداً، ولديه قدرة على إصابة الخلايا البشرية بسرعة أكبر، قد تفسّر هذه التغييرات عدد الإصابات الكبير في الولايات المتحدة وبعض دول أميركا اللاتينية.

الفيروس التاجي قد تحوّر بطريقة تجعله يصيب الخلايا البشرية بسهولة أكبر.

ووفق الدراسة، فإنّ الطفرة الجديدة تؤثر على بروتين السنبلة. وإذا تمّ تأكيد النتائج فستكون هذه هي المرة الأولى التي يثبت فيها شخص ما، أنّ التغييرات التي شوهدت في الفيروس لها أهمية بالنسبة للوباء.
وقال هيريون تشوي، عالم الفيروسات في سكريبس للأبحاث (مركز أبحاث طبي أميركي غير ربحي يركز على البحث والتعليم في العلوم الطبية الحيوية)، الذي ساعد في إعداد الدراسة، إنّ الفيروسات مع هذه الطفرة كانت معدية أكثر بكثير من تلك التي لم تكن بها طفرة في نظام زراعة الخلايا الذي استخدمناه.
وأجرى تشوي وزملاؤه سلسلة من التجارب أظهرت طفرة تسمى D614G تمنح الفيروس المزيد من المسامير، وتجعل هذه المسامير أكثر استقراراً. وهذا بدوره يسهّل دخولها الخلايا.
 بدورها اعتبرت الرابطة الأميركية لتقدّم العلوم أنه بعد مرور أكثر من 6 أشهر على ظهور الوباء، فإنّ احتمالات تطوّر الفيروس في اتجاه أكثر سوءاً باتت مرتفعة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنّ الفيروس يتغيّر كمعظم الفيروسات الأخرى.
وأشارت إلى إنّه في المتوسط​​، يحصل تغيير في الفيروس التاجي مرّتين في الشهر، وتصيب هذه التغييرات الجينوم الخاص به، ومن شأن تسلسل جينومات SARS-CoV-2  مساعدة الباحثين على متابعة كيفية انتشار الفيروس، وبحسب الرابطة، فإنّ معظم التغييرات لا تؤثر على كيفية تصرّف الفيروس، ولكن القليل منها قد يغيّر من قابلية انتقال المرض أو شدته، وهو ما يحصل بالنسبة إلى فيروس كورونا.

المساهمون