من مفارقات سوق العمل في تونس التي أعيتها بطالة تضم مئات الآلاف من الشباب، أن قرابة مائتي ألف فرصة عمل مهدرة بسبب نقص الاختصاصات الفنية التي لا يقبل عليها الشباب.
ويقول مراقبون إن ضعف التعليم المهني وعقبة الإقبال عليه يضيّع على الدولة تحقيق التوازن بين العرض والطلب في سوق عمل مختلة بالأساس نتيجة ارتفاع عدد خريجي الجامعات في اختصاصات صعبة الإدماج لا تستوعبها السوق.
وتسير الحكومة نحو تغيير جذري في نظم التدريس لمعالجة هذه الأزمة، وفق متطلبات جديدة لسوق العمل، فبعد أكثر من 20 سنة مع معاناة السلطة في استيعاب دفعات من خريجي الجامعات الذين يفوق عددهم سنويا 80 ألف شاب، تتجه الحكومة حاليا إلى إعطاء الأولوية لمدارس التعليم الفني (مدارس الصنائع) لتوفير اليد العاملة المختصة في العديد من المجالات.
وصادق البرلمان التونسي مؤخرا على قانون يكرّس إجبارية الالتحاق بالتعليم الفني والذي يندرج في إطار إتاحة مجالات التعليم والتدريب لصالح المنقطعين عن التعليم.
ويهدف هذا القانون إلى الإحاطة بالمنقطعين عن التعليم حتى سن 18 عاماً، وإدراجهم في منظومة التعليم المهني إجبارياً، خاصة وأن عدد المنقطعين عن الدراسة بكافة مراحلها يقترب من مائة ألف شخص.
ويخص القانون في الأساس، شباب المحافظات الداخلية المنحدرين من عائلات ذات دخل محدود، ما يقتضي معالجة خاصة لأوضاعهم عبر تزويدهم بالمعارف والمهارات الضرورية التي تضمن إدماجهم المهني والاجتماعي.
ويقول مدير عام مؤسسة إحصائيات خاصة حسن الزرقوني، إن نحو مائتي ألف فرصة عمل لا تجد مشتغلين في تونس بسبب نقص في أصحاب المهارات الفنية، مؤكدا أن هذا النقص يحد من الحظوظ التونسية لاقتحام أسواق أفريقية أو المساهمة في إعادة إعمار ليبيا، فضلا عن أنه يجعل سوق العمل المحلية مختلة التوازن.
وأكد الزرقوني في تصريح لـ "العربي الجديد" ضرورة تغيير النظام التعليمي عبر توجيه جزء من الطلاب نحو التعليم الفني، وهو أمر معمول به في كل الدول المتقدمة، وفق تعبيره.
ولفت إلى أن قصور الرؤية الرسمية بخصوص سوق العمل أدى إلى التوجه بكثافة نحو التعليم الجامعي، رغم الإدراك بأن العديد من الشعب التعليمية تؤدي قصرا إلى البطالة نتيجة انحسار فرص العمل فيها وتراجع إمكانات الحكومة في توفير الوظائف.
وبالرغم من استثمار الحكومة في المدارس الفنية إلا أن هذه الاختصاصات لا تجد إقبالا كبيرا لارتباط هذه المهن اجتماعيا بنظرة دونية مقارنة بالدراسة في الجامعات.
ويقول مراقبون إن كثرا من الشباب التونسي يفضلون الدراسة في الجامعات والوقوف في طابور العاطلين عن العمل بحثا عن وظيفة حكومية لا يتجاوز راتبها 400 دولار في أحسن الحالات، على التوجه نحو التعليم الفني الذي يمكن أن يوفر لصاحبه عائدات لا تقل عن 1500 دولار شهريا.
وبحسب تجربة الشاب مهدي اليوسفي، المتخرج من التعليم الفني في تخصص تركيب وتصليح مركزيات التبريد والتدفئة، فإن التعليم الفني مكّنه من اختصار طريق طويلة وشاقة نحو الاندماج في الحياة المهنية، مشيرا إلى أنه لم يجد أية صعوبة في الحصول على وظيفة في اختصاصه في شركة كبرى، غير أنه فضل بعد انتهاء فترة التدريب العمل لحسابه الخاص.
ويقول اليوسفي لـ "العربي الجديد"، إنه يحقق دخلا شهريا لا يقل عن 1000 دولار، لافتا إلى أنه كوّن شبكة من العملاء يستجيب إلى طلباتهم على مدار الساعة، وهو ما جعله يحظى بثقتهم ويسعى إلى تطوير كفاءاته بمواصلة دورات التدريب للحصول على آخر التقنيات في مجاله.
ويبدي استغرابا من عزوف الشباب عن التعليم الفني، مؤكدا أن هذا التعليم يفتح آفاقا تشغيلية واسعة لا يمكن للاختصاصات الجامعية توفيرها سواء في السوق المحلية أو الخارجية.
ولفت اليوسفي، إلى أن المهن تفتح أيضاً أبواب الهجرة إلى الدول التي تشكو نقصا في الاختصاصات الفنية وتعرض عقود عمل قانونية على أصحاب الصنائع الفنية على غرار دول أميركا الشمالية، بحسب قوله.
ورغم أهميته، لا يزال التعليم الفني بحاجة إلى دعم في تونس، عبر تحفيز الصناعات التي تستوعبه.
وخسر نحو 25 ألف حرفي تونسي عملهم، خلال الفترة الممتدة بين 2011-2016، بسبب ضعف النسيج المؤسساتي وتراجع دخل الحرفيين وصعوبة التزود بالمواد الأولية، بالإضافة إلى ضيق مسالك الترويج، حسب دراسة حديثة أعدها المركز الفني للزربية والحياكة، التابع لوزارة السياحة والصناعات التقليدية في تونس.
اقــرأ أيضاً
ويقول مراقبون إن ضعف التعليم المهني وعقبة الإقبال عليه يضيّع على الدولة تحقيق التوازن بين العرض والطلب في سوق عمل مختلة بالأساس نتيجة ارتفاع عدد خريجي الجامعات في اختصاصات صعبة الإدماج لا تستوعبها السوق.
وتسير الحكومة نحو تغيير جذري في نظم التدريس لمعالجة هذه الأزمة، وفق متطلبات جديدة لسوق العمل، فبعد أكثر من 20 سنة مع معاناة السلطة في استيعاب دفعات من خريجي الجامعات الذين يفوق عددهم سنويا 80 ألف شاب، تتجه الحكومة حاليا إلى إعطاء الأولوية لمدارس التعليم الفني (مدارس الصنائع) لتوفير اليد العاملة المختصة في العديد من المجالات.
وصادق البرلمان التونسي مؤخرا على قانون يكرّس إجبارية الالتحاق بالتعليم الفني والذي يندرج في إطار إتاحة مجالات التعليم والتدريب لصالح المنقطعين عن التعليم.
ويهدف هذا القانون إلى الإحاطة بالمنقطعين عن التعليم حتى سن 18 عاماً، وإدراجهم في منظومة التعليم المهني إجبارياً، خاصة وأن عدد المنقطعين عن الدراسة بكافة مراحلها يقترب من مائة ألف شخص.
ويخص القانون في الأساس، شباب المحافظات الداخلية المنحدرين من عائلات ذات دخل محدود، ما يقتضي معالجة خاصة لأوضاعهم عبر تزويدهم بالمعارف والمهارات الضرورية التي تضمن إدماجهم المهني والاجتماعي.
ويقول مدير عام مؤسسة إحصائيات خاصة حسن الزرقوني، إن نحو مائتي ألف فرصة عمل لا تجد مشتغلين في تونس بسبب نقص في أصحاب المهارات الفنية، مؤكدا أن هذا النقص يحد من الحظوظ التونسية لاقتحام أسواق أفريقية أو المساهمة في إعادة إعمار ليبيا، فضلا عن أنه يجعل سوق العمل المحلية مختلة التوازن.
وأكد الزرقوني في تصريح لـ "العربي الجديد" ضرورة تغيير النظام التعليمي عبر توجيه جزء من الطلاب نحو التعليم الفني، وهو أمر معمول به في كل الدول المتقدمة، وفق تعبيره.
ولفت إلى أن قصور الرؤية الرسمية بخصوص سوق العمل أدى إلى التوجه بكثافة نحو التعليم الجامعي، رغم الإدراك بأن العديد من الشعب التعليمية تؤدي قصرا إلى البطالة نتيجة انحسار فرص العمل فيها وتراجع إمكانات الحكومة في توفير الوظائف.
وبالرغم من استثمار الحكومة في المدارس الفنية إلا أن هذه الاختصاصات لا تجد إقبالا كبيرا لارتباط هذه المهن اجتماعيا بنظرة دونية مقارنة بالدراسة في الجامعات.
ويقول مراقبون إن كثرا من الشباب التونسي يفضلون الدراسة في الجامعات والوقوف في طابور العاطلين عن العمل بحثا عن وظيفة حكومية لا يتجاوز راتبها 400 دولار في أحسن الحالات، على التوجه نحو التعليم الفني الذي يمكن أن يوفر لصاحبه عائدات لا تقل عن 1500 دولار شهريا.
وبحسب تجربة الشاب مهدي اليوسفي، المتخرج من التعليم الفني في تخصص تركيب وتصليح مركزيات التبريد والتدفئة، فإن التعليم الفني مكّنه من اختصار طريق طويلة وشاقة نحو الاندماج في الحياة المهنية، مشيرا إلى أنه لم يجد أية صعوبة في الحصول على وظيفة في اختصاصه في شركة كبرى، غير أنه فضل بعد انتهاء فترة التدريب العمل لحسابه الخاص.
ويقول اليوسفي لـ "العربي الجديد"، إنه يحقق دخلا شهريا لا يقل عن 1000 دولار، لافتا إلى أنه كوّن شبكة من العملاء يستجيب إلى طلباتهم على مدار الساعة، وهو ما جعله يحظى بثقتهم ويسعى إلى تطوير كفاءاته بمواصلة دورات التدريب للحصول على آخر التقنيات في مجاله.
ويبدي استغرابا من عزوف الشباب عن التعليم الفني، مؤكدا أن هذا التعليم يفتح آفاقا تشغيلية واسعة لا يمكن للاختصاصات الجامعية توفيرها سواء في السوق المحلية أو الخارجية.
ولفت اليوسفي، إلى أن المهن تفتح أيضاً أبواب الهجرة إلى الدول التي تشكو نقصا في الاختصاصات الفنية وتعرض عقود عمل قانونية على أصحاب الصنائع الفنية على غرار دول أميركا الشمالية، بحسب قوله.
ورغم أهميته، لا يزال التعليم الفني بحاجة إلى دعم في تونس، عبر تحفيز الصناعات التي تستوعبه.
وخسر نحو 25 ألف حرفي تونسي عملهم، خلال الفترة الممتدة بين 2011-2016، بسبب ضعف النسيج المؤسساتي وتراجع دخل الحرفيين وصعوبة التزود بالمواد الأولية، بالإضافة إلى ضيق مسالك الترويج، حسب دراسة حديثة أعدها المركز الفني للزربية والحياكة، التابع لوزارة السياحة والصناعات التقليدية في تونس.