تزداد التعقيدات أمام المحادثات المقبلة بين الأطراف اليمنية، في ظل الحديث عن عدم اتفاق الأطراف على مكان اللقاء، المقرر أن تعقد فيه المحادثات، وسط تجاذبات عميقة بين الأطراف حول ما يدور على الأرض، ومساعٍ أممية لإقناع الشرعية بالموعد المحدد، من خلال لقاء من المفترض أن يُعقد بين المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في عدن. ويحاول ولد الشيخ أحمد انتزاع موافقة هادي على إجراء اللقاء في موعده، لاسيما بعد رفض المليشيات البدء في تنفيذ إجراءات الثقة.
وتشير مصادر سياسية لـ"العربي الجديد"، إلى أن "التعقيدات تزداد أمام المحادثات ومعها تزداد إمكانية عدم عقدها في موعدها المحدد، أو عدم الخروج بنتائج منها في حال عُقدت، في ظل الفشل بتنفيذ إجراءات الثقة التي اتفق الطرفان عليها قبيل اللقاء المقبل". وتوضح المصادر أن "الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح لم يلتزموا بأي شيء مما تم الاتفاق عليه في المحادثات التي عُقدت أخيراً سويسرا، بينما باتت لدى الشرعية قناعة أن المليشيات لا تسعى مطلقاً لإحلال السلام في اليمن، وخير مثال أن فك الحصار عن تعز، وإدخال المساعدات كان من ضمن اتفاق إجراءات الثقة، لكن المليشيات ردت بتشديد الحصار".
حصار وقتل
مما يزيد تعقيد الوضع أن نبرة وتصرفات المليشيات تغيّرت بعد المحادثات الأخيرة، إذ عملت على تشديد الحصار بشكل كبير على تعز، في محاولة منها للاستفادة من ورقة تعز، والتي تحوّلت إلى ورقة رابحة تستطع استخدامها في وجه السلطة الشرعية، في اللقاءات المقبلة، لا سيما في ظل تردّي الوضع الإنساني في هذه المحافظة المحاصرة منذ ثمانية أشهر. ويلمح بعض المقربين من الحوثيين إلى أن المليشيات تسعى إلى إجراء مفاوضات بخصوص تعز، لوقف الحرب فيها بين الأطراف، في محاولة منها لتحقيق مكسب سياسي، لا سيما بعد تضييق الخناق على المليشيات في معاقلها في صنعاء وصعدة.
وفي ظل محاولة المليشيات إجبار الشرعية للخضوع لمطالبها باستخدام ورقة تعز ووضعها الإنساني تتزايد الضغوط والمطالبات الشعبية للشرعية والتحالف العربي بسرعة تحرير تعز وعدم الجلوس على طاولة التفاوض مع المليشيات. وتبدو المليشيات متمسّكة بتعز وتلقي بكل ثقلها فيها على الرغم من خسائرها الباهظة فيها، إلا أنها متمسكة بها في ظل اتهامات للمنظمات الدولية والأمم المتحدة بعدم القيام بواجبها الإنساني.
اقرأ أيضاً: مليشيات الحوثي تمعن في قصف وحصار تعز
وهذا ما ظهر من خلال التطورات الميدانية في تعز أمس، حيث واصلت المليشيات الدفع بتعزيزات إضافية إلى تعز وتشديد قصفها على الأحياء السكنية. وبدا أنه كلما زادت قوات الشرعية والتحالف العربي من تضييق الخناق على المليشيات في صنعاء وصعدة، ترد المليشيات بقصف تعز وتزيد من حصارها.
وقصفت المليشيات أمس مدينة التربة في الناحية الجنوبية لمحافظة تعز بصواريخ كاتيوشا وقذائف الهاون كما أفاد سكان محليون لـ"العربي الجديد". وأوضحت المصادر نفسها بأن خلايا من أبناء المنطقة موالية للمليشيات هي من نفذت الهجوم على مدينة التربة بقذائف الهاون من جبل صبران، والتي كانت تتزامن مع قصف المليشيات الصاروخي عصر أمس من أماكن تمركزها في مديرية حيفان جنوباً. وتزامن القصف المدفعي والصاروخي من قبل مليشيات صالح والحوثي على مدينة التربة مع زيارة قائد اللواء 35 العميد الركن عدنان الحمادي للمدينة، وتفقده المعسكرات التدريبية التي أنشأتها قيادة الجيش والمقاومة في تلك المناطق.
وأكد مصدر طبي في مستشفى خليفة في مدينة التربة بأن القصف المتواصل من قبل المليشيات على مناطق الأجزاء الجنوبية خلّف أكثر من 17 قتيلاً، و30 جريحاً الكثير منهم في حالة خطرة. وبلغ عدد الصواريخ التي سقطت على مدينة التربة خلال يومين فقط أكثر من 15 صاروخاً، طبقاً لسكان محليين. إلى ذلك، ذكرت مصادر محلية في مدينة تعز، أن المليشيات واصلت شن فصف عنيف مستهدفة أحياء زيد الموشكي، والصفا وسط المدينة، وجبل جبالي في الربيعي غرباً.
من جهة أخرى، صدّت قوات الجيش الوطني و"المقاومة الشعبية" هجمات متفرقة في منطقة الرامية ودار القبة في مديرية المسراخ جنوبي تعز. وقال الناشط عبدالحليم الصبري، إن المليشيات شنّت هجمات عدة على مواقع قوات الشرعية في الأجزاء الجنوبية، وتمكّنت قوات الجيش و"المقاومة" من صدها وكبّدت المليشيات خسائر في الأرواح والعتاد.
يأتي ذلك في ظل حصار خانق تفرضه المليشيات على منافذ المدينة الرئيسية والفرعية. وقال سكان محليون إن المليشيات شددت أمس الإثنين من حصارها للمدينة ومنعت تحرك المواطنين فيها. وذكر شهود عيان أن قناصة المليشيات أطلقوا الرصاص على مواطنين في المنفذ الغربي للمدينة، ما أدى إلى مقتل شابين.
معارك في صنعاء والضالع
وفي التطورات الميدانية أيضاً، تواصلت المعارك في مختلف الجبهات، مع دفع كل طرف بقوات جديدة لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة. فقوات الشرعية والتحالف تدفع بتعزيزات إضافية إلى مأرب وصنعاء والجوف، وتحرز تقدّماً ميدانياً، كان آخره التقدّم في مديرية الغيل، آخر معاقل المليشيات في الجوف، إضافة إلى نهم شرق صنعاء، فيما تشنّ طائرات التحالف أعنف غاراتها منذ أيام على المليشيات في صعدة وصنعاء وعمران والحديدة.
وسعت مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع للرد عبر هجوم كبير شنّته على "المقاومة" والجيش الوطني في منطقة نهم شرق صنعاء، لكن قوات الشرعية تمكّنت من صده، وفق مصادر لـ"العربي الجديد"، أشارت إلى أن مواجهات عنيفة تدور في تلك المنطقة وتؤدي إلى سقوط عشرات القتلى من الطرفين.
يأتي ذلك فيما تتواصل المعارك بين "مقاومة" مريس ومليشيات الحوثيين وصالح جنوب دمت شمال الضالع، حيث تدور أعنف المواجهات التي تُستخدم فيها جميع أنواع الأسلحة. وفي إب، تواصل المليشيات اقتحام المنطقة وتفجير منازل عدد من الناشطين والسياسيين، لا سيما في منطقة وراف.
اقرأ أيضاً: الحوثيون يصعدون هجماتهم بمأرب وأزمة بينهم والأمم المتحدة