منذ سنوات قليلة بدأنا نسمع في البلدان العربية بمصطلح "الشمول المالي" المُترجم عن الإنكليزية (Financial Inclusion). لكن ماذا نعرف عن هذا "الشمول" وقد بات له عيد يحتفي به عالمنا العربي غداً الجمعة؟
من أبرز تعريفات الشمول المالي أن المقصود به دمج الفئات المهمّشة مالياً وذوي الدخل المنخفض الذي لا يسمح لصاحبه بالانخراط في عمليات البنوك وإتمام جميع التعاملات المالية إلكترونياً، بحيث يهتم دعاة الشمول بتقديم الخدمات المالية بأساليب سھلة وبأقل التكاليف، مثل الدفع عن طريق الهواتف الذكية.
وتشير الأرقام إلى أن 38% من الراشدين حول العالم لا يزالون خارج الأنظمة المصرفية، وغالبيتهم موجودون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، فضلاً عن أن 75% من الفقراء لا يتعاملون مع المصارف بسبب ارتفاع التكاليف وبُعد المسافات والمتطلبات المرهقة لفتح حسابات بنكية.
وعشية "اليوم العربي للشمول المالي"، أصدر مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، اليوم الخميس، بياناً قال فيه إن تعزيز مستويات الشمول المالي في الدول العربية، يمثل محوراً هاماً من محاور اهتمامات مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، لما لذلك من دور فعّال في تعزيز الاستقرار المالي ودعم فرص تحقيق التنمية المستدامة والرفاه الاجتماعي.
في السياق، بادر المجلس عام 2016 إلى اعتماد يوم عربي للشمول المالي يصادف 27 إبريل/ نيسان من كل عام، ويحتفل به هذا العام تحت شعار "تمكين وصول الشباب ورواد الأعمال إلى الخدمات المالية".
المجلس أكّد مجدداً ضرورة إدماج كافة فئات المجتمع وشرائحه بالنظام المالي الرسمي خاصة الشباب، والمرأة، ورواد الأعمال، وذلك من خلال تعزيز وصولهم واستخدامهم للخدمات والمنتجات المالية التي تتناسب مع احتياجاتهم بالتكاليف والشروط المعقولة، وحماية حقوقهم وتعزيز معرفتهم ووعيهم بالأمور المالية بما يمكنهم من اتخاذ القرار الاستثماري السليم.
كذلك، أكد المجلس على دور المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية والهيئات الرقابية في تعزيز الشمول من خلال وضع القوانين والتشريعات التي تهدف إلى تعزيز نشر الخدمات المالية والمصرفية، وتطوير نظم الدفع والاستعلام الائتماني، وتحديد الفجوات والمعوقات في جانبي العرض والطلب واتخاذ الإجراءات والسياسات الكفيلة بمعالجتها وتحفيز القطاع الخاص والمؤسسات المالية والمصرفية والأطراف ذات العلاقة لممارسة دورها في نشر الوعي والثقافة المالية لتمكين وتعزيز قدرات المجتمعات المحلية.
وتحت مظلة المجلس، أطلق صندوق النقد العربي، أخيراً، بالتعاون مع عدد من المؤسسات الإقليمية والدولية، المبادرة الإقليمية لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية (FIARI)، بهدف تمكين وتعزيز القدرات والإمكانات لتذليل العقبات التي تعترض الارتقاء بمؤشرات الشمول المالي في الدول العربية.
وتشتمل المبادرة على العديد من الأنشطة التي تركز على دعم الشباب وتمكين المرأة مالياً وتشجيع تطور الشركات الناشئة ورواد الأعمال، من خلال توفير المشورة الفنية اللازمة لتطوير الاستراتيجيات والسياسات في هذا الشأن.
وفي هذه المناسبة، دعا المجلس المؤسسات الإقليمية والدولية للتعاون والتنسيق في ما بينها في إطار هذه المبادرة، بما يساهم في دعم جهود السلطات في الدول العربية.
كما أكد أهمية اتخاذ خطوات وإجراءات نوعية على أرض الواقع تعمل على تعزيز نسب الشمول المالي من خلال تشجيع الابتكارات لتطوير الصناعة المصرفية، بما يشمل إطلاق مبادرات، على سبيل المثال فتح حساب لكل مواطن وتوفير منتجات وخدمات مالية ومصرفية خاصة وموجهة لفئات الشباب والنساء، واتخاذ المبادرات الخاصة لسد الفجوة بين الجنسين، وتعزيز البيئة القانونية لحماية مستهلكي الخدمات والمنتجات المالية والمصرفية.
ولغاية تحقيق أهداف الاستراتيجيات الوطنية للشمول المالي وإيجاد حلول للقضايا الجوهرية، أكد المجلس أيضاً أهمية متابعة العمل على تطوير بنية تحتية مالية عصرية، واكتمال قاعدة التشريعات والنظم والقوانين ذات العلاقة، وتشجيع وتوفير منتجات وخدمات مالية متطورة تلبي احتياجات الفئات المستهدفة.
كما أكد أهمية التحول من تقديم الخدمات المالية بالطرق التقليدية إلى الوسائل والأدوات العصرية والاستفادة من التقنيات المالية الحديثة في تطوير خدمات مالية رقمية وتعزيز انتشارها في الدول العربية.
بالإجمال، إذا كان الهدف المُعلن من مبدأ الشمول المالي إدخال ذوي الدخل المحدود والمهمّشين في النظام المصرفي وتيسير أمور مدفوعاتهم وحضّهم على الادخار، فإن ذلك يعني أيضاً توسيع مروحة العمليات المصرفية، ما يعود بالنفع الأكيد على ربحية المصارف من جهة، وعلى خزائن الحكومات من الضرائب المفروضة على الودائع ورسوم المعاملات من جهة أُخرى.
(العربي الجديد)