تعرف إليها...قواعد ترشيد استهلاك الأسرة العربية

AAD7F5E5-D879-4976-85F4-52065D4CA2D3
عبد التواب بركات

أكاديمي وكاتب مصري، دكتوراه في العلوم الزراعية. أستاذ مساعد في مركز البحوث الزراعية بالقاهرة. متخصص في بحوث التنمية الزراعية وسياسات الأمن الغذائي والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر الريفي. عمل مستشاراً بوزارة التموين والتجارة الداخلية في مصر.

24 مايو 2018
5E71C3D4-D751-4BF9-8276-8BBE82A17EA6
+ الخط -
أكثر من أي منطقة أخرى في العالم، تعاني المنطقة العربية من غلاء الأسعار وندرة السلع. وتظهر الدراسات أن متوسط حجم إنفاق الأسرة على الطعام في مصر والجزائر والأردن يتجاوز 43%، في مقابل 25% على مستوى العالم، ولا يتجاوز إنفاق الأسرة على الطعام في دول أوروبا الغربية حاجز 12% من إجمالي دخلها السنوي فقط.

ووصل حجم إنفاق الأسر في دول العالم الإسلامي إلى 1.8 تريليون دولار في السنة، منها 1.2 تريليون دولار على الطعام والشراب، بنسبة 66%.

وتقدر منظمة الأغذية والزراعة، الفاو، حجم الهدر من الغذاء للفرد الواحد في المنطقة العربية بنحو 250 كيلوغراماً سنوياً، وهي ضعف الكمية المقدرة للهدر في أوروبا وأميركا وهي 115 كيلوغراماً.

وفي 2016، استوردت دول المنطقة نحو 36 مليون طن من القمح سنوياً لصناعة الخبز، والمكرونة والمعجنات والحلويات، أُهدر منها نحو 16 مليون طن في صناديق القمامة، بنسبة 44%، وهي كمية تكفي لإطعام ما بين 70 و100 مليون نسمة، وفق تقدير المنظمة.

وكشفت إحصائية صدرت عن مؤسسة "باريلا للغذاء والتغذية" ونشرتها مجلة "إيكونوميكس" أن الهدر السنوي الأعلى على مستوى العالم من الغذاء هو في السعودية، ويبلغ 427 كيلوغراماً من الطعام لكل فرد، فيما بلغ في إندونيسيا 300 كيلوغرام لكل فرد، وفي الولايات المتحدة 278 كيلوغراماً. وبحسب التقرير، فإن قرابة مليار شخص يعانون من الجوع، بينما يتم هدر أو فقد ثلث الغذاء في العالم.

وفي مقابل الهدر في الغذاء، يعيش 116 مليون شخص عربي، من بين 286 مليون شخص في "أسر فقيرة" بنسبة 40%، وضمن هؤلاء الفقراء يوجد 28 مليوناً يعيشون في فقر مدقع، وذلك بحسب مسح قياس نسبة الفقر متعدد الأبعاد في عشر دول عربية، قام به فريق من جامعة الدول العربية، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، اسكوا، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليونيسف، ومبادرة أكسفورد للفقر والتنمية البشرية، ونشر في 2017.
مهارات ضبط النفقات وترشيد الاستهلاك، ضرورة من أجل مواجهة الغلاء، وتلبية الاحتياجات الأساسية، من غذاء وملبس ومسكن وغيرها، دون استدانة، ولتوفير فائض شهري للادخار، يساعد الأسرة في مواجهة الأعباء في المستقبل، ويساهم في تكافل اجتماعي يعالج ظاهرة الفقر العربي.

قائمة المشتريات

على الرغم من أنه قد لا يبدو ممتعاً، خاصة إذا كنت من النوع التلقائي في عمليات شراء احتياجاتك المنزلية، فإن إنشاء قائمة لما تخطط لشرائه قبل التسوق يعد من أفضل الطرق لتوفير المال في محلات البقالة.

ثلثا قراراتنا المتعلقة بشراء البقالة يتم اتخاذها في المتجر، كما تقول باربرا كاهن، وهي أستاذ علم التسويق بجامعة بنسلفانيا في فيلادلفيا. يأتي الناس ولديهم فكرة عامة عما سيشترونه، ثم يتخذوا قرارات الشراء في المتجر تحت تأثير الرغبة العاطفية، الناتجة عن الإعجاب بلون المنتجات أو شكلها، أو مقدار الخصومات عليها، وهي عمليات شراء مكلفة وغير مخطط لها، وتقع خارج نطاق السيطرة تقريباً ودون التفكير في عواقبها.

حدد مشترياتك قبل الذهاب إلى السوق بوقت كاف، وسجلها في ورقة، ورتبها في قائمة حسب الأهمية والأولوية، وابدأ بالسلع المشتركة التي تهم جميع أفراد الأسرة في نفس الوقت، مثل الأرز، واللحوم، والدواجن، والأسماك، أنواع الخضروات، والفاكهة، والمنظفات، ثم التزم ما في القائمة ولا تحد عنه، مهما تكن مغريات السعر، أو عروض البيع، أو الهدايا المصاحبة للسلعة.

ومهما كانت ذاكرتك جيدة، اكتب قائمة البقالة. لا يقتصر الأمر على التأكد من عدم نسيان السلع التي تحتاجها، بل تفيد في عدم إضاعة الوقت وتوفير وقود السيارة، في العودة إلى المتجر مرة أخرى لشراء ما نسيته، بل وتفيد أيضًا في منعك من التورط في شراء الأشياء التي لا تحتاج إليها، وهذا هو الأهم.
توصي نتائج بحوث المستهلكين بتقليل مرات التسوق لتكون مرة واحدة فقط كل أسبوع أو أسبوعين، لتوفير الوقت ووقود السيارة، وتجنب التسوق من المتاجر الكبرى، اذا كانت السلعة التي سوف تشتريها متوفرة في محال البقالة الصغيرة، وأن تنصرف عن المتجر بعد فراغك من الشراء مباشرة، حرصًا على وقتك، وحتى لا تتعرض للمغريات الدعائية، وتتورط في شراء السلع الكمالية.

الجودة أولًا

اشتر الأغذية الأطيب، وإن كانت الأغلى. إذ إن الطعام الجيد، الخالي من التلف، يغنيك عن التخلص من التالف والمعطوب، ويوفر قيمة الجزء الفاسد منه. والطعام الرديء أكثر كلفة، بالرغم من رخص سعره، لأن المتبقي منه بعد التخلص من التالف يصبح أكثر كلفة، وقد يسبب المرض الذي يستهلك الصحة والوقت والمال.

واشتر السلعة الأجود دائمًا، وإن كانت الأعلى في السعر، لأن السلعة الجيدة ستدوم لمدة أطول، وستساعدك على توفير ثمن شراء السلعة عدة مرات.

إن شراء كيلو فاكهة عالية الجودة، وبسعر 10 جنيهات للكيلو، أفضل من الناحية الصحية وسلامة الغذاء، وأوفر من ناحية التكلفة، من شراء 2 كيلو من نفس الفاكهة، بسعر 6 جنيهات للكيلو، ولكن بجودة أقل، فقد يتبقى كيلو واحد فقط يمكن أن تستهلكه بعد التخلص من التالف، فيصل السعر الحقيقي إلى 12 جنيه، في مقابل 10 جنيهات للنوع الأول، الأطيب وإن كان الأعلى سعرًا.

اشتر الخضراوات والفاكهة في موسمها، فهي الأقل سعراً، والأعلى في القيمة الغذائية، والأقل تلوثًا بالمبيدات. وتجنب البشاير، التي تظهر في أول الموسم، والتشاطيب، في نهاية الموسم، فهي الأغلى في الثمن، والأقل في القيمة الغذائية.

شراء الخضروات في الموسم يوفر 50% من السعر عند شرائها في بداية الموسم أو في نهايته، ويمكن من شراء كميات إضافية وتخزينها أو تجميدها والانتفاع بها طوال العام. واحرص على شراء الخضروات والفواكه المحلية، فهي أكثر طزاجة، وحتى تدعم المزارعين المحليين.

احترس

اجعل قرار شراء السلعة منطقيًا واعيًا، ومدفوعًا بحاجة حقيقية لاستهلاكها، وليس قرارًا عاطفيًا مدفوعًا بالإعجاب بشكل السلعة أو لونها أو طريقة تغليفها، ومتأثرًا بالرسالة العاطفية المخبأة في الإعلانات التجارية. وذلك بعد سؤال مهم وهو، لماذا أنا بحاجة إلى شراء هذه السلعة؟ 
حتى يكون الشراء نتيجة الحاجة وليس الإعجاب.

احسب تكلفة المشتريات قبل الذهاب للتسوق وقارنها بإمكاناتك المادية، والمتاح من الميزانية، ليكون لديك فرصة للاستغناء عن السلع الكمالية وغير الضرورية.

لا تذهب للتسوق وأنت جائع، تناول الطعام قبل التسوق، إذ ثبت علميا أن الجائع يشتري أكثر متأثرًا بحالة الجوع فقط، وعندما يجوع الناس، فإن الكثير من الأشياء تبدو جذابة. هذا هو السبب في أن مكان المخبوزات واللحوم المشوية يتم وضعها في مدخل المتجر.

إذا كانت سلة التسوق الخاصة بك تتضمن المشروبات الغازية، والعصائر المصنعة، ورقائق البطاطس، والوجبات السريعة، والبسكويت والكعك، فجرّب الاستغناء عن هذه المنتجات غير الضرورية، وحافظ على صحتك، ووزنك، ووفر مالك، واشترِ البدائل الطبيعية، فهي الأرخص، والأكثر صحة، ولا سيما أن كثيرا من هذه المنتجات غير صحي، وتحتوي نسبا عالية من السكر والدهون والملح.

تقليل مرات الأكل خارج المنزل، والاستغناء عن الوجبات السريعة، الاختيار الأكثر صحة، والأرخص، من شراء الوجبات الجاهزة، والطريقة العملية لتوفير المال.

قم بعمل جرد للثلاجة مرة واحدة في الأسبوع وسوف تجد أنك اشتريت كثيرا من السلع ولم تستخدمها، وتلف بعضها، وكان قرار شرائها غير صائب من البداية.

الفقراء في الحي، وأسر المعتقلين في دول الربيع العربي، أولى بثمن السلع الكمالية، والزائدة عن الحاجة.
دلالات

ذات صلة

الصورة
عالج مطعم "مذاق الموصل" مشاكل لنساء كثيرات (العربي الجديد)

مجتمع

تدير العراقية مهية أدهام (أم عماد)، البالغة 55 عاماً، مطعم "مذاق الموصل" لتجهيز المأكولات المميزة الخاصة بالمدينة، بعد تحريرها من تنظيم "داعش" عام 2017. ويضم هذا المطعم حالياً أكثر من 30 عاملة، غالبيتهن أرامل ومطلقات.
الصورة
الرقة (دليل سليمان/ فرانس برس)

مجتمع

يعمل أطباء متطوعون في مدينة الرقة السورية على تقديم خدماتهم مجاناً لفئات معينة في المجتمع، ضمن مبادرات خيرية هدفها مساندة هذه الفئات والتخفيف عنها.
الصورة
عائلة مسلمة مائدة إفطار في رمضان (جاسمين مردان/ Getty)

مجتمع

يحذّر متخصّصون كثيرون، مع بداية الصوم، من "الأخطاء" التي تُرتكَب في ما خصّ الأغذية المستهلكة في هذا الشهر والتي تؤثّر سلباً على صحّتهم.
الصورة
بنك الطعام.. طبق خيري لفقراء غزة (عبد الحكيم أبو رياش)

مجتمع

تنشغل مجموعة شُبان فلسطينيين بتحضير مختلف الأكلات، تجهيزاً لتقديمها ضمن مُبادرة "بنك الطعام الخيري"، وتوزيعها على الأُسر الفقيرة والمُتعففة من شمال قطاع غزة حتى جنوبه.
المساهمون