وذهب رئيس الفريق الاشتراكي في البرلمان، برونو لورو، في هذا الاتجاه عبر تصريحات أدلى بها يوم الأحد الماضي، عندما أكد أن "هولاند يرغب في تعديل وتوسيع الغالبية الحكومية، وهذا هو التوقيت المناسب، وقد يحدث هذا في المستقبل القريب".
ومن بين أهم التغييرات تلك المتوقعة في منصب وزير الخارجية، إذ لم يعد خافياً على أحد في الأوساط السياسية في باريس، أنّ وزير الخارجية لوران فابيوس يتطلع إلى رئاسة المجلس الدستوري ليحل مكان الرئيس الحالي جان لوي دوبري، الذي تنتهي ولايته الشهر المقبل برفقة عضوين آخرين هما رونو دو سان مارك وغي كانيفيت. ويتكون المجلس الدستوري من 9 أعضاء تدوم ولايتهم 9 سنوات غير قابلة للتجديد، ويتم تعيينهم بقرار من رئيس الجمهورية وغالباً ما يضم أعضاء من الغالبية والمعارضة. ويعد المجلس الدستوري أعلى هيئة سياسية وقضائية مكلفة بتطبيق الدستور وتشريع القرارات الحكومية لجهة احترامها لمبادئ الدستور.
اقرأ أيضاً يهود فرنسا لا يفضلون الهجرة إلى إسرائيل
وكان فابيوس (69 عاماً) عرضة للكثير من التساؤلات بخصوص حالته الصحية وتحديداً عندما تعرض لوعكة صحية مفاجئة خلال زيارته براغ في آغسطس/آب الماضي. وتحدثت بعض المصادر حينها عن احتمال إصابته بمرض "باركينسون"، لكن فابيوس نفى ذلك، معتبراً أنّ فقدانه المفاجئ للوعي أثناء تلك الزيارة سببه "نوبة إنفلونزا حادة".
وشهدت ولاية فابيوس في الخارجية، منذ تعيينه في العام 2012، تحديات كبيرة. ولعل إنجازه الأبرز يتمثل في التنظيم الناجح للقمة الدولية حول المناخ التي احتضنتها باريس الشهر الماضي وذلك على الرغم من الأجواء القاتمة والتهديدات الخطيرة التي أسفرت عنها اعتداءات الجمعة السوداء في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
في المقابل شهد تعامل فابيوس مع الملف السوري، حسب مراقبين، تذبذباً ملحوظاً. وبعدما كان من أشد دعاة مبدأ "لا بشار ولا داعش" لسنوات عدة، اضطر فابيوس، تحت ضغط الأميركيين والروس واعتداءات باريس، إلى اعتبار الحرب ضد "داعش" أولوية قصوى وتحول مبدأ رحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد من شرط للمرحلة الانتقالية السورية إلى هدف لها. كما أن أداء الخارجية الفرنسية في القارة الأفريقية كان غائباً، نظراً لأن الرئيس الفرنسي منح وزير الدفاع القوي، جان إيف لودريان، جميع الصلاحيات في هذه المنطقة. وباتت جميع القنوات الدبلوماسية في القارة السمراء تمرّ عبر مكتب وزير الدفاع الذي يشرف على الحرب ضد الإرهاب في منطقة الساحل، ويرتّب العلاقات بين باريس وعواصم الدول الأفريقية المعنية بهذه الحرب من دون المرور عبر بوابة وزارة الخارجية.
وفي حال مغادرة فابيوس، يوجد أسماء عدة مرشحة لتقلّد منصب وزير الخارجية ومن أبرزها سيغولين روايال، وزيرة البيئة في التشكيلة الحكومية الحالية أو وزيرة العدل السابقة ورئيسة لجنة الخارجية في مجلس النواب إليزابيت غيغو. وتبدو حظوظ غيغو وافرة نظراً لتجربتها الراسخة في العمل الحكومي واطلاعها على الملفات الرئيسية للدبلوماسية الفرنسية وعلاقتها الوطيدة بالسلك الدبلوماسي وكبار الموظفين في وزارة الخارجية، في حين أن روايال تفتقد كثيراً لهذه الصفات الجوهرية والضرورية لهذا المنصب الحساس.
ويرى مراقبون أن هولاند قد يلجأ إلى مفاجأة الجميع عبر تعيين وزير الخارجية السابق، الاشتراكي هوبير فيدرين، المعروف بمراسه وخبرته الكبيرة في العمل الدبلوماسي. غير أن مقربين من فيدرين يستبعدون قبوله بهذا المنصب في ضوء انتقاداته الشديدة لأداء الخارجية الفرنسية في عهد هولاند وفابيوس، ولا سيما في الملف السوري والعلاقة مع روسيا.
ومن بين التغييرات الأخرى المتوقعة في التعديل الحكومي منصب وزيرة العدل الذي تتولاه حالياً الاشتراكية كريستان توبيرا، والتي لمعت في الأشهر الأخيرة بمعارضتها لمشروع قانون التجريد من الجنسية الذي يدافع عنه هولاند وفالس. وتحولت توبيرا، المعروفة بعنادها وبتشبعها بالمبادئ الجوهرية لليسار الفرنسي، إلى معضلة حكومية جوهرية بسبب معارضتها لهذا القانون والذي تعتبره توبيرا خيانة لروح المبادئ الاشتراكية التاريخية. وقد أدى موقفها إلى مطالبة العديد من كبار الشخصيات الاشتراكية بإعفائها من هذا المنصب الحساس للحفاظ على الانسجام الحكومي، ولا سيما في ضوء التحضير للاستحقاق الرئاسي المقبل. غير أن هولاند، بحسب العديد من المراقبين، يفضل الإبقاء على توبيرا داخل الحكومة ليتجنّب احتمال تحولها إلى معارِضة شرسة ترشح نفسها للانتخابات الرئاسية مثلما فعلت في السابق، وبالتالي تعرقل خطة هولاند في انتزاع ولاية رئاسية ثانية.
اقرأ أيضاً فرنسا: الإعلام المستقلّ في خطر