نظمت الجالية السودانية في باريس، عبر جمعية "المهاجرون المتحدون"، ونشطاء سودانيين، وبحضور بعض الفرنسيين والعرب، تظاهرة حاشدة، اليوم السبت، بعد المجزرة المروعة التي ارتكبها الجيش السوداني، الاثنين الماضي، ضد المتظاهرين السلميين، أمام قيادة الجيش السوداني في الخرطوم، والتي تسببت، حسب آخر الإحصاءات، في مقتل 108 متظاهرين وأكثر من 500 جريح.
وكانت التظاهرة واضحة في تركيزها على سلمية الثورة السودانية، حتى تحقيق مطالب الديمقراطية والعدالة، وبناء الدولة المدنية. وبشعارات "مدنية، مدنية" و"سلمية سلمية" صدح المتظاهرون، منتقدين دكتاتورية العسكر السوداني، بشعارات "يسقط يسقط حكم العسكر"، و"يسقط البرهان"، و"يسقط حميدتي"، و"يسقط السيسي"، و"يسقط بن سلمان"، و"الجنجويد قتلة ومجرمون".
وطالب بيان وزعه المتظاهرون الحكومة الفرنسية بأن تطالب بالرحيل الفوري للنظام العسكري، الذي اعتبره البيان نظاما "إجراميا" و"غير شرعي".
كذلك طالب البيان السلطات الفرنسية بالتوقف عن ترحيل منفيين سودانيين "يتعرضون للتهديد بالاعتقالات والتعذيب والاخفاء" في السودان. ويذكر في هذا الصدد أن السلطات الفرنسية، غالبا، ما تُقدم على طرد المهاجرين، حين يتم رفض طلباتهم باللجوء.
محمد علي، سوداني حصل على الإقامة قبل 7 أشهر فقط، حرص على الحضور مع مواطنيه، وعلى رفع لافتاتٍ تدين مجازر "الجنجويد". وقال لـ"العربي الجديد" إن "الجنجويد هم من يرتكبون جرائم القتل وترويع الأبرياء في الخرطوم"، واعتبر أن أكبر خطر في السودان، يتمثل "في تنامي سلطات قائد الجنجويد، دقلو، المعروف بحميدتي".
ولم يُخف قلقه من استيلاء قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو، على السلطة، وإغراق السودان في بحر من الدم، كما فعل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي واللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر.
وكانت السعودية والإمارات حاضرتين في التظاهرة، إذ صبّ عليهما المتظاهرون جام غضبهم، متهمين إياهما بالإيغال في الدم السوداني، عبر تقديم مختلف أنواع الدعم للعسكر. وردد المتظاهرون شعار "تسقط السعودية والإمارات"، ثم أعادوا شعار الثورة المصرية: "ثوار أحرار، هنكمل المشوار"، و"السيسي قاتل"، و"بن سلمان قاتل".
ومن حين لآخر، وبينما كانت التظاهرة تمضي قرب الأحياء التي يوجد فيها مغاربيون كثر، وخاصة حي باربيس، كان المتظاهرون يرددون شعارات الحراك الشعبي في الجزائر، "وَانْ تُو ثْري، فيفا لالْجيري" (واحد، اثنان، ثلاثة، تحيا الجزائر)، وهو ما كان يقابله المغاربيون بكثير من الحماس.
وكانت جمعية "أوروبا - فلسطين"، المعروفة بدعمها لنضالات الشعب الفلسطيني، ومقاومته، دعت نشطاءها إلى حضور هذه التظاهرة، للتنديد بالنظام العسكري في السودان، ولفضح جرائمه، معتبرة أن الطغمة المتحكمة في السودان هي عبارة عن "جنرالات الدمّ".
وقد حضر في التظاهرة بعض السودانيين من المهاجرين الذين لم يحصلوا بعد على أوراق إقامتهم، ومنهم أحمد عثمان، الذي أكد لـ"العربي الجديد" أن معاناته في فرنسا، في انتظار تسوية أوضاعه ومنحه اللجوء، "تَهون، مقارنة مع جرائم النظام، وما يحدث لأهالينا".
وعلى الرغم من أن عثمان أكد أن صمود الداخل هو الذي سيؤدي لانتصار الثورة السلمية، إلا أنه أكد أن حضوره، اليوم، وفي كل مرة يتطلب الأمر ذلك، واجبٌ لإظهار "وحدة الشعب السوداني في محنته"، و"وحدته في مطالبه بالحرية والديمقراطية والعدالة، وبناء الدولة المدنيّة لكل السودانيين".