تظاهرات حاصبيا جنوب لبنان: مواطنون من كافة الطوائف يجسّدون حلم العيش المشترك
في ساحة الاعتصام، الذي ما زال متواصلًا لليوم الثامن على التوالي، حاله كحال الاعتصام المركزي في العاصمة بيروت، رفع المعتصمون لافتة كتب عليها "شعب بيرفع الراس" و"جيش بعبي القلب= وطن بيسوى الدني"، فيما حناجر شبان وشابات، ومشاركون من مختلف الأعمار، يرفعون العلم اللبناني وحده، تصدح بالأغاني الوطنية، والهتافات المطالبة بإسقاط السلطة بمختلف رموزها، وبدولة مدنية.
ومن بين الشعارات الكثيرة، تتكرر بوضوح هتافات: "لا أحزاب ولا طائفية ولا مذهب عالهوية"، "لبنان يا غالي غيرك ما يحلالي، علمك عا راس الكل يرفرف بالعلالي"، "يا مواطن يا مسكين ضحكو عليك باسم الدين ويلا ارحل يا زعيم"، "الله مع الجيش وأنا عندي عقيدي الجيش ضمانتنا الوحيدي"، وذلك بمواكبة من الجيش اللبناني والقوى الأمنية، إذ لم يسجل حتى اليوم أي إشكال يذكر.
هذه الساحة، التي يعتصم فيها المئات من أبناء قرى وبلدات حاصبيا والعرقوب ومرجعيون، يمكن القول إنها تمثل العيش المشترك الحقيقي الذي ينشده المتظاهرون، رغم تنوعها الطائفي والمذهبي والسياسي، وذلك مدفوع بالحرمان والإهمال اللذين عانى منهما أهالي المنطقة على مدى العقود الماضية جراء الاحتلال الإسرائيلي، وغياب الدولة، حتى بعد التحرير عام 2000.
عطفًا على ذلك، يقول الناشط رجائي أبو همين، الذي لم يترك ساحة الاعتصام منذ اليوم الأول للحراك، في حديثه لـ"العربي الجديد": "المطلب الأساسي هو إسقاط رموز السلطة جميعاً قبل أن تسقط الدولة، وإعادة أموال الدولة المنهوبة، ونظام انتخابي عادل؛ أن يكون لبنان دائرة انتخابية واحدة على قاعدة القانون النسبي كي نضمن حقوقنا".
ويبدو أن رئيس الجمهورية، ميشال عون، الذي كان شبه غائب عن المشهد منذ بدء الحراك لولا رسالة طمأنته المقتضبة للمحتجين قبل أيام، لم يفلح في ملامسة هموم المعتصمين، حين خاطبهم اليوم للمرة الأولى، في كلمة مسجّلة أثارت انتقادات واسعة، مبديًا استعداده للقاء ممثلين عنهم.
ويعقّب أبو همين على ذلك بالقول: "اليوم خطاب رئيس الجمهورية غير مقنع، وهذا كلام للمتاجرة وتخدير للناس ولم يقنع الثوار في الشارع، وهذه انتفاضة مستمرة رغم كل الأكاذيب والحجج، والشعب يقرر من هي قيادته ووطنه".
ودخلت الانتفاضة اللبنانية، يوم الخميس، أسبوعها الثاني، إذ تواصلت الاعتصامات في أبرز المدن اللبنانية، ومختلف القرى والبلدات من دون تراجع عن المطالب بإسقاط الحكومة والطبقة السياسية الفاسدة، كما يصفونها. واستمرّت كذلك حالة الشلل في البلاد، مع استمرار قطع الطرقات الرئيسية والحيوية، فضلاً عن استمرار إقفال المصارف والمدارس والجامعات أبوابها.