تضارب الموقف المصري من "حماس"... صراع أجنحة داخل النظام؟

13 مايو 2016
فتح معبر رفح يتم بالتنسيق بين "حماس" والأجهزة المصرية(Getty)
+ الخط -
حالة من الجدل تارة، والغموض تارة أخرى، تكتنف الموقف المصري من حركة "حماس"، فما بين لقاءات على مستوى عالٍ بين الحركة وجهاز الاستخبارات العامة المصرية، وهجوم إعلامي وبرلماني من جانب مجلس النواب المصري، يتباين موقف القاهرة من الحركة.
الهجوم الذي شنّته لجنة الشؤون العربية في البرلمان المصري برئاسة اللواء سعد الجمال، والذي كان واحداً من أبرز رموز "الحزب الوطني" المنحل في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، فتح الباب واسعاً للعديد من التساؤلات بشأن السبب وراء الموقف المصري المتضارب. واتهمت اللجنة حركة "حماس" أنها سعت وراء مصالحها بما تسبب في تأزيم القضية الفلسطينية، في تطور وصف بالمفاجئ، خصوصاً أنه جاء في اليوم الذي أعلنت فيه السفارة الفلسطينية في القاهرة فتح معبر رفح بين قطاع غزة ومصر.
ويقول أحد مسؤولي الاتصال مع الجانب المصري من "حماس"، إن فتح المعبر لا يتم إلا بالتنسيق بين "حماس" والأجهزة الأمنية المسؤولة في مصر، مضيفاً: "هجوم لجنة الشؤون العربية في مجلس النواب المصري غير مبرر ولا يفهم في هذا التوقيت". ويتابع المسؤول في الحركة: "يبدو واضحاً للعيان أن هناك مفارقة واضحة في تعامل أجهزة الدولة المصرية مع الحركة".
ويشير إلى أن "الإخوة في الاستخبارات العامة يؤكدون دائماً أنهم ليس لهم صلة بالهجوم على الحركة في وسائل الإعلام"، مضيفاً: "أكد هؤلاء خلال لقائي القاهرة السابقين مع وفد الحركة، ثقتهم في أن حماس غير متورطة في أي أعمال تخريبية داخل مصر بعكس ما جاء على لسان وزير الداخلية المصري، مجدي عبد الغفار، باتهام الحركة بالتورط في اغتيال النائب العام المصري السابق هشام بركات".
وكان عبدالغفار قد اتهم في السادس من مارس/آذار الماضي، خلال مؤتمر صحافي، حركة "حماس" بالتورط في اغتيال بركات، وذلك قبل أيام قليلة من زيارة وفد من الحركة ضم 5 من أعضاء مكتبها السياسي تقدّمهم موسى أبو مرزوق، إلى القاهرة بدعوة من جهاز الاستخبارات المصري، ما فسره بعض المراقبين وقتها أن الإعلان من جانب وزير الداخلية جاء لقطع الطريق على جهود الاستخبارات في التواصل مع الحركة.


عقب لقائي القاهرة بين الاستخبارات ووفد الحركة، أعلنت "حماس" تشديد الرقابة الأمنية على الحدود المشتركة بين قطاع غزة، وسيناء، من خلال زيادة أعداد نقاط التمركز الأمنية، وأكدت قيادات أمنية تابعة للحركة وقتها أن الخطوة تأتي بالتنسيق مع الجانب المصري في ضوء لقاء القاهرة.
ويفسر خبير سياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، التناقض في التعامل المصري مع "حماس" بأنه "يرجع في المقام الأول إلى صراع الأجنحة داخل النظام المصري، فكل جهاز أمني له رؤية مغايرة لغيره من الأجهزة الأخرى"، لافتاً إلى أنه "بدل تكامل أدوار هذه الأجهزة، بدأت تتضارب أدوارها بحثاً عن توسيع نطاق نفوذها، ومحاولة في ذلك استخدام أية ورقة متاحة على الطاولة كأداة في ذلك".
ويضيف الخبير السياسي المتخصص في الشأن العربي: "أما السبب الآخر هو أن هذه الأجهزة ما زال يسيطر عليها رجال دولة مبارك وتلاميذهم، الذين تربّوا على أن حركة حماس هي جزء أصيل من جماعة الإخوان المسلمين التي خاضوا معارك ضارية للإطاحة بها من الحكم، وبالتالي تظل عدواً في نظرهم، في حين أن هناك عقلاء في هذه الأجهزة ما زالوا يدركون حجم الدور الذي تلعبه حماس كرمانة ميزان في العلاقة بين القاهرة وإسرائيل، إضافة إلى دورها في قطاع غزة الذي يُعدّ من الأمن القومي المصري من الحدود الشرقية".