عاد ملف "أنبوب الغاز" الذي يربط الجزائر بإسبانيا مروراً بالمغرب لتصدُّر المشهد مجدداً، وذلك في أعقاب كشف تسريبات تم تداولها مؤخراً في وسائل إعلام مغاربية بشأن احتمال إيقاف الأنبوب، ما يهدد بتحريك مياه الخلافات مرة أخرى بعد استقرار نسبي للعلاقات التجارية بين البلدين الجارين، خلال الفترة الأخيرة.
وتحدثت تسريبات إعلامية تناقلتها مواقع إلكترونية مقربة من بعض دوائر الحكم في الجزائر، عن احتمال وقف خط أنابيب المغرب العربي - أوروبا أو ما يُعرف أيضاً باسم "Pedro Duran Farell pipeline"، في غضون عام 2021، أما المبرر الذي جاءت به فهو أن الجزائر تملك أنبوب غاز آخر هو "ميدغاز"، الذي يربط الجزائر بإسبانيا مباشرة دون المرور على البر المغربي، تقدر طاقته بنحو ثمانية مليارات متر مكعب من الغاز المسال.
ورغم نفي شركة سونطراك رسمياً هذه الأنباء، إلا أن التطورات الأخيرة خلفت موجة من التساؤلات والمخاوف خاصة لدى الجار الغربي للجزائر الذي يستفيد من الأنبوب، لتموين الطلب الداخلي.
وطفا على السطح مجدّداً الخلاف حول ملف الطاقة بين البلدين حيث يسعى كل طرف إلى تأمين موقفه عبر إطلاق مناورات لإنشاء أنابيب غاز جديدة وإيجاد تحالفات وشراكات أوروبية وأفريقية في هذا المجال.
وحسب المعلومات التي تحصلت عليها "العربي الجديد" من مصدر مطلع بوزارة الطاقة الجزائرية، فإن "فكرة وقف أنبوب نقل الغاز لأوروبا عبر اسبانيا غير مطروحة حالياً لسببين، الأول هو وجود عقود تربط الجزائر بالمغرب وإسبانيا ولا يمكن اتخاذ قرارات مفاجئة بهذه الطريقة، أما السبب الثاني فهو تقني، فأنبوب "ميد غاز" لا يمكنه تغطية ما يتم نقله عن طريق الأنبوب الحالي الذي يعبر المغرب، وبالتالي لا يمكن الضغط أكثر على الأنبوب الأول".
اقــرأ أيضاً
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن "الاستثمارات النفطية التي خصصتها شركة سونطراك والمقدرة بقرابة 5 مليارات دولار، كلها موجهة للتنقيب ورفع إنتاج الشركة داخل وخارج الجزائر، وإطلاق أنابيب جديدة غير وارد في ظل تراجع عائدات النفط".
ويربط خط أنابيب المغرب العربي، بين حاسي الرمل في الجنوب الشرقي للجزائر، قبل أن يصل إلى مدينة قرطبة الإسبانية عبر التراب المغربي، على مسافة 1300 كلم، منها 540 كلم على التراب المغربي، وهو ينقل قرابة 13.5 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، يحصل منها المغرب على 500 مليون متر مكعب من الغاز حيث يسخر تلك الكمية لتشغيل محطتين لتوليد الكهرباء، ويبلغ إجمالي احتياجات المغرب من الغاز سنوياً 1.1 مليار متر مكعب، حسب بيانات رسمية.
الأرقام المتعلقة بالعلاقات الجزائرية المغربية في مجال الطاقة، تشير إلى أن الجار الغربي حصل على حصة من الغاز الجزائري حتى شهر أغسطس/الماضي، تقدر قيمتها بنحو 121 مليون دولار، مقابل 71 مليون دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، حسب الإحصائيات الرسمية الصادرة من المغرب، وهو ما يكشف ثقل وأهمية هذا الأنبوب بالنسبة للرباط.
وينتهي العمل بذلك الأنبوب بعد نحو عامين، حيث ستنتقل ملكيته من إسبانيا إلى المغرب، وفي حال عدم تجديد العقد سيكون المغرب مضطراً لشراء كمية الغاز الجزائري التي كان يحصل عليها مجاناً، وهو ما سيفقد الرباط مورداً مالياً معتبراً، في وقت تبدو خزينة المملكة غير قادرة على مسايرة الأعباء المتزايدة للشعب المغربي الذي يعاني من مشاكل البطالة والفقر.
وحول هذه الخلافات، قال المدير العام السابق لشركة "سونطراك" ورئيس الجمعية الجزائرية لإنتاج الغاز، عبد المجيد عطار، إن "الجزائر لها الحق في تنويع طرق تصدير غازها، ولا يمكن أن ترهن مصدراً مهماً للعملة الصعبة عبر طريق ملغم، خاصة وأن العلاقات بين البلدين لم تستقر منذ أكثر من 40 سنة".
وأضاف عطار في حديث لـ"العربي الجديد" أن "المغرب سارع إلى البحث عن مصدر آخر للغاز واستطاع إقناع نيجيريا في تمرير أنبوب للغاز عبر أراضيه، في وقت كانت فيه الجزائر ونيجيريا قد شرعتا في إقامة أنبوب أول يمر عبر التراب الجزائري، وبالتالي نحن أمام حرب "غازية" بأبعاد سياسية، وبالتالي من حق الجزائر أن تلعب بكل الأوراق المتاحة لها".
وكشف نفس المتحدث أن "الجزائر بدأت بالفعل في الضغط على المغرب من خلال ربط أنبوب "ميد غاز" بمصفاة "بني صاف" لضخ كمية إضافية من الغاز نحو إسبانيا وتخفيف الضغط على الأنبوب الذي يمر على المغرب، بمشروع قيمته 280 مليون دولار." إلا أن عطار ربط لجوء الجزائر إلى إقامة أنابيب جديدة بإبرام عقود طويلة الأمد مع دول جنوب أوروبا، خاصة وأن معظم العقود وصلت إلى نهايتها.
وتحتل الجزائر المرتبة الحادية عشرة عالمياً من حيث احتياطات الغاز الطبيعي التقليدي المقدر بقرابة 159 تريليون قدم مكعبة.
وكانت الجزائر قد صدرت 55 مليار متر مكعب من الغاز في 2017، وجددت الجزائر العقود المبرمة مع عملاء مثل إسبانيا بحجم تسعة مليارات متر مكعب سنوياً لتسعة أعوام، وتركيا بكمية تبلغ 5.4 مليارات متر مكعب سنوياً لخمسة أعوام حسب تصريحات مسؤولين حكوميين، ولا تزال المفاوضات جارية مع إيطاليا، كما تعتزم الجزائر أيضاً بيع الغاز عن طريق شركة تجارية جديدة.
وتعدّ الجزائر من أهم مموّني القارّة الأوروبية بالغاز الطبيعي، إذ تستورد القارّة العجوز قرابة 30% من حاجاتها من الغاز من الجزائر، عبر 3 أنابيب، اثنان نحو إسبانيا والثالث نحو إيطاليا.
وحسب بيانات رسمية، تحوز إيطاليا أكبر حصة من الغاز الجزائري بنحو 60%، تليها إسبانيا بنحو 20%، وفرنسا 12 %، ثم البرتغال 7 %، وسلوفينيا 1 %.
ومن جانبه نفى المدير العام لمجمع سونطراك، عبد المؤمن ولد قدور، وجود أي قرار لتوقيف ضخ الغاز عبر أنبوب الغاز الرابط بين الجزائر وإسبانيا عبر البر المغربي. وقال ولد قدور، خلال ندوة صحافية أول من أمس، إنه "لا يوجد أي سبب يدفع الجزائر لوقف ضخ الغاز إلى المغرب"، مضيفاً أن "سونطراك تسعى لرفع صادراتها من الغاز من خلال إنجاز أنبوب جديد".
وانتقد ولد قدور، التعاطي الإعلامي مع بعض القضايا التي تخص الشركة الجزائرية للنفط، وقال "داخلياً نتصارع بيننا والأجانب يتفرجون وينتظرون هذا"، وقال إن "الإعلام يساهم في نقل صورة مشوهة للوضع داخل الشركة"، مشيراً إلى أن "الحديث عن وقف ضخ النفط عبر الأنبوب الذي يربط الجزائر بإسبانيا عبر المغرب انطلق من مقال صدر في الجزائر وتناقلته أوساط إعلامية مغربية، والتي راحت تستعمل هذا المقال لضرب سونطراك"، قبل أن يرد بأن" الشركة لا تتلقى دروساً من المغرب ولا من أحد"، مشيراً إلى أن "الأجدر بالمملكة الاهتمام بمشاكلها بدلاً من التركيز على سونطراك".
ومن جانبها، تجاهلت الحكومة المغربية، أنباء نية الجزائر في تشييد أنبوب غاز يغذي مباشرة أوروبا ولا يمر عبر أراضيها، رغم المخاوف التي أثيرت حول احتمال عدم تجديد العقد حول الأنبوب الذي يربط الجارة الشرقية بإسبانيا والعابر للمملكة.
ونفى وزير الطاقة والمعادن المغربي، عزير رباح، بعدما سئل من قبل وسائل الإعلام، احتمال إقفال أنبوب الغاز الذي يمتد من الجزائر إلى إسبانيا عبر المغرب في 2021.
وذهب الوزير المغربي، الذي بدا أنه لم يرد الخوض في تفاصيل الموضوع، إلى أن الجزائر والمغرب وإسبانيا، في حاجة لتطوير الشراكة في مجال الغاز، معتبراً أن خط الأنبوب شبكة إمدادات ضرورية للبلدان الثلاثة.
واعتبر مراقبون مغاربة أن ذلك يندرج في إطار الصراع الخفي بين البلدين، والذي تحاول فيه الجزائر تأكيد موقعها كقوة طاقية، مادامت توفر للمغرب أهم حاجياته من الغاز.
ويشبه خبراء مغاربة التصريحات حول الغاز بلعبة شطرنج أطرافها الجزائر وإسبانيا والمغرب، حيث كل تقدم يحققه أحدهم، يعتبر بمثابة نصر جيوسياسي في المنطقة.
وصرح الخبير المغربي في الطاقة، عمر الفطواكي، لـ"العربي الجديد"، بأن المغرب سيكون مضطراً لشراء الغاز من منتجين آخرين، حيث ينتظر أن ينفتح أكثر على بلدان مثل روسيا وقطر، خاصة في ظل توقع ارتفاع حاجياته من تلك الطاقة.
غير أن من الخبراء المغاربة من يعتقد بأن لا شيء يمنع، في حال إقفال أنبوب الغاز، من شراء الغاز من الجزائر نفسها، حيث يمكن للمغرب أن يعبر عن طلبياته كأي زبون في السوق.
وفي حالة توقف حصول المغرب على مقابل عبور الغاز، فإن فاتورة مشتريات الطاقة من الخارج سترتفع، علماً أن المملكة تستورد 94 % من احتياجات المشتقات النفطية والغاز.
ووضع المغرب في الأعوام الأخيرة خطة لإنجاز استثمارات بـ5 مليارات دولار بهدف تسخير الغاز المسال لتوليد الطاقة الكهربائية وتلبية حاجيات الصناعة المحلية.
اقــرأ أيضاً
وكان المغرب وضع خطة لإطلاق ذلك المشروع في 2021، وهو ما يتزامن مع نهاية العمل بالاتفاقية التي يستفيد بموجبها من الغاز الجزائري العابر لأراضيه والاتفاقية التي يتزود بموجبها المكتب المغربي للماء والكهرباء بالغاز من الشركة الجزائرية سونطراك.
وترمي المملكة من وراء تلك الخطة إلى بناء محطات عاملة بالغاز المسال بين 2020 و2025، بما يتيح توسيع طاقة إنتاج الكهرباء الذي عرف الطلب عليه نمواً بـ 6.1 %.
وكانت روسيا أبدت اهتمامها بمشروع المغرب الرامي إلى بناء محطات للكهرباء تعمل بالغاز الطبيعي، حيث كانت المملكة أطلقت مفاوضات مع غازبروم ونوفاتك الروسيتين من أجل تزويدها بالغاز الطبيعي.
غير أن تأخر إطلاق مشروع معالجة الغاز المسال بالجرف الأصفر بـ 4.5 مليارات دولار، يطرح بالنسبة للمراقبين التساؤل حول مدى القدرة على تحقيق تلك الأهداف.
وطرحت عند إطلاق ذلك المشروع مسألة مستقبل التزود بالغاز الجزائري، حيث تجلى أن المغرب يسعى إلى عدم التعويل فقط على جارته الشرقية، إذ يراهن على تنويع مصادر الطاقة.
ويتوقع المغرب انتقال الاستهلاك المحلي من الغاز الطبيعي من أكثر من مليار متر مكعب حالياً إلى 3.5 مليارات متر مكعب في 2025. ويطرح موضوع الغاز بحدة، خاصة بعد توقيع المغرب على بروتوكول اتفاق مع نيجيريا، حول تشييد أنبوب غاز يربط ذلك البلد الأفريقي بأوروبا عبر المغرب، وهو المشروع الذي لم تنته الدراسات الفنية حوله.
وكان المغرب فاجأ الجزائر بهذا المشروع، الذي كانت الجارة الشرقية قد تسعى منذ 2002 إلى الفوز به، غير أن المفاوضات تعثرت حتى عام 2009، حيث أعيد بعثها، قبل أن تعلق من جديد.
ويراهن المغرب بالموازاة مع ذلك، على ما يمكن أن يكشف عنه باطن الأرض بمنطقة تادرارا في شرق المملكة من غاز، توقعت شركة "ساوند إنرجي" بأن يكون مهماً، علماً أن الخبير عمر الفطواكي، يؤكد أن المناطق البحرية واعدة بالمغرب.
وتحدثت تسريبات إعلامية تناقلتها مواقع إلكترونية مقربة من بعض دوائر الحكم في الجزائر، عن احتمال وقف خط أنابيب المغرب العربي - أوروبا أو ما يُعرف أيضاً باسم "Pedro Duran Farell pipeline"، في غضون عام 2021، أما المبرر الذي جاءت به فهو أن الجزائر تملك أنبوب غاز آخر هو "ميدغاز"، الذي يربط الجزائر بإسبانيا مباشرة دون المرور على البر المغربي، تقدر طاقته بنحو ثمانية مليارات متر مكعب من الغاز المسال.
ورغم نفي شركة سونطراك رسمياً هذه الأنباء، إلا أن التطورات الأخيرة خلفت موجة من التساؤلات والمخاوف خاصة لدى الجار الغربي للجزائر الذي يستفيد من الأنبوب، لتموين الطلب الداخلي.
وطفا على السطح مجدّداً الخلاف حول ملف الطاقة بين البلدين حيث يسعى كل طرف إلى تأمين موقفه عبر إطلاق مناورات لإنشاء أنابيب غاز جديدة وإيجاد تحالفات وشراكات أوروبية وأفريقية في هذا المجال.
وحسب المعلومات التي تحصلت عليها "العربي الجديد" من مصدر مطلع بوزارة الطاقة الجزائرية، فإن "فكرة وقف أنبوب نقل الغاز لأوروبا عبر اسبانيا غير مطروحة حالياً لسببين، الأول هو وجود عقود تربط الجزائر بالمغرب وإسبانيا ولا يمكن اتخاذ قرارات مفاجئة بهذه الطريقة، أما السبب الثاني فهو تقني، فأنبوب "ميد غاز" لا يمكنه تغطية ما يتم نقله عن طريق الأنبوب الحالي الذي يعبر المغرب، وبالتالي لا يمكن الضغط أكثر على الأنبوب الأول".
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن "الاستثمارات النفطية التي خصصتها شركة سونطراك والمقدرة بقرابة 5 مليارات دولار، كلها موجهة للتنقيب ورفع إنتاج الشركة داخل وخارج الجزائر، وإطلاق أنابيب جديدة غير وارد في ظل تراجع عائدات النفط".
الأرقام المتعلقة بالعلاقات الجزائرية المغربية في مجال الطاقة، تشير إلى أن الجار الغربي حصل على حصة من الغاز الجزائري حتى شهر أغسطس/الماضي، تقدر قيمتها بنحو 121 مليون دولار، مقابل 71 مليون دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، حسب الإحصائيات الرسمية الصادرة من المغرب، وهو ما يكشف ثقل وأهمية هذا الأنبوب بالنسبة للرباط.
وينتهي العمل بذلك الأنبوب بعد نحو عامين، حيث ستنتقل ملكيته من إسبانيا إلى المغرب، وفي حال عدم تجديد العقد سيكون المغرب مضطراً لشراء كمية الغاز الجزائري التي كان يحصل عليها مجاناً، وهو ما سيفقد الرباط مورداً مالياً معتبراً، في وقت تبدو خزينة المملكة غير قادرة على مسايرة الأعباء المتزايدة للشعب المغربي الذي يعاني من مشاكل البطالة والفقر.
وحول هذه الخلافات، قال المدير العام السابق لشركة "سونطراك" ورئيس الجمعية الجزائرية لإنتاج الغاز، عبد المجيد عطار، إن "الجزائر لها الحق في تنويع طرق تصدير غازها، ولا يمكن أن ترهن مصدراً مهماً للعملة الصعبة عبر طريق ملغم، خاصة وأن العلاقات بين البلدين لم تستقر منذ أكثر من 40 سنة".
وأضاف عطار في حديث لـ"العربي الجديد" أن "المغرب سارع إلى البحث عن مصدر آخر للغاز واستطاع إقناع نيجيريا في تمرير أنبوب للغاز عبر أراضيه، في وقت كانت فيه الجزائر ونيجيريا قد شرعتا في إقامة أنبوب أول يمر عبر التراب الجزائري، وبالتالي نحن أمام حرب "غازية" بأبعاد سياسية، وبالتالي من حق الجزائر أن تلعب بكل الأوراق المتاحة لها".
وكشف نفس المتحدث أن "الجزائر بدأت بالفعل في الضغط على المغرب من خلال ربط أنبوب "ميد غاز" بمصفاة "بني صاف" لضخ كمية إضافية من الغاز نحو إسبانيا وتخفيف الضغط على الأنبوب الذي يمر على المغرب، بمشروع قيمته 280 مليون دولار." إلا أن عطار ربط لجوء الجزائر إلى إقامة أنابيب جديدة بإبرام عقود طويلة الأمد مع دول جنوب أوروبا، خاصة وأن معظم العقود وصلت إلى نهايتها.
وتحتل الجزائر المرتبة الحادية عشرة عالمياً من حيث احتياطات الغاز الطبيعي التقليدي المقدر بقرابة 159 تريليون قدم مكعبة.
وكانت الجزائر قد صدرت 55 مليار متر مكعب من الغاز في 2017، وجددت الجزائر العقود المبرمة مع عملاء مثل إسبانيا بحجم تسعة مليارات متر مكعب سنوياً لتسعة أعوام، وتركيا بكمية تبلغ 5.4 مليارات متر مكعب سنوياً لخمسة أعوام حسب تصريحات مسؤولين حكوميين، ولا تزال المفاوضات جارية مع إيطاليا، كما تعتزم الجزائر أيضاً بيع الغاز عن طريق شركة تجارية جديدة.
وتعدّ الجزائر من أهم مموّني القارّة الأوروبية بالغاز الطبيعي، إذ تستورد القارّة العجوز قرابة 30% من حاجاتها من الغاز من الجزائر، عبر 3 أنابيب، اثنان نحو إسبانيا والثالث نحو إيطاليا.
وحسب بيانات رسمية، تحوز إيطاليا أكبر حصة من الغاز الجزائري بنحو 60%، تليها إسبانيا بنحو 20%، وفرنسا 12 %، ثم البرتغال 7 %، وسلوفينيا 1 %.
ومن جانبه نفى المدير العام لمجمع سونطراك، عبد المؤمن ولد قدور، وجود أي قرار لتوقيف ضخ الغاز عبر أنبوب الغاز الرابط بين الجزائر وإسبانيا عبر البر المغربي. وقال ولد قدور، خلال ندوة صحافية أول من أمس، إنه "لا يوجد أي سبب يدفع الجزائر لوقف ضخ الغاز إلى المغرب"، مضيفاً أن "سونطراك تسعى لرفع صادراتها من الغاز من خلال إنجاز أنبوب جديد".
وانتقد ولد قدور، التعاطي الإعلامي مع بعض القضايا التي تخص الشركة الجزائرية للنفط، وقال "داخلياً نتصارع بيننا والأجانب يتفرجون وينتظرون هذا"، وقال إن "الإعلام يساهم في نقل صورة مشوهة للوضع داخل الشركة"، مشيراً إلى أن "الحديث عن وقف ضخ النفط عبر الأنبوب الذي يربط الجزائر بإسبانيا عبر المغرب انطلق من مقال صدر في الجزائر وتناقلته أوساط إعلامية مغربية، والتي راحت تستعمل هذا المقال لضرب سونطراك"، قبل أن يرد بأن" الشركة لا تتلقى دروساً من المغرب ولا من أحد"، مشيراً إلى أن "الأجدر بالمملكة الاهتمام بمشاكلها بدلاً من التركيز على سونطراك".
ومن جانبها، تجاهلت الحكومة المغربية، أنباء نية الجزائر في تشييد أنبوب غاز يغذي مباشرة أوروبا ولا يمر عبر أراضيها، رغم المخاوف التي أثيرت حول احتمال عدم تجديد العقد حول الأنبوب الذي يربط الجارة الشرقية بإسبانيا والعابر للمملكة.
ونفى وزير الطاقة والمعادن المغربي، عزير رباح، بعدما سئل من قبل وسائل الإعلام، احتمال إقفال أنبوب الغاز الذي يمتد من الجزائر إلى إسبانيا عبر المغرب في 2021.
وذهب الوزير المغربي، الذي بدا أنه لم يرد الخوض في تفاصيل الموضوع، إلى أن الجزائر والمغرب وإسبانيا، في حاجة لتطوير الشراكة في مجال الغاز، معتبراً أن خط الأنبوب شبكة إمدادات ضرورية للبلدان الثلاثة.
واعتبر مراقبون مغاربة أن ذلك يندرج في إطار الصراع الخفي بين البلدين، والذي تحاول فيه الجزائر تأكيد موقعها كقوة طاقية، مادامت توفر للمغرب أهم حاجياته من الغاز.
ويشبه خبراء مغاربة التصريحات حول الغاز بلعبة شطرنج أطرافها الجزائر وإسبانيا والمغرب، حيث كل تقدم يحققه أحدهم، يعتبر بمثابة نصر جيوسياسي في المنطقة.
وصرح الخبير المغربي في الطاقة، عمر الفطواكي، لـ"العربي الجديد"، بأن المغرب سيكون مضطراً لشراء الغاز من منتجين آخرين، حيث ينتظر أن ينفتح أكثر على بلدان مثل روسيا وقطر، خاصة في ظل توقع ارتفاع حاجياته من تلك الطاقة.
غير أن من الخبراء المغاربة من يعتقد بأن لا شيء يمنع، في حال إقفال أنبوب الغاز، من شراء الغاز من الجزائر نفسها، حيث يمكن للمغرب أن يعبر عن طلبياته كأي زبون في السوق.
وفي حالة توقف حصول المغرب على مقابل عبور الغاز، فإن فاتورة مشتريات الطاقة من الخارج سترتفع، علماً أن المملكة تستورد 94 % من احتياجات المشتقات النفطية والغاز.
ووضع المغرب في الأعوام الأخيرة خطة لإنجاز استثمارات بـ5 مليارات دولار بهدف تسخير الغاز المسال لتوليد الطاقة الكهربائية وتلبية حاجيات الصناعة المحلية.
وكان المغرب وضع خطة لإطلاق ذلك المشروع في 2021، وهو ما يتزامن مع نهاية العمل بالاتفاقية التي يستفيد بموجبها من الغاز الجزائري العابر لأراضيه والاتفاقية التي يتزود بموجبها المكتب المغربي للماء والكهرباء بالغاز من الشركة الجزائرية سونطراك.
وكانت روسيا أبدت اهتمامها بمشروع المغرب الرامي إلى بناء محطات للكهرباء تعمل بالغاز الطبيعي، حيث كانت المملكة أطلقت مفاوضات مع غازبروم ونوفاتك الروسيتين من أجل تزويدها بالغاز الطبيعي.
غير أن تأخر إطلاق مشروع معالجة الغاز المسال بالجرف الأصفر بـ 4.5 مليارات دولار، يطرح بالنسبة للمراقبين التساؤل حول مدى القدرة على تحقيق تلك الأهداف.
وطرحت عند إطلاق ذلك المشروع مسألة مستقبل التزود بالغاز الجزائري، حيث تجلى أن المغرب يسعى إلى عدم التعويل فقط على جارته الشرقية، إذ يراهن على تنويع مصادر الطاقة.
ويتوقع المغرب انتقال الاستهلاك المحلي من الغاز الطبيعي من أكثر من مليار متر مكعب حالياً إلى 3.5 مليارات متر مكعب في 2025. ويطرح موضوع الغاز بحدة، خاصة بعد توقيع المغرب على بروتوكول اتفاق مع نيجيريا، حول تشييد أنبوب غاز يربط ذلك البلد الأفريقي بأوروبا عبر المغرب، وهو المشروع الذي لم تنته الدراسات الفنية حوله.
وكان المغرب فاجأ الجزائر بهذا المشروع، الذي كانت الجارة الشرقية قد تسعى منذ 2002 إلى الفوز به، غير أن المفاوضات تعثرت حتى عام 2009، حيث أعيد بعثها، قبل أن تعلق من جديد.
ويراهن المغرب بالموازاة مع ذلك، على ما يمكن أن يكشف عنه باطن الأرض بمنطقة تادرارا في شرق المملكة من غاز، توقعت شركة "ساوند إنرجي" بأن يكون مهماً، علماً أن الخبير عمر الفطواكي، يؤكد أن المناطق البحرية واعدة بالمغرب.