مضى 14 سنة على نيل تشارليز ثيرون (42 عاماً) جائزة الأوسكار عن دورها في الفيلم المأسوي "مونستر"، ومع ذلك لا تزال النجمة الأميركية ذات الجذور الجنوب إفريقية نجمة بكل معنى الكلمة، سواء في السينما أم في الإعلانات (نظراً إلى جمالها وطولها الفارع)، الأمر الذي يترك أبواب هوليوود مشرّعة أمامها باستمرار.
وهي التي عملت تحت إدارة مخرجين من طراز شون بين وبيتر بيرغ وجيزون رايتمان وريدلي سكوت وجورج ميللر، علماً أن كلاً من وودي آلن وجيمس غراي كانا قد منحاها فرصة تمثيل شخصيات لا بأس بها قبل نيلها الأوسكار.
وهي التي عملت تحت إدارة مخرجين من طراز شون بين وبيتر بيرغ وجيزون رايتمان وريدلي سكوت وجورج ميللر، علماً أن كلاً من وودي آلن وجيمس غراي كانا قد منحاها فرصة تمثيل شخصيات لا بأس بها قبل نيلها الأوسكار.
تخصصت ثيرون إلى حدّ ما في الآونة الأخيرة، في بطولة أفلام من نوع المغامرات، بينها "ماد ماكس: فيوري رود" و"فاست 8" و"الوجه الأخير" و"الصياد: حرب الشتاء" وفيلمها الأخير "أتوميك بلوند" الذي من أجله جاءت إلى باريس حيث التقتها "العربي الجديد" وحاورتها.
*يدلّ فيلمك الجديد "أتوميك بلوند" على أن دور العميل السري من طراز جيمس بوند أو جيزون بورن صار في حوزة النساء بقدر شعبيته الرجالية، فهل تعتبرين الأمر بمثابة دليل على تطور العقليات في زمننا الحالي؟
أعتقد فعلاً أن العقليات الجماهيرية تطوَّرت وصارت تتقبل رؤية المرأة في دور العميلة السريّة التي تقاتل وتضرب وتتغلب حتى على الرجال الأشرار، وليس فقط على النساء مثلها. لكن ما أراه هو أنّ التطور الذي نتحدث عنه لا يزال يقترن في حالات عدة بشيء من التردد، خصوصاً من قبل جنس الذكور بين المتفرجين، إلا إذا حازت العميلة مساعدة رجل في تنفيذ مهامها.
وتعود المسألة إلى عدم تصديق المتفرج نفسه أنّ هناك امرأة قادرة على ممارسة الألعاب الرياضيّة الآسيوية أو القضاء بالضرب على شخص من الجنس الخشن. أنا مستعدة لتقبل فكرة أنّ الرجل أقوى من المرأة في ما يخص العضلات، لكن صدقني إذا قلتُ لكَ إنّ امرأة مدرّبة ورياضيّة تستطيع التفوق على رجل عادي أو حتى قوي إلى حد ما، حالها حال أي واحد من هؤلاء.
*لكن فيلم "أتوميك بلوند" حقق إيرادات ممتازة في الأيام الأولى من عرضه في الولايات المتحدة، أليس كذلك؟
نعم، لكن ليس بأهمية أفلام جيمس بوند وجيزون بورن التي تذكرها.
*هل يعجبك تمثيل مثل هذه الأدوار؟
إنني أعتبرها صاحبة الفضل عليّ، كوني تحوَّلت من امرأة كسولة نوعاً ما، إلى أخرى نشيطة ورياضيّة جداً. لقد تعلّمت حب الرياضة بفضل السينما، وأستطيع القول إنّ ممارستها، في رأيي، عبارة عن نعمة. ليس فقط بالنسبة للجسد بل أيضاً وربما خصوصاً للعقل وللروح المعنوية. وبالتالي جوابي على سؤالك هو نعم، أحبّ أدوار المغامرات.
*هل يخاف الرجال من مغازلتك الآن؟
لقد لاحظت فعلاً أن نسبة المغازلات تراجعت إلى حد كبير، الأمر الذي يجعلني أعتقد بأنني فقدت شيئاً من أنوثتي وجاذبيتي، لكن ربما أنّ الحكاية ناتجة عن سمعتي الجديدة كصاحبة عضلات بارزة وحسب.
*وهل يضايقك الأمر؟
المرء يعجز عن امتلاك كل ما يتمناه، أليس كذلك؟
*عملتِ عارضة أزياء قبل أن تحترفي السينما.
نعم، فهذه أول مهنة احترفتها لدى وصولي إلى الولايات المتحدة، وكنت في السادسة عشرة من عمري، قادمة من جنوب أفريقيا حيث ولدت وكبرت. ولا شك في أنّ طولي الفارع ساعدني على الدخول إلى عالم الموضة، لكنني سرعان ما فتشت عن وسيلة لمغادرة هذا العالم الذي بدا لي أكثر من سطحي، ورحت أهتم بالتمثيل وأتابع دروس الدراما في معهد متخصص. وأنا في النهاية بقيت "سوبر موديل" طيلة عامين لا أكثر.
*حدثينا عن فيلم "شابة ناضجة" الرومانسي المصور في عام 2011 والذي يعتبر آخر أدوارك من هذا النوع، بعيداً عن لون المغامرات؟
أمثل في هذا الفيلم شخصيّة امرأة ناجحة مهنياً لكن غير ناضجة بالمرة على الصعيد العاطفي، وهي تطارد الرجل الذي عاشت معه علاقة حميمة في الماضي وتزوج من غيرها إثر انتهاء قصتهما العاطفية. وهي ترغب في استعادته بالرغم من أنه صار ربّ أسرة.
*وهل تعتبرين نفسك شخصيةً ناضجة عاطفياً؟
ناضجة أكثر من شخصيّتي السينمائية في هذا الفيلم، بلا أدنى شك. أما في شكل عام، فيصعب علي الرد على السؤال، والأفضل ربما هو توجيهه إلى أشخاص من محيطي العائلي أو من أصدقائي. وعلى العموم فأنا أعتبر عملي في "شابة ناضجة" مجرّد تمثيل بتمثيل.
*أليس هو الحال في أفلام المغامرات البحتة؟
سؤالك عبارة عن فخ، وردي عليه هو أنّ كل أدواري عبارة عن تمثيل ولا شيء سوى ذلك. لكنني أضع بقدر الإمكان نبرات من حقيقة نفسي في كل شخصية أؤديها أمام الكاميرا. وأؤكد لكَ أنّ الجزء الذي ينبع من نفسي في أفلام المغامرات حال "ماد ماكس: فيوري رود" وغيره، أكبر مما هو الحال في الأعمال العاطفية من نوع "شابة ناضجة".
*أنت إذاً لست عاطفية؟
وهذا فخ ثانٍ يا سيدي. إنني عاطفية لكن على طريقتي الخاصة، وهي بعيدة عن الرومانسية الساذجة السائدة في الأفلام والهادفة إلى إثارة إعجاب المتفرج الرجالي أساساً.
*انتقلتِ من عارضة أزياء جذابة إلى امرأة قبيحة في فيلم "مونستر" (وحش). حدثينا عن كيفية تنفيذ هذا الأمر من أجل فيلم جلب لك في نهاية الأمر جائزة "أوسكار" أفضل ممثلة؟
دعني أسرد الحكاية من أولها، فأنا أسست شركة للإنتاج السينمائي، لأنني لا أرغب أبداً في المعاناة من قلة الأدوار الجميلة والاضطرار إلى قبول العمل في فيلم لا يرضيني لمجرد الحاجة إلى كسب المال، ثم أيضاً لأنني سيدة أعمال أحب تنفيذ المشاريع والمجازفة بالمال وبجاذبيتي الراسخة في الأذهان.
وأول عمل من إنتاجي كان "مونستر" الجريء القوي والذي من الصعب على المتفرجين من ذوي الأعصاب المتوترة أو الحساسية المرهفة أكثر من اللازم أن يتحملوه، ومن أجله تنازلت كلياً عن مظهري الناعم وتحولت إلى سفاحة قاتلة دميمة وبغيضة في تصرفاتها، حتى ولو كانت ظروف الحياة هي التي قادتها إلى المأساة. ونجحت خطتي، إذ إنّ الفيلم جلب لي جائزة "أوسكار" أفضل ممثلة وشهادات تقديريّة أخرى.
وللرد على سؤالك الخاص عن عملية تغيير مظهري، فقد اضطررتُ شخصياً للخضوع لجلسة مكياج لا أول لها ولا آخر في كل صباح قبل بدء التصوير، كما تعلّمت التكلم بصوت مختلف عن صوتي، بمعنى أنه كان أقوى وأكثر خشونة وتميّز بلكنة من الجنوب الأميركي. وبقيتُ أسابيع كاملة أتدرب على الكلام تحت إشراف معلم متخصص قبل أن نبدأ بتنفيذ الفيلم.