بعد أيام من زيارة مدير القناة المالية الأوروبية "إينستكس" الألماني بير فيشر إلى طهران، ولقاءاته مع السلطات الإيرانية المعنية، تخرج تصريحات من مسؤولين إيرانيين، لتؤكد أن التشاؤم لا يزال سيد الموقف حيال هذه القناة ومجمل السياسة الأوروبية تجاه الاتفاق النووي بعد الانسحاب الأميركي منه في مايو/ أيار 2018.
وفي خضم هذا التشاؤم، نقلت وكالة "تسنيم" عصر اليوم الثلاثاء، عن مصادر أنه قد تم بالفعل تسجيل النظيرة الإيرانية للآلية الأوروبية تحت عنوان "آلية التمويل والتجارة بين إيران وأوروبا"، وأوضحت أن بنوكا حكومية وأهلية وشركات إيرانية شاركت في إنشاء الآلية.
وكان رئيس البنك المركزي الإيراني، عبد الناصر همتي، قال إن الشريكة الإيرانية لآلية أوروبا المالية سوف يتم تأسيسها قريبا في طهران تحت عنوان "آلية خاصة للتمويل والتجارة" (STFI)، دون الكشف عن تفاصيل عمل هذه الآلية وطريقة التعامل بينها وبين القناة الأوروبية.
وأوضح همتي أن مسؤولي البنك المركزي الإيراني قدموا "توضيحات كاملة حول هذه الآلية" خلال لقائهم مع مدير "إينستكس" الألماني بير فيشر.
في السياق، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، الثلاثاء، في مقابلة مع "نادي المراسلين الشباب" الإيراني إن بلاده لا تبقى منتظرة للآلية المالية الأوروبية لمواصلة العمل التجاري مع العالم، مضيفا "نسعى إلى العمل مع قنوات اقتصادية، هي محل اهتمامنا لتحقيق مصالح أكبر لبلدنا، ولا ننتظر القناة المالية الأوروبية، وقمنا بمتابعة آليات واضحة أخرى مع بعض البلدان"، دون أن يكشف عن طبيعة هذه الآليات أو اسم الدول التي تعمل معها إيران.
وأوضح قاسمي أن بلاده لا تأمل أن "تحقق الآلية الأوروبية معجزة"، لافتا إلى أنه "لا ينبغي الكشف عن آليات بنكية وتفاهمات للتعاون الاقتصادي مع دول أخرى" بسبب ما وصفه بـ "السياسات الأميركية الحاقدة"، واعدا بأنه سيتم "تقديم توضيحات لازمة وشفافة في زمن مناسب بهذا الشأن بعد تجاوز العقوبات".
وأكد أن عدم الكشف عن الآليات المتبعة في التعاملات الاقتصادية مع هذه الدول "هو إجراء وقائي في إطار المصالح الوطنية"، موضحا أن الدول نفسها لا ترغب أن يتم الإعلان عن ذلك.
غموض آلية عمل القناة الأوروبية
وفيما لا تزال طبيعة عمل القناة الأوروبية غاضمة، أوضح رجل الأعمال الإيراني مجيد قديري، حضر اجتماعا في السفارة الألمانية للقاء بير فيشر خلال زيارته لطهران، أنها "تشبه نظام مقايضة، حيث لا تستلم إيران عوائد تصدير سلعها ومنها النفط إلى الاتحاد الأوروبي، وإنما مقابل ذلك تستلم سلعا أساسية وأدوية ومواد زراعية وغذائية لا تشملها العقوبات الأميركية".
وأكد قديري أنه "لا توجد آلية حقيقية وعملية، وأن البنوك والشركات الأوروبية المعروفة لا ترغب في العمل مع القناة الأوروبية".
وفي سياق متصل، اتهم عضو هيئة رئاسة البرلمان الإيراني، النائب أسد الله عباسي، في مقابلة مع وكالة "تسنيم" الإيرانية، الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) باستخدام آلية "إينستكس" الأوروبية "كأداة للرقابة على عوائد صادرات النفط الإيراني"، موضحا أن "الأوروبيين يريدون من خلال إينستكس أن يعرفوا كيف تصرف إيران عوائد نفطها".
وأضاف أن "الأوروبيين ليسوا محل الثقة، وهم لم ينفذوا أيا من تعهداتهم، لكي يطبقوا هذه المرة هذه الآلية المالية"، قائلا إنه "ليس مناسبا أن يتم إيداع الأموال الإيرانية في البنوك الأوروبية وفق هذه الآلية، وفي مقابل ذلك، نستورد الطعام والأدوية من أوروبا".
بدوره، قال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، إن آلية أوروبا لدعم التجارة مع إيران "لا تحقق توقعاتنا، وإن كثيرا من الدول الأوروبية لا تريد الانضمام إليها".
ولفت إلى أن الدول الأوروبية الثلاثة (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) تتابع موضوع "إينستكس"، بينما تريد بلاده أن تلتحق به جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي.
ومن جانب آخر، قال النائب المحافظ في البرلمان أحمد علي رضا بيغي لوكالة "تسنيم" إن "اقتصار العمل التجاري على قناة مالية يؤسسها الأوروبيون، يتعارض مع مصالحنا الوطنية، وله تداعيات أمنية خطيرة مستقبلا".