تركيا: انتعاش سوق السيارات المستعملة مع توقف الإنتاج والاستيراد

29 يوليو 2020
ازدهار سوق المستعمل على حساب الجديد والمستورد (Getty)
+ الخط -

تصديقاً للقول: "مصائب قوم عند قوم فوائد"، زاد الطلب كثيراً على السيارات المستعملة في تركيا، فتضاعف سعرها خلال العام الجاري، بسبب أزمة "كورونا" التي أصابت معامل صناعة السيارات حول العالم بالشلل، وأتت على مخزون السيارات المستعملة، فما كان أمام الناس في ظل زيادة المخاوف من ركوب الحافلات العامة إلا التوجه نحو معارض السيارات القديمة.

ويقول مدير المبيعات بمعرض سيارات بمنطقة إيسنلر في إسطنبول، طوفان دويماز، لـ"العربي الجديد": ارتفع الطلب على "عموم السيارات المستعملة" وتضاعف سعر بعض السيارات، فيما زاد السعر بأكثر من 40% عليها جميعا، وأضاف "اليوم لا تجد سيارة مستعملة بأقل من 10 آلاف دولار، في حين متوسط الأسعار يراوح ما بين 12 و25 ألف دولار، حسب الطراز وسنة الصنع وحالة السيارة والمسافة التي قطعتها، ويبدأ سعر السيارة الجديدة من 30 ألف دولار فصاعداً".

وحول أسباب ارتفاع الأسعار وزيادة الطلب، يضيف دويماز أن السبب الأهم هو عدم وصول سيارات جديدة إلى تركيا، ما أدى لنفاد معظم مخازن السيارات بالمعارض وفروع الشركات، بعد توقف المعامل بأوروبا، المصدر الرئيس للسيارات التركية، وقطع الغيار الصينية، بسبب تفشي وباء "كورونا".

ولم تبق أمام المستهلكين سوى السيارات المستعملة، لافتاً إلى أن للقروض الميسّرة ذات الفوائد المنخفضة، التي أعلنتها المصارف التركية بهدف شراء العقارات والسيارات والأثاث المنزلي، دور مهم بإقبال الأتراك على شراء السيارات، فضلاً عن أن الأسعار تضاعفت بالقياس لليرة التركية التي تراجعت مقابل الدولار من 5.95 تقريباً مطلع العام الجاري وقت بداية انتشار فيروس كورونا، إلى 6.85 اليوم، بل هوت منذ ثلاثة أشهر إلى ما دون 7 ليرات للدولار الواحد.

ويرى خبراء أتراك أن بلادهم تعمدت تحريك سوق العقارات والسيارات وزيادة الإقبال على شراء الأثاث المنزلي والأدوات الكهربائية، بعد الجمود الذي شهدته البلاد خلال النصف الأول من العام الجاري، "وأفلحت الحكومة فرأينا أعلى مبيعات عقارات وسيارات وتنشيط الإنتاج بالمعامل ومبيع الأثاث والأدوات المنزلية".

وأعلن أكبر ثلاثة مقرضين في تركيا الشهر الماضي: بنك زراعات، بنك وقف، بنك هالك، إلى جانب اثنين من البنوك التشاركية: زراعات كاتيليم، وقف كاتيليم، عن تقديم أربع حزمٍ من القروض المتضمنة الرهون العقارية للمنازل الجديدة والقروض لشراء السيارات والبضائع المصنعة محلياً إلى جانب مصاريف العطلات مع أسعار فائدة سنوياً  أقل من التضخم، وأعلنت هذه المصارف أن فترة السداد ستمتد حتى 15 عاماً مع معدلات فائدة تصل إلى 0.64%، ومهلة تمتد حتى 12 شهراً.

وجاءت خطوة المصارف التركية في يونيو/حزيران الماضي، تتمة لإجراءات مصرفية سابقة خلال العام الماضي، وقت أعلن مصرفي الزراعة وهالك عن حملة تخفيض الفائدة لشراء السيارات إلى 0.69%، ما زاد مبيع السيارات بتركيا، وفق جمعية موزعي السيارات، في شهر أيلول/ سبتمبر بنسبة 82.35%، وبعدد اقترب من 42 ألف سيارة خلال الشهر ذاته.

ووفقا للأرقام الصادرة عن مركز الإحصاء التركي، سجلت مبيعات السيارات المستعملة 6.23 ملايين مركبة عام 2019، أي أكثر بـ5 مرات مقارنة بعام 2017، بزيادة قدرها 14% عن العام 2019 مقارنة بعام 2018.

وتكشف مصادر إعلامية أن زيادة مزاولة مهنة بيع السيارات المستعملة، فيزيائياً أو إلكترونيا، دفعت الحكومة التركية لطلب الحصول على شهادة مؤهلة، سيبدأ تطبيق قانون الالتزام بهذه الشهادة على الأشخاص الذين يعملون في بيع وشراء المركبات المستعملة في 31 آب/أغسطس المقبل، ولن تتم عمليات البيع والشراء بعد هذا التاريخ دون الحصول على شهادة مؤهلة yeterlilik belgesi. سيتم أيضًا تطبيق عقوبات كبيرة ضمن اللوائح والشروط الجديدة على صعيد آليات الدفع وأماكن بيع المركبات المستعملة. 

وتشير المصادر إلى أن نصف عدد السيارات التي بيعت في تركيا جرى بيعها دون تسجيل أو قيد، فيما ارتفع عدد الإعلانات التي تم عرضها باسم 3 أشخاص إلى أكثر من 300 ألف.

وتنتشر في تركيا طرائق بيع السيارات عبر قنوات الإنترنت، إذ يلجأ معظم الأتراك لموقع "صاحب دان"، الذي يؤمن السيارات المستعملة من المالك إلى المشتري، من دون المرور بوسطاء أو شركات، ما يقلل، برأيهم، من الأكلاف والعمولات التي تذهب للسماسرة.

ويقول صاحب شركة بيع السيارات بمنطقة أفجولار بإسطنبول اينو أكيول، لـ"العربي الجديد": "لم تؤثر المواقع الإلكترونية و(صاحب دان) على مبيعاتنا هذا العام، لأن الطلب كبير، لكنها كانت تأخذ الحصة الأكبر بالأعوام السابقة".

ورأى أكيول أن نحو 90% من السيارات المستعملة بتركيا تباع عبر الإنترنت، معتبراً أنها "منصة وسوق المستقبل"، لأنها تحوي مئات آلاف الإعلانات والعروض ويمكن التجول والبحث عن الأنسب، من دون عناء أو دفع أموال للوسطاء "لكننا كجمعية تجار السيارات تقدمنا لوزارة التجارة بشكاية، وسنرى بحسب الوعود اعتباراً من الشهر المقبل، شروطاً ونواظم قانونية، على الأقل، تضبط عمل المواقع الإلكترونية لجهة طرق المبيع والإعلانات الحقيقية لكل موقع من دون تكرار الإعلان على أكثر من موقع، وتفرض إزالة الإعلان خلال مدة أقصاها 3 أيام من تاريخ بيع السيارة، وتوفير تقرير مفصل عن حالة السيارة قبل 7 أيام من بيعها".

وحول توقعاته لمستوى الطلب والأسعار، يضيف تاجر السيارات أكيول، أنه من المتوقع أن تستمر أسعار السيارات، والمستعملة منها خاصة، حتى نهاية العام الجاري وبدء توريد المعامل للسيارات الجديدة، نافياً ما يقال عن تخفيض الضرائب على السيارات الجديدة التي تصل لنحو 40% بتركيا، كما يقول، لأن السوق منتعشة الآن وليس من الحكمة الاقتصادية بالنسبة للحكومة تخفيض الضرائب وتفويت مبالغ كبيرة على الخزينة.

المساهمون