تركيا التي يظلمها الغرب

29 مايو 2016
تركيا استضافت عدد من القمم الدولية خلال فترة وجيزة(Getty)
+ الخط -

لا أخفي إعجابي الشديد بالتجربة التركية الحديثة في مجال إعادة بناء الاقتصاد الوطني وتحسين حياة المواطن، ذلك لأن دولة استطاعت في غضون 13 عاماً أن تنتقل من مصاف الدول المتخلفة والمتعثرة مالياً والقريبة من حافة الإفلاس إلى دولة قوية اقتصادياً ومالياً، بل وباتت كذلك عضواً في مجموعة العشرين وهي الدول الأقوى اقتصادياً في العالم، وتخطط لأن تكون من بين أقوى 5 اقتصادات على المستوى الدولي في عام 2030.

حديثاً صمد اقتصاد تركيا في وجه كل العواصف والرياح العاتية سواء القادمة من الشرق حيث روسيا وإيران والعراق، أو من الجنوب حيث حرباً في سورية تأكل الأخضر واليابس وأثرت على الاقتصاد التركي بشكل مباشر، فقد نما هذا الاقتصاد بنسبة 4% في العام الماضي 2015 ووصل معدل النمو بالربع الأخير من العام الماضي 5.7%.

وحقق هذا الاقتصاد معدل نمو إيجابي في ذروة الازمة المالية العالمية التي ضربت أسواق أميركا وأوروبا في أغسطس من عام 2008 وزادت تداعياتها في السنوات اللاحقة، كما واصل هذا النمو في ذروة الخلافات التركية الروسية والتي على أثرها تم منع السياح الروس من التوجه لتركيا.

والمثير أن الاقتصاد التركي صمد رغم الضغوط الاقتصادية والسياسية الشديدة التي تتعرض لها البلاد من الخارج، والهزات السياحية التي تتعرض لها من وقت لآخر، والحروب التي تخوضها الدولة ضد الإرهاب سواء القادم من تنظيم داعش أو من حزب العمال الكردستاني، والعبء المالي الضخم الناجم عن استضافة 3 ملايين من اللاجئين السوريين على أراضيها والبالغ أكثر من 10 مليارات دولار حتى الآن.


زرت تركيا الأسبوع الماضي، وعلى مدى 5 أيام رحت أتجول في مواقع كثيرة، حيث زرت مدناً كبرى منها العاصمة أنقرة وإسطنبول المدينة التاريخية والسياحية وغازي عنتاب التي تحتضن 330 ألف لاجئ سوري موزعين على 6 مخيمات.

كما التقيت بمسؤولين بوزارة الخارجية والإعلام وهيئة إدارة الكوارث والأزمات وبعدد من مسؤولي البلديات، وزرت كذلك مدينة كازان حيث تقع قلعة صناعية كبرى تضم مصانع لإنتاج طائرات أف 16 وغيرها من الطائرات الحربية والمدنية، كما تضم عدة مراكز متخصصة في الأبحاث النووية.

ورغم أن انطباعي قبل زيارة تركيا الأخيرة هو أن البلاد تعيش حالة حرب وتتعرض لموجة جديدة من الإرهاب، وأنها تشهد إجراءات أمنية غير مسبوقة بسبب التفجيرات التي تتم من وقت لآخر، إلا أن الصورة تبدو مغايرة بعض الشيء وأنت في الداخل، فميدان تقسيم الشهير، صاحب النصيب الأكبر من التفجيرات، مليء بالسياح العرب والأجانب.

وشارع الاستقلال، أحد أبرز شوارع إسطنبول، لا تجد به موطئ قدم حيث يعج بآلاف السائحين من كل دول العالم، ويتكرر الموقف في آيا صوفيا وأمينو وجامع السلطان أحمد والسليمانية وجزيرة الأميرات والسوق المصري وغيرها.

وبسبب هذا التدفق السياحي فإن الأتراك يشكون دوماً من تحيز الإعلام الغربي ضدهم والمبالغة في رصد تداعيات الأعمال الإرهابية، وهنا يطرح الأتراك سؤالاً: إذا كنا كما يصورنا الإعلام الغربي ويؤكد دوماً تراجع أنشطة السياحة بسبب زيادة المخاطر، فكيف نستضيف خلال فترة قصيرة قمماً دولية كبرى منها قمة مجموعة العشرين التي شارك فيها أوباما وبوتين وغيره من قادة العالم البارزين، والقمة الـ 13 لمنظمة المؤتمر الإسلامي.

كما استضافت إسطنبول الأسبوع الماضي قمة الأمم المتحدة الأولى للعمل الإنساني التي شارك فيها 60 رئيس دولة وحكومة.

كما يشكو الأتراك أيضاً من عدم إبراز الإعلام الدولي الدور الإنساني الكبير الذي تقوم به بلادهم في مجال رعاية اللاجئين سواء القادمين من سورية والعراق، أو داخل الدول التي تتعرض لكوارث طبيعية خاصة داخل أفريقيا.

المساهمون