"المركزي" التركي يتعهّد بضبط السياسة النقدية وهبوط الليرة لا يهدّد المصارف

03 سبتمبر 2018
المديونية ليست سبباً في هبوط سعر الليرة (Getty)
+ الخط -

أكد البنك المركزي التركي، اليوم الإثنين، أن التطورات الأخيرة في آفاق التضخم أظهرت "مخاطر كبيرة" على استقرار الأسعار، مضيفا أنه سيضبط سياسته النقدية في اجتماعه المقبل في 13 سبتمبر/ أيلول بما يتوافق مع أحدث التوقعات، في وقت أكد وزير المالية براءت ألبيرق أن هبوط الليرة لا يمثل تهديدا لمصارف البلد.

رجّح مراقبون لـ"العربي الجديد" أن يسير المركزي باتجاه تحريك أسعار الفائدة واستخدام الأداة النقدية لتخفيف حدة الضغط على الليرة التركية التي فقدت أكثر من 40% من قيمتها هذا العام وأكثر من 25% خلال شهر، وبخاصة بواقع ارتفاع التضخم الذي أشارت له هيئة الإحصاء اليوم.

وقال المركزي في بيان نشره في أعقاب صدور بيانات التضخم، إنه "سيتخذ الإجراءات الضرورية لدعم استقرار الأسعار"، بعدما فاق معدل التضخم التوقعات في أغسطس/آب مرتفعا إلى 18%، ليسجل أعلى مستوياته منذ ديسمبر/كانون الأول 2003.

وأوضح وزير المالية في مقابلة مع وكالة "رويترز"، أن هبوط الليرة لا يمثل تهديدا لبنوك البلد، نافياً بشدة صحة تصريحات وكالات تصنيف كبرى في الآونة الأخيرة بشأن تأثير أزمة العملة على البنوك.

وأكد الوزير أن البنك المركزي مستقل عن الحكومة وسيتبنى الإجراءات اللازمة، وذلك في معرض دفاعه عن المؤسسة التي لم ترفع سعر الفائدة الأساسي على مدار 3 أشهر تقريبا على رغم أزمة العملة.
ويعقد البنك اجتماعه التالي لتحديد سعر الفائدة في الثالث عشر من الشهر الجاري بعدما أبقى على سعر الفائدة دون تغيير في أواخر يوليو/تموز. ومنذ ذلك الحين تصدى لتراجع الليرة لمستويات قياسية منخفضة في أغسطس/آب من خلال تقليص السيولة.

وصرح ألبيرق بأن البنك ذكر في آخر اجتماعاته أنه سيدرس السوق وينظر في أمر استقرار الأسعار "ولن يتوانى عن تبني الخطوات اللازمة" بالتنسيق مع الإجراءات المالية للحكومة.

وتابع أنه منذ إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان في يونيو/حزيران بسلطات أوسع، هناك ثمة توافق وثيق بين السياسات المالية والنقدية، ما يقوي وضع البنك. وتابع أن "البنك المركزي قد يكون أكثر استقلالية من بنوك في دول أخرى وسيستمر خلال هذه الفترة في أخذ خطوات لمواصلة هذا الاستقلال".

كما صرح ألبيرق لرويترز في ساعة متأخرة من مساء الأحد، بأنه لا يتوقع مشكلات أو مخاطر بسبب مستويات الدين الكلية، والتي وصفها بأنها منخفضة نسبيا بالمعايير الدولية بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف: "عندما ننظر للأمر من خلال ميزانيات البنوك وجميع قنوات الائتمان خلال الفترة، ليس هناك ما يهدد القطاع المصرفي في ما يخص (أسعار) الصرف والعملة". وقال عن مستويات الدين الحالي: "حتى إذا نظرنا إلى الإجمالي، فإن تركيا لا تواجه مثل هذه المشكلة أو التهديد".

"بنك خلق"

وقال الوزير إن شركة قانونية أميركية كلفتها تركيا بفحص معاملات بنك خلق الحكومي مع إيران توصلت إلى أنها لا تنتهك العقوبات الأميركية، مضيفا أن أنقرة لا تتوقع فرض أي غرامة على البنك.

وأجرت شركة "كينغ أند سبالدينغ" القانونية وشركة "إكسيجر" للبيانات الفحص بعد اتهام مسؤول تنفيذي في "بنك خلق" في نيويورك العام الماضي بالمشاركة في مخطط لمساعدة إيران على تفادي العقوبات الأميركية.

ودِين المسؤول التنفيذي وحُكم عليه في مايو/أيار بالسجن 32 شهرا في قرار قالت تركيا إن دوافعه سياسية.

وقال الوزير التركي: "تم تقديم كل البيانات ورسائل البريد الإلكتروني والوثائق المتعلقة بالتجارة الخارجية مع إيران والمطلوبة للتحقيق إلى الشركتين الأميركيتين". وتابع: "بعد شهور من الفحص المستقل تبين أن البنك لم ينتهك العقوبات الأميركية الأساسية والثانوية على إيران".

وأشار ألبيرق إلى أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية ويطبق العقوبات الاقتصادية الأميركية، كان دائماً يتلقى بلاغات بالمعاملات التجارية بين بنك خلق وإيران.
وتوقع الوزير أن يخرج البنك من هذه القضية "نظيف اليدين تماما"، مضيفا: "لا نتوقع غرامة على بنك خلق... أي شيء بخلاف ذلك سيكون قرارا سياسيا محضا".

الخلاف مع واشنطن

وفي ما يتعلق بالخلاف الأوسع نطاقا بين تركيا والولايات المتحدة، قال ألبيرق إن واشنطن أوصلته إلى نقطة لا تفيد "الدولة ولا الشعب في الولايات المتحدة".

وكان خلاف حول احتجاز ومحاكمة القس الأميركي أندرو برانسون لاتهامات بالإرهاب والتجسس قد دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى فرض عقوبات على وزيرين تركيين ومضاعفة الرسوم الجمركية على واردات المعادن من تركيا، قبل أن تتخذ أنقرة إجراءات في المقابل.

توقعات المراقبين

ويتوقع أستاذ المصارف بجامعة ماردين التركية، مسلم طالاس، أن يتم تحريك سعر الفائدة، بما لا يقل عن 17% بحيث يتناسب مع معدل التضخم، وإلا لن تكون أسعار الفائدة مجدية.

وحول رأي العدالة والتنمية والرئيس التركي، بعدم رفع أسعار الفائدة، يقول طالاس لـ"العربي الجديد" برأيي لابد من تحريك أسعار الفائدة وإلا ستهرب الأموال من المصارف إلى الخارج أو المضاربات غير المجدية، وذلك سيزيد من تأزم الاقتصاد التركي، مشيراً إلى ضرورة تقليل تصريحات المسؤولين عن الليرة وعدم التدخل العلني على الأقل، بقرارات المصرف المركزي، حتى وإن تم تتبيع لرئيس الدولة مؤخرا بعد التحول للنظام الرئاسي.

وتوقع طالاس أن تحريك أسعار الفائدة سيُعدل من أسعار الليرة، ولكن ثمة أسباب أخرى، سياسية واقتصادية، منها جذور بالاقتصاد الحقيقي تم الاستثمار فيها ولم تزل موجودة، كالدين الخارجي وعجز الميزان التجاري.

ولفت في ختام تصريحه إلى أن الإجراءات الممكنة على المدى القصير هي الفائدة، إلى جانب ما قامت به الحكومة من إجراءات تقشفية، لكن لا بد من التفكير بالادخار المحلي، لأنه نقطة ضعف الاقتصاد التركي، وذلك عبر الاستثمار بزيادة الانتاجية والتفكير بالميزان التجاري والديون، أي إجراءات مالية عديدة، إضافة إلى الإجراء النقدي المرتقب الأسبوع المقبل.

المساهمون