ترجمة لوجه الله

24 يناير 2015
"درس التشريح" لـ نذير تنبولي / مصر
+ الخط -

لا نستطيع طرد انطباع مفاده بأن ثقافتنا العربية المعاصرة مالت إلى ترجمة رموز التيارات الأدبية والفكرية المعادية لها، وأنها - أي ثقافتنا العزيزة - أميَل إلى تكريس من هم أقرب إلى رؤية ومزاج ونظرة أعدائها التاريخيين (للأسف لدينا أعداء).

من يستعيد تاريخ الترجمة في القرن العشرين، سيما نصفه الثاني، سيعثر على أهوال؛ من حجم الإنتاج الاستشراقي الذي كثيراً ما صاغت الثقافة العربية مفاهيمها المؤسسة ورؤيتها لذاتها بناء عليه؛ وصولاً إلى آخر روائي غربي أو حتّى لاتيني "فائز" بـ"جائزة القدس" الصهيونية في الساعة التي تكون كتبه المترجمة معروضة على أرصفة مدن عربية فاقدة لزمام مصيرها.

(من هؤلاء المتصهين أوكتافيو باث وماريو بارغاس يوسا، ومن المفيد التذكير أن أول الموصومين بهذه "الجائزة" هو برتراند راسل عام 1963).

المسألة أبعد من هيمنة المركزية الغربية ووقوعنا في شباكها القيمية وانقطاعنا عن ثقافات ولغات جوارنا، وانقطاع هذا الجوار عنا كذلك، لأسباب شبيهة.

سياسات الترجمة ليست تحجرات أيديولوجية كما يزعم المعقَّمون من الأيديولوجيا، فجميع الثقافات الفاعلة لديها سياسات ترجمة تخدم وجودها ونظرتها إلى نفسها وتخدم علاقاتها مع العالم وسياساتها ومصالحها. أما ثقافتنا فيبدو أنها الوحيدة التي كانت، عبر مئة سنة، تترجم لوجه الله.

المساهمون