هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمغادرة منظمة التجارة العالمية، بعد قليل من إعلان إدارته إرجاء فرض رسوم جديدة على سلع الصين، اليوم الثلاثاء، تزامناً مع بدء سريان الحظر على "هواوي"، فيما سجلت أسعار النفط ارتفاعاً قوياً تجاوز 4% لخام برنت.
فقد قفزت أسعار النفط اليوم الثلاثاء، بعد أن قالت الولايات المتحدة إنها ستؤجل فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على بعض المنتجات الصينية، وهو ما أدى لانحسار المخاوف بشأن حرب تجارية عالمية والتي دفعت السوق إلى هبوط حاد في الأشهر القليلة الماضية، ومن بين تلك المنتجات الصينية أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف الخلوية.
وصعد سعر برميل عقود خام القياس العالمي مزيج برنت، عند التسوية، 4.66% إلى 61.3 دولاراً، فيما ارتفع برميل عقود الخام الأميركي 3.95% إلى 57.1 دولاراً، وفقا لبيانات "رويترز"، تزامناً مع تهديد ترامب بانسحاب الولايات المتحدة من منظمة التجارة في حال لم تتحسن شروط هذه المنظمة.
وصرّح ترامب وسط صيحات الابتهاج من حشد من العمال في مصنع في بنسلفانيا: "سنغادر إذا لزم الأمر... نعلم أنهم يؤذوننا منذ سنوات، ولن يحدث ذلك مرة أخرى".
وقبل مكاسبه اليوم الثلاثاء، كان برنت يجرى تداوله منخفضا أكثر من 20% منذ أن سجل أعلى مستوى له لعام 2019 في إبريل/ نيسان. وفي وقت سابق اليوم، هبطت علاوة برنت على الخام الأميركي إلى أدنى مستوى منذ مارس/ آذار 2018.
وزارة التجارة الصينية قالت في بيان إن مسؤولين تجاريين أميركيين وصينيين بارزين أجروا محادثات عبر الهاتف اليوم الثلاثاء، وصفها ترامب بأنها كانت "مثمرة للغاية"، مع تقديم الجانب الصيني احتجاجا قويا على فرض الولايات المتحدة رسوما جمركية على بضائع صينية إضافية بدءا من الشهر المقبل.
وصدر البيان في نفس الوقت تقريبا الذي قال فيه مكتب الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتهايزر إن واشنطن سترجئ فرض الرسوم الجديدة البالغة 10% على بعض المنتجات الصينية، بما في ذلك أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف الخلوية، فيما لم يشر البيان الصيني إلى هذا التأجيل المزمع.
نائب رئيس الوزراء الصيني، ليو خه، تحدث مع لايتهايزر ووزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين مساء الثلاثاء بتوقيت بكين، موضحاً أن الجانبين اتفقا "على الحديث مجددا عبر الهاتف في غضون أسبوعين"، فيما ذكر البيان أن وزير التجارة الصيني زونغ شان ومحافظ البنك المركزي يي جانغ شاركا أيضا في المحادثات عبر الهاتف.
ونشرت إدارة ترامب اليوم قائمة من 21 صفحة تتضمن مجموعة واسعة من البضائع الصينية التي يشملها قرار تأجيل فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 10% من أول سبتمبر/ أيلول إلى 15 ديسمبر/ كانون الأول. والمنتجات الواردة في القائمة تتراوح من السمك المجمد إلى الألعاب النارية والمعدات الرياضية وملابس ومستلزمات الأطفال الرضع.
وأعلن الرئيس ترامب في وقت سابق هذا الشهر أن واشنطن تخطط لفرض رسوم جمركية بنسبة 10% على الواردات الصينية المتبقية التي لا تخضع حاليا لرسوم أميركية وقيمتها 300 مليار دولار، منهيا بذلك هدنة تجارية استمرت شهرا.
ضربة جديدة لشركة "هواوي"
وقد بدأ رسميا اليوم الثلاثاء سريان حظر تفرضه واشنطن على المشتريات الحكومية للمعدات والخدمات من 5 شركات صينية بينها "هواوي"، وفقا لقرار نشر على موقع حكومي أميركي، بحيث يحظر على الهيئات الحكومية، وهي وزارة الدفاع وإدارة الخدمات العامة و"ناسا"، شراء المنتجات والخدمات من هذه الشركات، إضافة إلى حظر تمديد أو تجديد العقود ما لم تحصل على استثناء.
ويستهدف الحظر "هواوي" وشركة "زي.تي.إي" وشركات في مجال المراقبة بالفيديو وإنتاج معدات الاتصالات السلكية واللاسلكية، وهي "هيكفيجن" و"هيترا" و"داهوا تكنولوجي". لكن يمكن لرؤساء ومديري المؤسسات الأميركية عدم التقيد بالحظر مرة واحدة كل عامين، إنما سيتعين عليهم تفسير قرار الشراء أمام الكونغرس.
انخفاض الأسهم الأميركية
هذا وفتحت الأسهم الأميركية على انخفاض اليوم الثلاثاء، مقتدية بعزوف عالمي عن الأصول العالية المخاطر، في الوقت الذي يكابد فيه المستثمرون تأجج توترات جيوسياسية ومخاوف بشان حدوث ركود بسبب الحرب التجارية الطويلة الأمد بين الولايات المتحدة والصين.
وقال بنك أوف أميركا ميريل لينش في أحدث مسح شهري له إن المستثمرين قاموا بشراء السندات سعيا للأمان بأكبر وتيرة منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008، حيث يعزز تأجيج التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة احتمالات حدوث ركود.
المستثمرون ذكروا أن سندات الحكومة الأميركية كانت "الأكثر" تداولا للشهر الثالث على التوالي بينما يرون أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين هي الخطر الأكبر على الأسواق.
ودفع الطلب المرتفع على السندات العوائد إلى الانخفاض لأدنى مستوى في عدة سنوات في سائر الدول المتقدمة حيث سجل العائد على سندات الحكومة الألمانية، الملاذ الآمن التقليدي الأوروبي، مستويات جديدة متدنية على نحو قياسي.
وفي أوروبا، تعافت الأسهم من خسائرها الأولية لتنهي الجلسة على ارتفاع اليوم الثلاثاء، وجاءت أسهم قطاعات السلع الأولية والسيارات والتكنولوجيا في مقدمة الرابحين وهو ما ساعد المؤشر ستوكس 600 على أن يغلق مرتفعا 0.5% بعد أن تخلص من خسائر بلغت حوالى 0.8%.
ارتفاع الأسعار بالولايات المتحدة
على صعيد آخر، زادت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بصفة عامة في يوليو/ تموز، لكن الزيادة في التضخم لن تغير بشكل يذكر على الأرجح توقعات بأن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) سيخفض سعر الفائدة مجددا في الشهر المقبل في ظل تفاقم توترات تجارية.
وزارة العمل قالت اليوم الثلاثاء، إن مؤشرها لأسعار المستهلكين زاد 0.3% الشهر الماضي مدعوما بزيادات لتكلفة منتجات الطاقة ومجموعة من السلع الأخرى، حسبما قالت رويترز. وزاد مؤشر أسعار المستهلكين 0.1% لشهرين متعاقبين. وفي الاثني عشر شهرا حتى يوليو/ تموز زاد مؤشر أسعار المستهلكين 1.8% بعد ارتفاعه 1.6% في يونيو/ حزيران.