ترامب يصطدم بالقانون في قضية اللاجئين

30 يناير 2017
قرار ترامب أثار ردود فعل عارمة (زاك روبيرتس/Getty)
+ الخط -





تفاعلت قضية اللاجئين من بلدان إسلامية، في الولايات المتحدة، على نحو أثار الذعر من المخاطر الكبيرة التي ينطوي عليها تفرّد وتسرّع الرئيس دونالد ترامب، في اتخاذ القرارات ورسم السياسات.

قراره بمنع دخولهم إلى أميركا أثار ردود فعل عارمة، من جانب قوى وجهات وأوساط من مختلف ألوان الطيف السياسي، تراوحت بين الإدانة والتحذير والتعبير المتزايد عن الضيق والقلق من المتاعب الخطيرة التي قد يتسبب بها مثل هذا النوع من التهور غير المحسوبة تبعاته ومضاعفاته.

شمل ذلك الجمهوريين من مجلسي الشيوخ والنواب، وبالتحديد من الأخير المعروف عادة بتشدده. واللافت هذه المرة أنّ الاعتراض جاء أقرب إلى دق ناقوس الخطر، ليس بالضرورة من باب التعاطف مع اللاجئين، بل من باب التخوّف من المردود الذي قد ينعكس بصورة سلبية على "المواجهة مع الإرهاب"، كما على الوضع الأمني في الداخل الأميركي.

المفارقة أنّ هذه القوى المحافظة التي أغاظها إجراء ترامب، سبق لها أن ساهمت ومنذ ما قبل الحملة الانتخابية، في نفخ وشحن خطاب الإسلاموفوبيا في أميركا. لكنّ الأهم في موجة الاستنكار هذه أنّها أخذت شحنة دفع من القضاء.

هذه المرة اصطدم ترامب بالقانون، وهذا تطور جديد. المحكمة الفيدرالية في نيويورك سارعت إلى نقض أحد جوانب قرار المنع، حين قضت بالإفراج عن اللاجئ العراقي الذي جرى منعه من الدخول، فور وصوله إلى مطار كينيدي.

عدد آخر من اللاجئين غيره تعرّضوا لذات المعاملة، لدى وصولهم إلى عدة مطارات أميركية، كانوا على متن الطائرة في طريقهم إلى أميركا عندما وقّع ترامب القرار. الإيعاز بضرورة تنفيذ القرار فوراً، خلق حالة من الفوضى وقع القادمون ضحية لها، فالتنفيذ تضارب مع القانون، وثمة من يرى أنّ القرار يتعارض مع الدستور، وقد ترفع دعاوى أمام المحاكم المختصة، لنقضه. والمعلوم أنّ القرارات الرئاسية عرضة للنقض من جانب القضاء أو بقانون من الكونغرس، والذي لن يقدم على مثل هذه الخطوة لاعتبارات سياسية.

ولحين بدء المعارك القانونية المتوقع حصولها طالما بقي ترامب مصراً على تفرّده، تنطلق حالياً جملة تحرّكات ضاغطة لتطويق واستباق إجراءاته، الأهم فيها أنّها تأخذ طابع الاستنفار المدني.

أمس الأحد، انطلقت عدة تظاهرات في تسعة مطارات أميركية أو أكثر، للإفراج عن اللاجئين القادمين بصورة قانونية، والذين جرى منعهم من الدخول. إلى جانب ذلك، من المتوقع أن يتزايد نشاط الهيئات والمجموعات والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان، وبقضايا الهجرة والأقليات، باتجاه التصدّي للنزعات "الفاضحة" للإدارة، والتي لم يتقبلّها حتى بعض أنصار الرئيس في الكونغرس الذي تسوده أجواء عدم الارتياح والتبرّم، حتى في صفوف القيادات بالحزب الجمهوري. يرفد أجواء التحرك هذا، انضمام شريحة وازنة من الجسم الأكاديمي القانوني التي انبرى أصحابها للوقوف بوجه "انحراف" الرئيس الذي يتهمه البعض بأنّه يتصرّف كملك أو إمبراطور، متناسياً أنّه يرأس جمهورية.

بعض الجهات سعت إلى تسويغ قرار الرئيس وتحوير لونه العنصري، بزعم أنّه تدبير اقتضته الأولوية الأمنية. وحاول أركان البيت الأبيض مثل المستشارة كيليان كونواي، وكبير المسؤولين راينس بريباس، تقليل الخسائر، من خلال مقابلاتهم على شبكات التلفزة، لكن تسويغهم لم يصمد ولم تجد تنجح محاولات إزالة الصبغة الفئوية عن القرار.

توقيع ترامب على قرار المنع لم يكن مفاجئاً، فالشطط كان متوقعاً، لكن ما أثار الخشية أنّه إذا كانت البداية من هذا العيار فماذا سيكون عليه القادم من الأيام والأشهر والسنوات الأربع من ولايته، والتي يبدو أنّ كابوسها سيكون من الوزن الثقيل... وربما الكاسر.