21 فبراير 2018
ترامب يبيع الوهم للسعودية
حتى الأصم يسمع طبول الحرب التي تقرع في الخليج العربي، الذي لا تنتهي فيه حربٌ حتى تسلم المشعل إلى أخرى، لأن المنطقة تسودها الفوضى، ودولها ضعيفة، وثرواتها كبيرة، والقوى الكبرى تتحرّك فيها بلا قيد أو شرط، وكلها وصفات نموذجية للحروب والقلاقل والمؤامرات.
بعد تدمير العراق وسورية واليمن وليبيا، وإضعاف مصر، جاء الدور على السعودية التي يوهمها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بأنه حليف موثوق، وأنه يدعم مخططاتها للوقوف في وجه إيران، وتدمير حزب الله في لبنان، وقطع يد الحوثي في اليمن، وحصار قطر، وإعادة رسم ملامح الخريطة الجديدة للسلطة والثروة في المملكة.
سعودية آل سلمان مبتهجة هذه الأيام بالتحالف مع ترامب الذي يتصرف مثل تاجر، لا تهمه سوى حسابات الربح والخسارة المادية كل ليلة، ولا ينتبه إلى أنه يضعف أميركا على المديين، المتوسط والبعيد، بعزلها عن حلفائها الأوروبيين، وبنزع الطابع العقلاني والاستراتيجي عن إدارتها.
يستعمل الشاب محمد بن سلمان تأييد ترامب إلى أقصى حد، وبسرعة ملكٍ صاعدٍ بقوة إلى العرش. ليس لديه الوقت يضيعه، ويريد استغلال فترة حكمين قصيري المدى، الأول حكم والده، والثاني حكم ترامب. خلال عام فقط استثمر 460 مليار دولار في محفظة تاجر العقارات ترامب، وحصل على ضوء أخضر لحصار قطر، من أجل تطويعها والتحكم في سيادتها، وحصل على تأييد لمواصلة الحرب على اليمن، على الرغم من كلفتها الإنسانية العالية. والآن مر إلى تصفية حكم العائلة، وإلى حكم الملك المطلق الذي لا يخضع للتوازنات الموروثة لأقطاب عائلته، ولا لوصاية الوهابية التي ولدت مع نشوء الدولة السعودية. وها هو محمد بن سلمان يحضر لإعلان الحرب على إيران، والبداية بزعزعة استقرار لبنان.
المشكلة في تحالف آل سلمان مع ترامب أن الأخير بلا استراتيجية، وبلا عقيدة دبلوماسية، فهو يتصرّف في السياسة الخارجية تماما مثلما اعتاد أن يفعل في العقار، يلعب دور السمسار الذي يقبض حصته من الصفقة، ثم ينصرف إلى أخرى، من دون أن يتحمل أية مسؤولية أو عبء، سواء مع البائع أو مع المشتري، وكذلك يفعل اليوم مع السعودية والإمارات ومصر، وغيرها من الدول العربية، يبيع لهم حربا لا يريد أن يخوضها، ثم لا يلتفت إلا لعدد مناصب الشغل التي تُحدثها صفقاته في داخل أميركا، ولا يهتم بالباقي.
في عز حملة التطهير التي باشرها الشاب محمد بن سلمان ضد أعمامه وأبناء أسرته وكبار أغنياء المملكة الذين يعتبرون شركاء مع الحكم في كل المليارات التي راكموها، لم يتردّد ترامب في الإعلان صراحة عن الطلب من السعودية خصخصة شركة أرامكو في بورصة نيويورك العام المقبل، حتى يستفيد الاقتصاد الأميركي من أكبر عملية تحرير ستجرى في القرن الحالي، وتتمثل في بيع جزء من حصة الأجيال المقبلة من النفط النائم تحت الصحراء.
خاضت السعودية والإمارات، في ست سنوات، ثلاث حروب، بعضها علني وبعضها بالوكالة. الأولى الحرب ضد الربيع العربي الذي هب على المنطقة، وكان يحمل بوادر تحول ديمقراطي هادئ نسبيا، قبل إجهاضه وعسكرته. والثانية كانت في سورية بمشاركة قطر وتركيا والأردن والمغرب ضد جيش الأسد، في محاولةٍ لمعاقبته على ارتمائه في الحضن الإيراني، وقيادته محور ما كان يسمى الممانعة. الحرب الثالثة ضد اليمن، ودخلت السنة الثالثة. والآن، يجري التهيؤ لحربٍ رابعة ضد إيران وحزب الله في لبنان، برعاية أميركية وتخطيط إسرائيلي، فهل تحتمل هذه المنطقة كل هذه الحروب؟ وحتى وإن انتصرت السعودية فيها، وهذا مستبعد جدا، فالذي سيربح من كل الدمار الذي تخلفه الحروب هي أميركا وإسرائيل، ولا أحد غيرهما، مهما كانت الشعارات والدعايات وحملات غسل الأدمغة.. لقد جرّبت دول أوروبا العجوز كل أنواع الحروب، الدينية والمذهبية والقومية... ثم انتهت إلى أن الحرب لا رابح فيها. الكل خاسر. لذلك، ومنذ الحرب العالمية الثانية، جرى الاشتغال على تثبيت أسس سلام ورخاء وتعاون لا تتزعزع تحت خيمة الاتحاد الأوروبي الذي تقوده اليوم ألمانيا التي لا تتوفر على جيش، ولا حتى على عقيدة قتالية، لكنها تزن أضعاف دول أكثر قوة عسكرية منها. العالم يتغير ومفهوم القوة يتغير، لكن عرب الجاهلية مازالوا يردّدون مع الشاعر: السيف أصدق أنباء من الكتب.
بعد تدمير العراق وسورية واليمن وليبيا، وإضعاف مصر، جاء الدور على السعودية التي يوهمها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بأنه حليف موثوق، وأنه يدعم مخططاتها للوقوف في وجه إيران، وتدمير حزب الله في لبنان، وقطع يد الحوثي في اليمن، وحصار قطر، وإعادة رسم ملامح الخريطة الجديدة للسلطة والثروة في المملكة.
سعودية آل سلمان مبتهجة هذه الأيام بالتحالف مع ترامب الذي يتصرف مثل تاجر، لا تهمه سوى حسابات الربح والخسارة المادية كل ليلة، ولا ينتبه إلى أنه يضعف أميركا على المديين، المتوسط والبعيد، بعزلها عن حلفائها الأوروبيين، وبنزع الطابع العقلاني والاستراتيجي عن إدارتها.
يستعمل الشاب محمد بن سلمان تأييد ترامب إلى أقصى حد، وبسرعة ملكٍ صاعدٍ بقوة إلى العرش. ليس لديه الوقت يضيعه، ويريد استغلال فترة حكمين قصيري المدى، الأول حكم والده، والثاني حكم ترامب. خلال عام فقط استثمر 460 مليار دولار في محفظة تاجر العقارات ترامب، وحصل على ضوء أخضر لحصار قطر، من أجل تطويعها والتحكم في سيادتها، وحصل على تأييد لمواصلة الحرب على اليمن، على الرغم من كلفتها الإنسانية العالية. والآن مر إلى تصفية حكم العائلة، وإلى حكم الملك المطلق الذي لا يخضع للتوازنات الموروثة لأقطاب عائلته، ولا لوصاية الوهابية التي ولدت مع نشوء الدولة السعودية. وها هو محمد بن سلمان يحضر لإعلان الحرب على إيران، والبداية بزعزعة استقرار لبنان.
المشكلة في تحالف آل سلمان مع ترامب أن الأخير بلا استراتيجية، وبلا عقيدة دبلوماسية، فهو يتصرّف في السياسة الخارجية تماما مثلما اعتاد أن يفعل في العقار، يلعب دور السمسار الذي يقبض حصته من الصفقة، ثم ينصرف إلى أخرى، من دون أن يتحمل أية مسؤولية أو عبء، سواء مع البائع أو مع المشتري، وكذلك يفعل اليوم مع السعودية والإمارات ومصر، وغيرها من الدول العربية، يبيع لهم حربا لا يريد أن يخوضها، ثم لا يلتفت إلا لعدد مناصب الشغل التي تُحدثها صفقاته في داخل أميركا، ولا يهتم بالباقي.
في عز حملة التطهير التي باشرها الشاب محمد بن سلمان ضد أعمامه وأبناء أسرته وكبار أغنياء المملكة الذين يعتبرون شركاء مع الحكم في كل المليارات التي راكموها، لم يتردّد ترامب في الإعلان صراحة عن الطلب من السعودية خصخصة شركة أرامكو في بورصة نيويورك العام المقبل، حتى يستفيد الاقتصاد الأميركي من أكبر عملية تحرير ستجرى في القرن الحالي، وتتمثل في بيع جزء من حصة الأجيال المقبلة من النفط النائم تحت الصحراء.
خاضت السعودية والإمارات، في ست سنوات، ثلاث حروب، بعضها علني وبعضها بالوكالة. الأولى الحرب ضد الربيع العربي الذي هب على المنطقة، وكان يحمل بوادر تحول ديمقراطي هادئ نسبيا، قبل إجهاضه وعسكرته. والثانية كانت في سورية بمشاركة قطر وتركيا والأردن والمغرب ضد جيش الأسد، في محاولةٍ لمعاقبته على ارتمائه في الحضن الإيراني، وقيادته محور ما كان يسمى الممانعة. الحرب الثالثة ضد اليمن، ودخلت السنة الثالثة. والآن، يجري التهيؤ لحربٍ رابعة ضد إيران وحزب الله في لبنان، برعاية أميركية وتخطيط إسرائيلي، فهل تحتمل هذه المنطقة كل هذه الحروب؟ وحتى وإن انتصرت السعودية فيها، وهذا مستبعد جدا، فالذي سيربح من كل الدمار الذي تخلفه الحروب هي أميركا وإسرائيل، ولا أحد غيرهما، مهما كانت الشعارات والدعايات وحملات غسل الأدمغة.. لقد جرّبت دول أوروبا العجوز كل أنواع الحروب، الدينية والمذهبية والقومية... ثم انتهت إلى أن الحرب لا رابح فيها. الكل خاسر. لذلك، ومنذ الحرب العالمية الثانية، جرى الاشتغال على تثبيت أسس سلام ورخاء وتعاون لا تتزعزع تحت خيمة الاتحاد الأوروبي الذي تقوده اليوم ألمانيا التي لا تتوفر على جيش، ولا حتى على عقيدة قتالية، لكنها تزن أضعاف دول أكثر قوة عسكرية منها. العالم يتغير ومفهوم القوة يتغير، لكن عرب الجاهلية مازالوا يردّدون مع الشاعر: السيف أصدق أنباء من الكتب.