وخفض وزير المال المصري هاني قدري دميان، أمس الأربعاء توقعات بلاده المثقلة بالأعباء المالية للنمو الاقتصادي خلال السنة المالية 2013-2014 ليتراوح بين 2% و2.5% فقط.
وتقل أحدث أرقام للنمو المستهدف عن المستوى المعلن من قبل في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي وهو ما بين 3% و3.5% للسنة المالية 2013-2014 مما يسلط الضوء على المتاعب التي يواجها الاقتصاد.
وقال الدكتور مصطفى السعيد، وزير الاقتصاد الأسبق، إن تطور الأوضاع الأمنية نحو الأسوأ هو المسؤول الأول عن تراجع النمو المستهدف خلال العام الجاري.
وتابع في مقابلة هاتفية مع "العربي الجديد" "تدنت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة. لن يكون هناك استثمار بدون أمن. كما أن دخلنا السياحي تراجع للسبب ذاته".
وكان وزير الاستثمار المصري أسامة صالح قد قال إن الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي دخلت البلاد في النصف الأول من السنة المالية الحالية تراوحت بين مليارين و2.1 مليار دولار.
وتستهدف مصر جذب استثمارات مباشرة تتراوح بين 4 و5 مليارات دولار.
وفقدت مصر 41% من دخلها السياحي خلال العام الماضي 2013 حيث بلغت الإيرادات 5.9 مليارات دولار مقابل 10 مليارات دولار خلال 2012.
ويرى السعيد أن تباطؤ النمو يضرب الأوضاع الاجتماعية في مقتل كونه يؤثر في سوق العمل ويخفض من عرض الوظائف.
وسبق أن أشار الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الحكومي في يناير/ كانون الثاني الماضي، إلى ارتفاع نسبة البطالة في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2013، بعد 6 أشهر من تشكيل حكومة حازم الببلاوي الانتقالية، لتصل إلى 14.6%، بينما كانت في نهاية يونيو/حزيران من العام نفسه 13.2%.
وقال إلهامي الزيات، رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية، إن قطاع السياحة الأكبر خسارة على مدار السنوات الثلاث الماضية "إلا أنه الوحيد القادر على انتشال الاقتصاد المصري من كبوته إذا توفر الأمن".
وأخيراً، حذرت 7 دول من أكبر الدول التي ترفد مصر بالسياحة، على رأسها الولايات المتحدة وألمانيا، مواطنيها من السفر إلى مصر، بعد أيام من تفجير حافلة سياح بالقرب من منفذ طابا الحدودي مع إسرائيل (شمال شرق مصر)، وتهديد جماعة مسلحة تدعى "أنصار بيت المقدس"، والتي تبنت تفجير الحافلة، للسياح الموجودين في مصر بأنهم مستهدفون.
وقال خالد إكرام المدير السابق لإدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي لـ"العربي الجديد": "إن تباطؤ النمو يضاعف خطورة معدلات البطالة التي تزيد عن المعدلات الرسمية قطعاً وتصل إلى 25%. هذا يكبد الاقتصاد مزيداً من المعاناة".
وترى سلوى العنتري، الخبيرة الاقتصادية ورئيسة وحدة البحوث في البنك الأهلي المصري سابقاً، أن "على الحكومة في حال رغبتها بزيادة النمو، أن تتوقف عن دعم الطاقة وتوجّه تلك الأموال لاستثمارات جديدة".
ويُجمع وزراء الحكومة المصرية على ضرورة إصلاح نظام الدعم، لكن الوقود والغذاء يمثلان أمراً حساساً للغاية في أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، حيث أشعل قرار خفض دعم أسعار الخبز عام 1977 فتيل ثورة شعبية كادت أن تطيح الرئيس أنور السادات.
وتشير بيانات وزارة المال إلى أن مصر أنفقت نحو تريليون جنيه (144 مليار دولار) على دعم الطاقة خلال السنوات العشر الماضية.
ولا يفاقم الدعم، الذي تطبقه مصر منذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر قبل خمسة عقود، عجز الموازنة فحسب، وإنما يلتهم أغلب احتياطات العملة الصعبة، التي تمثل دائماً تحدياً كبيراً أمام الحكومات المتعاقبة على مصر، خصوصاً بعد ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011 عندما تراجع من 36 مليار دولار، إلى حدود 14.8 مليار دولار قبل أن يرتفع مجدداً بفضل مساعدات خليجية للنظام المدعوم من الجيش إلى 17.307 مليار دولار في نهاية فبراير/ شباط الماضي.
وقال وزير المال المصري أمس: إن "دعم الطاقة المدرج على الموازنة حالياً 130 مليار جنيه، وغير المدرج فعلياً لدى هيئة البترول المصرية يزيد هذا الرقم إلى 300 مليار جنيه".
وقالت العنتري، إن معدل النمو السكاني في مصر يبلغ 1.8% سنوياً، وهو يتجاوز الناتج الحقيقي للدخل، بما يعني المزيد من محدودية الدخل لدى الأفراد وتدهور الجانب المعيشي.
وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، ارتفاع معدل التضخم خلال فبراير/ شباط الماضي على أساس سنوي ليصل الى 10.2%.
وعزت العنتري ارتفاع مستوى التضخم إلى صدمات العرض.
وذكرت أن هناك اختناقات في عرض السلع جراء الممارسات الاحتكارية وفشل الدولة في القضاء على هذه الممارسات، ولاسيما في تجارة المواد الغذائية.