تدفّق جرى تعطيله

10 يونيو 2016
(من زخارف قصر الحمراء، تصوير: فريد دونر)
+ الخط -

باحتشام، لا يزال تاريخ الإسلام يُكتب. كلّما فتح أحدهم باباً من أبوابه، رمته النبال: سلفيّون وحداثيّون، سياسيّون وأكاديميّون، مُستشرقون ومُستغربون، وخاصّة وعامّة، حتى أن المجال باتت تحكمه عقد الخوف والتقية.

نكاد نتحسّر اليوم على زمن كانت فيه الأقلام متدفّقة وهي تكتب عن تاريخ الإسلام. يذهب المؤلّف بعفوية إلى أوراقه دون الدخول في دغل من الحسابات. ولعله من الصعب تخيّل أن يُنجَز مشروع روايات جرجي زيدان الإسلامية اليوم، ولا دراسات طه حسين أو موسوعة أحمد أمين.

صحيح أنها كتابات لم تعد تُشبع قارئ اليوم، لكنها على الأقل تخاطبه وترسم له مشهداً. للأسف، يتقدّم الزمن فتفصلنا عنها عقودٌ فتبدو عتيقة، لكنها تظل مرجعاً بلا بديل سوى العودة إلى كتب تراثية تفصلنا عنها قرون.

هكذا، توقّفنا عند تلك اللحظة، إلى أن أتى زمن محمد شحرور ونصر حامد أبو زيد ومحمد أركون وهشام جعيّط وغيرهم، ثم جاء تلاميذهم. بدوا حريصين على تحريك البِرْكة، غير أنهم بَدوْا معزولين في أبراج أكاديمية أو حادت بهم الضوضاء عن مشاريعهم، ولم تُتح لهم فرصة الجماهيرية بحال.

في المحصلة، يبدو التأريخ للإسلام مليئاً بالفراغات، التي تظلّ مفتوحة إلى أن يملأها أي شيء، ربما سرديات خفيفة أو استشراقية مُقزِّمة أو صهيونية مُعادية. وفي كلّ مرة تطرُد العملة الرديئة العملة الجيّدة، كما يقول قانون غريشام.


المساهمون